قال سمير: أخطأ المعلق المذكور في ظنه، فليس هو حماد بن أبي حنيفة، بل ابن أبي سليمان، شيخ أبي حنيفة، وهو رأس مرجئة الفقهاء. وقد خالف في ذلك شيخه إبراهيم النخعي. وذكر المزي في التهذيب [25/ 180] رواية محمد بن ذكوان عن حماد بن أبي سليمان، فلا أرى وجهاً لهذا الوهم الذي وقع فيه، والله أعلم.
أما الشيخ القحطاني، فقد أخطأ في فهم النص وأساء إلى إمام من أئمة السلف، دون أن يشعر أو يقصد.
أما الخطأ فظاهر، وأما الإساءة، فلأن مقتضى كلام الشيخ أن يكون حماد بن زيد الإمام الثقة السلفي العقيدة، مرجئاً، وهذه بدعة عصم الله منها الإمام الجليل، كما عصم منها إخوانه من الأئمة الأعلام، كسفيان ووكيع والشافعي وأحمد والأوزاعي وأضرابهم.
ولو تأنى الشيخ، أصلحه الله، وقرأ النص مرتين وثلاثاً ... وعشراً، لاستبان له المعنى الحق، فحماد بن أبي سليمان معروف بالإرجاء، وقد أشار الشيخ في ترجمته له إلى ذلك في ص [184] ().
وجوابه هنا لابن ذكوان عن إبراهيم النخعي)) كان شاكاً مثلك ((أي كان يستثني في الإيمان فيقول:)) مؤمن إن شاء الله ((كما هو مذهب أئمة السلف، لأن الأعمال عندهم تدخل في مسمى الإيمان، وهو يزيد وينقص، فالجزم به جزم باستكمالها وقبولها عند الله، ومن ثم أرجعوا الأمر إلى الله تعالى، فيقولون: نحن لا ندري ما حالنا عند الله، أما عند أنفسنا فنحن جازمون مستيقنون بالعقد القلبي وبشهادة اللسان ومؤمنون بشرائع الإيمان.
وأما من لم يدخل الأعمال في الإيمان، ومن لم يقر بزيادته ونقصانه، فإنه يجزم بالإيمان ويعد الاستثناء فيه شكاً من قائله.
على أن بعض السلف لم ير بأساً في عدم الاستثناء، إذا أقر بدخول الأعمال في مسمى الإيمان، وبزيادته ونقصانه.
وقد قال الإمام عبد الله في "السنة" [ص307]: سألت أبي عن رجل يقول: الإيمان قول وعمل يزيد وينقص، ولكن لا يستثني، أمرجئ؟ قال:)) أرجو أن لا يكون مرجئاً ((.
وروى الإمام عبد الله في "السنة" [ص347] عن الليث بن خالد البلخي قال: سمعت حماد بن زيد، وسألنا عن رجل من بلادنا فعرفناه فقال:)) ما كان أجرأه، يقول: أنا مؤمن حقاً ألبتة، ويسمونا الشكاك، والله ما شككنا في ديننا قط، ولكن جاءت أشياء، أليس ذكر أن اليسير من الرياء شرك؟ فأينا لم يراء ((؟
وهذا الأثر المنقول عن حماد بن زيد يفسر الأثر الذي أساء الشيخ فهمه، وليس له عذر في ذلك الفهم، لأن حماد بن زيد يقول:)) حدثني محمد بن ذكوان ... قال قلت لحماد ... ((فهل يعقل أن يروي حماد عن شخص عن نفسه؟
تنبيه: محمد بن ذكوان هذا، هو الأزدي الطاحي، خال ولد حماد بن زيد، روى عنه شعبة وقال عنه:)) كان كخير الرجال ((ووثقه ابن معين، وضعفه الأكثرون منهم أبو حاتم والبخاري والنسائي والدارقطني. وأورد له ابن عدي أحاديث وقال:)) وله غير ما ذكرت، وعامة ما يرويه إفرادات وغرائب، ومع ضعفه يكتب حديثه ((. انظر التهذيب [9/ 156].
وقد اعتمد القحطاني على قول الحافظ في التقريب [5871])) ضعيف ((فضعف الأثر، وليس هذا بصواب في نقدي، لأن ضعفه إنما هو في الحديث، أما هنا فيبعد أن يغلط في هذا النقل، والله تعالى أعلم.
[7]-ص 356 - 357 ورد في الإسناد)) عبد الله بن عثمان بن خثيم عن نافع بن سرجس عن عبيد بن عمير ... ((.
قال الشيخ:)) نافع بن سرجس: مولى ابن عمر، فقيه مشهور ((.
قال سمير: وهذا من أوهام الشيخ، ولم يقل أحد قبله بمثل قوله فيما أعلم، لأن نافع بن سرجس هذا حجازي، مولى بني سباع، ترجمه في الجرح والتعديل [8/ 452] وذكر أنه روى عنه عبد الله بن عثمان بن خثيم.
وروى عن الإمام أحمد أنه قال لما سئل عنه:)) لا أعلم إلا خيراً ((. وذكره ابن حبان في الثقات [5/ 468] وقال:)) روى عنه عبد الله بن عثمان بن خثيم ((، وانظر تعجيل المنفعة [ص274].
أما نافع مولى ابن عمر فهو أبو عبد الله المدني روى عن ابن عمر وغيره من الصحابة رضي الله عنهم، وهو من الأئمة الأعلام ومن رؤوس حفاظ التابعين، متفق عليه.
[8]-ص 393 روى الإمام عبد الله بإسناده حديث ابن عباس:)) إن أول ما خلق الله عز وجل القلم ... ((.
خرجه الشيخ من مصادره، ثم قال:)) وأخرجه ابن أبي عاصم في "السنة" وقال: حديث صحيح رجاله كلهم ثقات ((.
قال سمير: أولاً: القائل)) حديث صحيح رجاله كلهم ثقات ((ليس ابن أبي عاصم، كما توهم العبارة، بل هو الألباني.
¥