تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

فإن تعلل الشيخ، أو غيره، في نقدهم وإنكارهم لتلك المرويات، بضعفها وعدم ثبوتها، فالجواب عليه: أن هذه إن لم تثبت عندكم، فقد ثبتت عندهم، وهم أعلم بما يصح وما لا يصح، وما يصلح للاحتجاج به وما لا يصلح، وحسبكم التسليم، فهو أسلم.

ولننظر في إسناد هذا الأثر:

فقد رواه الإمام عبد الله من طريق يونس بن بكير عن ابن إسحاق قال: حدثني عبد الرحمن بن الحارث بن عبد الله بن عياش عن عبد الله بن أبي سلمة قال: بعث عبد الله بن عمر إلى ابن عباس يسأله ... فذكره.

قال الشيخ القحطاني: إسناده ضعيف وفيه انقطاع بين ابن سلمة وابن عباس. قال سمير: كذا قال، والصواب: ابن أبي سلمة وليس ابن سلمة.

وزعم الشيخ أن فيه انقطاعاً بينه وبين ابن عباس، فيه نظر، لأن ابن أبي سلمة، لو فرض أنه لم يلق ابن عباس ولم يسمع منه، فإنه قد سمع من ابن عمر، كما في التهذيب [5/ 243]. والقحطاني نفسه ذكر هذا في ترجمته لرواة السند، فقول ابن أبي سلمة:)) بعث ابن عمر إلى ابن عباس ((له حكم الاتصال، إلا في حالتين:

الأولى: أن يكون الراوي مدلساً.

الثانية: أن يجزم أو يترجح أن الراوي لم يعاصر الحدث أو القصة.

وهذا كله منتفٍ هنا، لأن ابن أبي سلمة لم يوصف بالتدليس، ولا يبعد حضوره لها وشهوده إياها.

نعم، قد أعل البيهقي هذا الأثر بالانقطاع، ونقل القحطاني ذلك فقال:)) أخرجه البيهقي في الأسماء والصفات وضعفه وبين الانقطاع الذي فيه ((ولعل الشيخ تعلق بقول البيهقي، فظن أن الانقطاع هو بين ابن أبي سلمة وابن عباس، وعبارة البيهقي محتملة فقد أخرجه في الأسماء والصفات [2/ 190] باب ما جاء في قول الله عز وجل: {ثم دنا فتدلى} وقال:)) هذا حديث تفرد به محمد بن إسحاق بن يسار، وقد مضى الكلام في ضعف ما يرويه إذا لم يبين سماعه فيه. وفي هذه الرواية انقطاع بين ابن عباس رضي الله عنهما وبين الراوي عنه ... ((.

فلعل مراده بالانقطاع بين ابن عباس والراوي عنه، جهالة الواسطة بينه وبين ابن عمر، ومثل هذا لا يعل به لأنه يبعد أن يرسل ابن عمر من لا يحتج به ولا يرتضيه، ثم قد يكون جواب ابن عباس كتاباً بعثه مع الرسول فلا حاجة لمعرفة حاله.

وأما تضعيف الأثر بابن إسحاق، فهذا سائغ في إسناد البيهقي، لأنه رواه بالعنعنة، لكنه صرح بالتحديث في رواية عبد الله بن أحمد، فما وجه تعلق الشيخ بكلام البيهقي في ابن إسحاق؟

وهذا الأثر رواه ابن خزيمة في التوحيد [1/ 483] والآجري في الشريعة [ص 494] من طريق محمد بن إسحاق، وصرح بالتحديث في رواية الآجري.

وإسناده حسن، ولمتنه شواهد:

فقد روى الإمام أحمد في المسند [1/ 256] والإمام عبد الله في السنة [2/ 503 - 504] والدارمي [2/ 296] وابن أبي عاصم في "السنة" [1/ 255] وابن خزيمة في التوحيد [1/ 203 - 205] والآجري في "الشريعة" [ص 495] والبيهقي في الأسماء والصفات [2/ 95] من طريق محمد بن إسحاق عن يعقوب بن عتبة عن عكرمة عن ابن عباس رضي الله عنهما أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- صدّق قول أمية بن أبي الصلت:

رجل وثور تحت رجل يمينه

والنسر للأخرى وليث مرصد

وذكر بيتين بعده.

قال ابن كثير في البداية والنهاية [1/ 12]:)) حديث صحيح الإسناد رجاله ثقات ((.

ووافقه أحمد شاكر على ذلك في شرح المسند [ح2314].

وقال الهيثمي في المجمع [8/ 127]:)) رجاله ثقات إلا أن ابن إسحاق مدلس ((.

ووافقه على ذلك الألباني، فأعله بعنعنة ابن إسحاق، ثم قال:)) أخرجه البيهقي عن أحمد بن عبد الجبار نا يونس بن بكير عن ابن إسحاق قال حدثني يعقوب بن عتبة .. فصرح بالتحديث ((.

قال:)) لكن أحمد هذا ضعيف في "التقريب"، ويونس بن بكير صدوق يخطئ ((.

قال سمير: لم ينفرد بذلك أحمد بن عبد الجبار، فقد تابعه محمد بن أبان البلخي عن يونس بن بكير قال: أخبرنا محمد بن إسحاق قال: حدثني يعقوب بن عتبة به.

رواه ابن خزيمة في التوحيد [1/ 205]. ومحمد بن أبان هذا ثقة. انظر التهذيب [9/ 3].

ولم ينفرد ابن بكير به، بل تابعه بكر بن سليمان عند الآجري في الشريعة، فرواه عن ابن إسحاق قال: حدثني يعقوب.

وبكر بن سليمان هو الأسواري، ذكره ابن حبان في الثقات [8/ 148] وقال الحافظ في اللسان [2/ 51] لا بأس به إن شاء الله.

وأما الراوي عنه فهو محمد بن عباد بن آدم، ذكره ابن حبان في الثقات [9/ 114] وقال: يغرب.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير