تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

الثاني: أنه لو كان قصد الشيخ بذلك صفة "الثقل" الواردة في المتن، في غير رواية عبد الله في "السنة" ()، فإنه لا يلزم من إثباتها التكييف، بل شأنها شأن سائر الصفات الواردة في النصوص، نثبتها من غير تمثيل ولا تعطيل، وتجري كلها على سنن ما قالوه في الاستواء وغيره:)) الكيف مجهول ((.

ونفي الصفات هرباً من التكييف، مذهب أهل التعطيل، لا مذهب أصحاب سواء السبيل.

وقد نقل الترمذي في جامعة [3/ 50 - 51] عن مالك وسفيان بن عيينة وابن المبارك أنهم قالوا في أحاديث الصفات:)) أمروها بلا كيف ((، وأن الجهمية أنكرت الروايات وقالوا:)) هذا تشبيه ((.

ونقل عن إسحاق بن راهويه قوله: إنما يكون التشبيه إذا قال: يد كيد أو مثل يد، أو سمع كسمع أو مثل سمع. وأما إذا قال كما قال الله تعالى: يد وسمع وبصر، ولا يقول كيف، ولا يقول مثل سمع ولا كسمع، فهذا لا يكون تشبيهاً.

قال سمير ونقول هنا أيضاً كما قال إسحاق، إنما يكون التشبيه والتكييف إذا قيل ثقل كثقل، أو جلوس كجلوس، أو إذا قيل: كيف يثقل؟ وكيف يجلس؟ وليس في الآثار السابقة شيء من ذلك.

وليس الجلوس والثقل بأعجب من النزول والمجيء واليد والرجل والضحك وسائر الصفات الثابتة في نصوص الكتاب والسنة.

ومما يجدر التنبيه إليه أن نفي السلف "الكيفية" عن صفات الله، المقصود به نفي علم الخلق بها والنهي عن السؤال عنها وقطع الطمع عن إدراكها، وهذا معنى قولهم:)) الكيف مجهول ((، لا أنهم ينفون أن يكون لها كيفية، الله أعلم بها.

فنفي العلم بها لا ينفي حقيقتها ووجودها، وإنما الذي نفاها بالكلية هم المعطلة نفاة الصفات.

[4]- ص 175 - 176 روى الإمام عبد الله أثراً من طريق عبد الله بن أبي سلمة قال: بعث عبد الله بن عمر إلى عبد الله بن عباس رضي الله عنهم يسأله: هل رأى محمد -صلى الله عليه وسلم- ربه؟ فبعث إليه أن نعم قد رآه. فرد رسوله إليه وقال: كيف رآه؟ فقال:)) رآه على كرسي من ذهب تحمله أربعة من الملائكة، ملك في صورة رجل، وملك في صورة أسد وملك في صورة ثور وملك في صورة نسر، في روضة خضراء دونه فراش من ذهب ((.

قال الشيخ معلقاً على هذا الأثر:)) قلت: هذا حديث ضعيف لا يحتج به خاصة في أمور العقيدة، ثم هو دخول في الكيفية، وهو على خلاف مذهب السلف الذي يقرر أن الكلام في كيفية الذات أو الصفات من الأمور البدعية ((.

قال سمير: وهذا جهل بعقيدة السلف، فقد أوردوا هذا الأثر وشواهد له تقويه واحتجوا به في الرد على الجهمية، وليس هذا دخولاً في الكيفية، ولا يظن بابن عمر رضي الله عنهما أن يسأل عن كيفية الذات أو الصفات، وإنما سؤاله عما عند ابن عباس رضي الله عنهما من زيادة علم في تفصيل الرؤية، فأجابه ابن عباس رضي الله عنهما بما عنده في ذلك، وليس في الأثر مما يتعلق بالصفات سوى قوله:)) رآه على كرسي ((وعلو الله تعالى على كرسيه وعرشه من العلم الضروري، وجلوسه على الكرسي ثابت أيضاً، كما تقدم.

وباقي الأثر ليس فيه إلا صفة الكرسي وحملته، ولا أظن الشيخ ينكر تكييفها!

ولا ينقضي العجب من إصرار الشيخ على انتقاده لأئمة السلف ولمزهم والطعن في مذهبهم بعبارات لا تليق وتكرار ذلك، كما مر من قبل، وكقوله هنا:)) هو دخول في الكيفية ((وقوله إن ذلك:)) من الأمور البدعية ((!

وهذه جرأة وإساءة في حق الأئمة، ما كان للقحطاني أن يقدم عليها، وهو من مشاهير الدعاة إلى مذهبهم.

وأعجب من ذلك تعلقه في نقده بعبارة:)) لأن هذا يخالف مذهب السلف ((! فمن هم هؤلاء السلف؟ أليس الإمام أحمد وابنه عبد الله والدارمي وابن خزيمة وابن أبي عاصم وابن مندة واللالكائي وابن تيمية وابن القيم وإخوانهم ممن صنفوا في الرد على الجهمية وتقرير مذهب أهل السنة، أليس هؤلاء وشيوخهم الذين نقلت عنهم تلك الآثار، من علماء، بل من أئمة السلف؟

أليست كتبهم ومصنفاتهم ومروياتهم هي المعبرة عن مذهب السلف والمقررة له؟

ويزداد العجب حين تعلم أن الكتاب الذي سود الشيخ حواشيه بعبارات النقد الجارحة، هو من أقدم المصنفات وأشهرها وأدقها في بيان عقيدة السلف، وحسبك أن مصنفه إمام ابن إمام، وأي إمام؟

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير