[9]- ص 507 روى الإمام عبد الله بإسناده عن مجاهد في تفسير قوله تعالى: {وإن له عندنا لزلفى وحسن مآب} أن الله تعالى يقول لداود عليه السلام أدنه حتى يأخذ بحقوه.
قال الشيخ معلقاً على الأثر، بعد أن حسن إسناده:)) لم أجد فيما اطلعت عليه من مصادر من تكلم في صفة الحقو)).
قال سمير: خفيت على الشيخ المصادر التي ذكرت صفة الحقو مع قربها ويسر الوقوف عليها، ولو لم يكن إلا الكتاب الذي بين يديه، وهو من أوثق المصادر السلفية، لكفاه.
كيف وقد جاء ذكر هذه الصفة في حديث أبي هريرة عند البخاري [8/ 579] مرفوعاً بلفظ:)) خلق الله الخلق، فلما فرغ منه قامت الرحم، فأخذت بحقو الرحمن ... ((الحديث.
وذكر ابن حجر في الفتح أن رواية الطبري جاءت بلفظ:)) حقوي الرحمن ((بالتثنية.
والكلام في صفة الحقو كالكلام في سائر الصفات، نمرها كما جاءت من غير تمثيل ولا تعطيل.
[10]- ص 175 روى الإمام عبد الله بإسناده عن عبد الله بن المبارك أنه قال:)) نعرف ربنا عز وجل فوق سبع سموات على العرش بائن من خلقه بحدٍّ، ولا نقول كما قالت الجهمية ها هنا، وأشار بيده إلى الأرض ((.
قال الشيخ معلقاً على كلمة "حد" [هذه العبارة لم أجدها في الكتب التي ذكرت هذا النص مثل كتب ابن تيمية كالحموية مثلاً، وابن القيم في "الجيوش" والذهبي في "العلو"، إلا الدارمي فإنه قد أوردها في رده على الجهمية، وعلق على ذلك محقق الكتاب بقوله:)) هذا يوهم إحاطة الملائكة بالله تبارك وتعالى. ومن المقطوع به لدى السلف والخلف أنه لا يحيط به تعالى شيء، بل إنه هو بكل شيء محيط، كما صرح به القرآن الكريم. ومراد ابن المبارك من جوابه واضح، وهو أن الله ليس حالاً في خلقه بل هو بائن منهم وهو حق بين ((.
وكذلك شارح الطحاوية أوردها ثم علق عليها بقوله:)) من المعلوم أن الحد يقال على ما ينفصل به الشيء ويتميز به عن غيره، والله تعالى غير حال في خلقه ولا قائم بهم، بل هو القيوم القائم بنفسه المقيم لما سواه، فالحد بهذا المعنى لا يجوز أن يكون فيه منازعة في نفس الأمر أصلاً، فإنه ليس وراء نفيه إلا نفي وجود الرب ونفي حقيقته، وأما الحد بمعنى العلم والقول وهو أن يحده العباد فهذا منتف بلا منازعة بين أهل السنة ((] اهـ.
قال سمير: أخطأ الشيخ في نقله لكلام "محقق كتاب الدارمي"، وهذا "المحقق" لم يحقق المسألة على الوجه المطلوب، والظاهر أنه لم يفهم كلام الإمام ابن المبارك فزعم أن إثبات الحد يوهم إحاطة الملائكة بالله تعالى، فاشتغل برده وتأويله. وكلام الإمام ابن أبي العز رحمه الله بخلافه، والقحطاني ظنه موافقاً للأول، وليس كذلك. وإليك التحقيق في المسألة.
فقد نقل شيخ الإسلام ابن تيمية، رحمه الله في "درء تعارض العقل والنقل" [1/ 255 - 257] قول الإمام أحمد رحمه الله:)) نحن نؤمن بأن الله على العرش كيف شاء وكما شاء بلا حدٍّ ولا صفة يبلغها واصف، أو يحده أحد ... وهو كما وصف نفسه، وليس من الله شيء محدود، ولا يبلغ علم قدرته أحد ((.
وقوله في موضع آخر:)) ولا يوصف الله بأكثر مما وصف به نفسه بلا حد ولا غاية، ليس كمثله شيء ((.
وقوله في موضع آخر:)) فحد لنفسه صفة ليس يشبهه شيء. فنعبد الله بصفاته غير محدودة ولا معلومة إلا بما وصف به نفسه ... فهو سميع بصير بلا حد ولا تقدير، ولا يبلغ الواصفون صفته، وصفاته منه وله ... وما وصف به نفسه من كلام ونزول، وخلوه بعبده يوم القيامة ووضعه كنفه عليه، هذا كله يدل على أن الله تبارك وتعالى يرى في الآخرة، والتحديد في هذا كله بدعة، والتسليم لله بأمره بغير صفة ولا حد، إلا ما وصف به نفسه ... وهو على العرش بلا حد كما قال تعالى: {ثم استوى على العرش} .. ولا نعلم كيف ذلك إلا بتصديق الرسول -صلى الله عليه وسلم- وبتثبيت القرآن، لا يصفه الواصفون، ولا يحده أحد، تعالى الله عما تقول الجهمية والمشبهة ((.
قال شيخ الإسلام في تعليقه على تلك الأقوال: [وقوله)) بلا حد ولا صفة يبلغها واصف أو يحده أحد ((، نفى به إحاطة علم الخلق به، وأن يحدوه أو يصفوه على ما هو عليه، إلا بما أخبر عن نفسه، ليبين أن عقول الخلق لا تحيط بصفاته، كما قال الشافعي في خطبة الرسالة:)) الحمد لله الذي هو كما وصف به نفسه، وفوق ما يصفه به خلقه ((. ولهذا قال أحمد:)) لا تدركه الأبصار بحد ولا غاية ((فنفى أن يدرك له حد أو غاية.
¥