تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

الحديث الخامس: ما روى عبدالله بن قُدَامة عن أبي بَرْزَة قال: أغلظ رجل لأبي بكر الصديق رضي الله عنه فقلت: أقتله؟ فانتهرني وقال: "ليس هذا لأحد بعد رسول الله e" رواه النسائي من حديث شعبة عن توبة العنبري عنه.

وفي رواية لأبي بكر عبدالعزيز بن جعفر الفقيه عن أبي برزة أن رجلاً شتم أبا بكر، فقلت: يا خليفة رسول الله، ألا أضرب عنقه؟ فقال: ويحك أو: ويلك ـ ما كانت لأحد بعد رسول الله e.

ورواه أبو داود في "سننه" بإسناد صحيح عن عبدالله بن مُطَرِّف [عن أبي برزة] قال: كنتُ عند أبي بكر رضي الله عنه، فتغيَّض على رجل فاشتد عليه، فقلت: تأذن لي يا خليفة رسول الله أضرب عنقه قال: فأذهَبتْ كلمتي غضبه، فقام فدخل، فأرسل إليَّ فقال: ما الذي قُلَتَ آنفاً؟ قلت: ائذن لي أضْرِبْ عنقه، قال: أكنت فاعلاً لو أمرتك؟ قلت: نعم، قال: لا، والله ما كانت لبشر بعد رسول الله e.

قال أبو داود في "مسائله": "سمعت أبا عبدالله يُسْأل عن حديث أبي بكر: "ما كانت لأحد بعد رسول الله e/ فقال: "لم يكن لأبي بكر أن يقتل رجلاً إلا بإحدى ثلاث" ـ (وفي رواية: بإحدى الثلاث التي قالها رسول الله e: كفر بعد إيمان، وزنىً بعد إحصان، وقتل نفس بغير نفس) ـ والنبي e كان له أن يَقتل".

وجه الدلالة من الحديث

وقد استدل به على جواز قتل ساب النبي e جماعات من العلماء، منهم أبو داود وإسماعيل بن إسحاق القاضي وأبو بكر عبدالعزيز و القاضي أبو يعلي وغيرهم من العلماء، وذلك لأن أبا برزة لما رأى الرجل قد شتم أبا بكر وأغلظ له حتى تغيظ أبو بكر استأذنه في أن يقتله لذلك، وأخبره أنه لو أمره لَقَتَله، فقال أبو بكر: ليس هذا لأحد بعد النبي e.

فعُلم أن النبي e كان له أن يقتل من سبه و من أغلظ له، وأن له أن يأمر بقتل مَنْ لا يعلم الناس منه سبباً يبيح دمه، وعلى الناس أن يطيعوه في ذلك؛ لأنه لا يأمر إلا بما أمر الله به، و لا يأمر بمعصية الله قط، بل من أطاعه فقد أطاع الله.

فقد تضمن الحديث خَصِيصَتَيْنِ لرسول الله e:

إحداهما: أنه يطاع في كل من أمر بقتله.

و الثانية: أنَّ له أن يَقْتُلَ من شتمه وأغلظ له.

و هذا المعنى الثاني الذي كان له باقٍ في حقه بعد موته؛ فكل من شتمه أو أغلظ في حقه كان قتله جائزاً، بل ذلك بعد موته أَوْكَدُ و أَوْكَد؛ لأن حُرْمَته بعد موته أكمل، و التساهل في عِرْضِه بعد موته غير ممكن.

وهذا الحديث يفيد أن سبه في الجملة يبيح القتل، ويستدل بعمومه على قتل الكافر والمسلم.

الدليل السادس قصة امرأة من خطمةَ كانت تهجو النبي

الحديث السادس: قصة العَصْماء بنت مروان، ما رُوي عن ابن عباس قال: هَجَتِ امرأة من خَطْمَةَ النبي e، فقال: "مَنْ لِي بِهَا؟ " فقال رجل من قومها: أنا يا رسول الله، فنهض فقتلها، فأخبر النبي e، فقال: "لاَ يَتنْتَطِحُ فِيْهَا عَنْزَانَ".

وقد ذكر بعض أصحاب المغازي وغيرهم قصتها مبسوطة.

قال الواقدي: "حدثني عبدالله بن الحارث بن الفضيل عن أبيه أن عَصْماءَ بنت مَرْوَان من بني أمية كانت تحت يزيد بن زيد ابن حِصْن الخَطْمِيِّ، وكانت تؤذي النبي e، وتعيب الإسلام وتحرض على النبي e، وقالت شعراً:

فَبِأْسْتِ بني مَالكٍ و النَّبِيتِ و عَوْفٍ، وبأْسْتِ بَني الخزْرجِ

أطعتم أتَاوِيَّ مِنْ غَيرِكُم فَلاَ مِنْ مُرَادٍ ولا مَذْحِجِ

تُرَجُّونَهُ بعد قَتلِ الرؤوسِ كما يُرْتَجَى مَرقُ المُنْضَجِ

قال عُمَيْر بن عدي الخطمي حين بلغه قولها وتحريضها: اللهم إن لك عليَّ نذراً لئن رددت رسول الله e إلى المدينة لأقتلنها، ورسول الله e يومئذٍ ببدر، فلما رجع النبي e من بدر جاءها عُمَيْر بن عدي في جوف الليل حتى دخل عليها في بيتها وحولها نفرٌ من ولدها نيام منهم من ترضعه في صدرها، فجسها بيده، فوجد الصبي ترضعه، فنحَّاه عنها، ثم وضع سيفه على صدرها حتى أنفذه من ظهرها، ثم خرج حتى صلى الصبح مع النبي e، فلما انصرف النبي e نظر إلى عمير فقال: "أقتلتَ بنت مروان؟ " قال: نعم، بأبي أنت يا رسول الله، وخشي عُمير أن يكون افتات على رسول الله e بقتلها، فقال هل عَلَيَّ في ذلك شيء يا رسول الله؟ قال: "لاَ يَنْتَطِحُ فِيْهَا عَنْزَانِ"؛ فإن أول ما سُمِعت هذه الكلمة من النبي رسول الله e، قال عمير: فالتفت النبي رسول الله e إلى مَنْ حوله فقال: "إِذَا أَحْبَبْتُمْ أَنْ تَنْظُرُوا

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير