تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

قال موسى بن عقبة عن الزهري: "كان كعب بن الأشرف اليهوديُّ ـ وهو أحَدُ بني النَّضِير، أو هو فيهم ـ قد آذى رسول الله e بالهجاء، وركب إلى قريش، فقدم عليهم، فاستعان بهم على رسول الله e؛ فقال أبو سفيان: أُنَاشِدُك أديننا أحبُّ إلى الله أم دين محمد وأصحابه؟ و أينا أهدى في رأيك وأقرَبُ إلى الحقِّ؟ فإنا نطعم الجَزُورَ الكَومَاء، ونسقي اللبن على الماء، ونطعم ما هَبَّتِ الشمال، قال ابن الأشرف: أنتم أهْدَى منهم سبيلاً، ثم خرج مُقْبِلاً حتى أجمع رأيُ المشركين على قتال رسول الله e مُعْلناً بعداوة رسول الله e وبهجائه، فقال رسول الله e:

" مَنْ لَنَا مِن ابنِ الأشرَفِ؟ فَقَد استَعْلَن بِعَدَاوَتِنَا وَهِجَائِنَا، وَقَد خَرَجَ إلَى قُرَيْشٍ فَأَجْمَعَهُم عَلَى قِتَالِنَا، وَقَد أَخْبَرَنِي اللهُ بِذَلِكَ، ثُمَّ قَدِمَ عَلَى أَخْبَثِ مَا كَانَ يَنْتَظِرُ قُرَيْشاً أَن تَقْدِمَ فَيُقَاتِلَنَا مَعَهُم"، ثم قرأ رسول الله صلى/ الله عليه وسلم [على المسلمين] ما نزل فيه ـ إن كان كذلك والله أعلم قال الله عز وجل: ـ) ألمْ تَرَ إلى الّذِينَ أُوْتُوا نَصِيِباً مِنَ الكِتَابِ (ـ إلى قوله: ـ) سَبيِْلاً (، وآيات معها فيه وفي قريش.

وذُكر لنا أن رسول الله e قال: "اللَّهُمَّ اكْفِنِي ابْنَ الأَشْرَفِ بِمَا شِئْتَ"، فقال له محمد بن مسلمة: أنا يا رسول الله أقتله، وذكر القصة في قتله إلى آخرها، ثم قال: "فقتل [الله] ابن الأشرف بعَدَاوَته لله ورسوله وهجائه إياه، وتأليبه عليه قريشاً، وإعلانه بذلك".

و قال محمد بن إسحاق: كان من حديث كعب بن الأشرفِ أنه لما أُصِيبَ أصحابُ بَدْرٍ وقَدِمَ زيد بن حارثة إلى أهل السَّافِلة و عبدالله بن رَوَاحة إلى أهل العالية بَشِيرَيْن، بعثهما رسول الله e إلى مَنْ بالمدينة من المسلمين بفتح الله تعالى عليه وقَتْل من قُتل من المشركين، كما حدثني عبدالله بن المغيث بن أبي بُرْدَة الظَّفرِي و عبدالله بن أبي بكر و عاصم بن عمر بن قتادة وصالح بن أبي أمامة بن سهل، كل واحدٍ قد حدثني بعض حديثه، قالوا: كان كعب بن الأشرف من بني طيء ثم أحد بني نَبْهَان، وكانت أمه من بني النَّضِير، فقال حين بلغه الخبر: أحقٌّ هذا؟ أترون أن محمداً قتل هؤلاء الذين سَمَّى هذان الرجلان؟ ـ يعني زيداً و عبدالله بن رَوَاحة ـ فهؤلاء أشرافُ العربِ وملوك الناس، والله لئن كان محمد أصاب هؤلاء القوم لَبَطْنُ الأَرْضِ خير ٌمن ظهرها، فلما تيقَّنَ عدُوُّ الله الخبرَ خرج حتى قدم مكة، [و] نزل على المُطَّلب بن أبي وَدَاعة السَّهْمِي وعنده عاتكة بنت أبي العيص بن أمية، فأنزلته وأكرمته، وجعل يُحَرِّضُ على رسول الله e ويُنْشِد الأشعار، ويبكي أصحابَ القَليب من قريش الذين أُصيبوا ببدر ـ و ذكر شعراً، وما رَدَّ عليه حسان بن ثابت وغيره ـ ثم رجع كعب بن الأشرف إلى المدينة يُشَبِّبُ بنساء المسلمين حتى آذاهم، فقال رسول الله e ـ كما حدثني عبدالله بن أبي المغيث ـ: "مَنْ لِي مِنْ ابنِ الأَشْرَفِ؟ " فقال محمد بن مسلمة: أنا لك به يا رسول الله، أنا أقتله، وذكر القصة.

وقال الواقدي: "حدثني عبد الحميد بن جعفر عن يزيد بن رومان مَعْمر عن الزهري عن ابن كعب بن مالك وإبراهيم بن جعفر عن أبيه عن جابر بن عبدالله، فكلٌّ قد حدثني منه بطائفة، فكان الذي اجتمعوا عليه قالوا: ابن الأشرف كان شاعراً، وكان يهجو النبي e وأصحابه، ويحرض عليهم كفار قريش في شعره، وكان رسول الله e قَدِمَ المدينة وأهلُها أخلاط منهم المسلمون الذين تجمعهم دعوةُ الإسلام فيهم الحَلْقَةِ والحُصُون ومنهم حُلفاء للحيَّين جميعاً الأوس والخزرج فأراد رسول الله e حين قدم المدينة استصلاحهم كلَّهم ومُوادعتهم، وكان الرجل يكاد يكون مسلماً وأبوه مشركاً، فكان المشركون واليهودُ من أهل المدينةِ يؤذون رسول الله e وأصحابه أذى شديداً، فأمر الله نبيه والمسلمين بالصبر على ذلك و العفو عنهم، وفيهم أنزل:) ولَتَسْمَعُنَّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَمِنَ الَّذِينَ أشْرَكُوا أَذىً كَثِيراً وإنْ تَصْبِرُوا وَتتَّقُوا فَإِنَّ ذَلِكَ مِنْ عَزْمِ الأُمُورِ (وفيهم أنزل الله:) وَدَّ كَثِيرٌ مِنْ أَهْلِ الكِتَابِ لَو يَرُدُّوكُمْ ( ... الآية.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير