تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

وقال محمد بن إسحاق في رواية ابن بُكير عنه: قال أبو عبيدة بن محمد بن عمار بن ياسر و عبدالله بن أبي بكر بن حَزْم: إن رسول الله e ـ حين دخل مكة، وفَرَّقَ جيوشه ـ أمرهم أن لا يقتلوا أحداً إلا من قاتلهم، إلا نفراً قد سماهم رسول الله e، وقال: "اقْتُلُوهُمْ وَإِنْ وَجَدْتُموهُمْ تَحْتَ أَسْتَارِ الكَعْبَةِ" عبدالله بن/ خطل، و عبدالله بن سعد ابن أبي سرح، وإنما أمر بابن أبي سرح لأنه كان قد أسلم، فكان يكتب لرسول الله e الوحي، فرجع مشركاً، ولحق بمكة، فكان يقول لهم: إني لأُصرِّفه كيف شئت، إنه ليأمرني أن أكتب له الشيء فأقول له: أو كذا وكذا؟ فيقول: نعم، وذلك أن رسول الله e كان يقول: "عليم حكيم" فيقول: أو أكتب عزيز حكيم؟ فيقول له رسول الله e: " نعم كلاهما سواء".

قال ابن إسحاق: حدثني شُرَحْبيل بن سعد أن فيه نزلت:) وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلى اللهِ كَذِباً أَوْ قالَ أُوْحِيَ إِلَيَّ وَلَمْ يُوْحَ إِلَيْهِ شَيءٌ وَمَنْ قَالَ سَأٌنزِلُ مِثْلَ مَا أَنْزَلَ الله (فلما دخل رسول الله e مكة فَرَّ إلى عثمان بن عفان ـ وكان أخاه من الرضاعة ـ فغيبه عنده حتى اطمأن أهل مكة، فأتى به رسول الله e، فاستَأْمَن له، فصمت رسول الله e طويلاً وهو واقف عليه، ثم قال: "نعم"، فانصرف به، فلما ولّى قال رسول الله e: " مَا صَمَتُّ إلاَّ رَجَاءَ أَنْ يَقُومَ إِلَيْهِ بَعْضُكُمْ فَيَقْتُلَهُ"، فقال رجلٌ من الأنصار: يا رسول الله ألا أومأت إليَّ فأقتله، فقال رسول الله e: " إِنَّ النَّبِيَّ لاَ يَقْتُلُ بِالإِشَارَةِ".

وقال ابن إسحاق في رواية إبراهيم بن سعد عنه: حدثني بعض علمائنا أن ابن أبي سرح رجع إلى قريش فقال: والله لو أشاء لقلت كما يقول محمد وجئت بمثل ما يأتي به، إنه ليقول الشيء وأصْرِفه إلى شيء، فيقول: أصَبْتَ، ففيه أنزل الله تعالى:) وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلى اللهِ كَذِباً أَوْ قالَ أُوْحِيَ إِلَيَّ وَلَمْ يُوْحَ إِلَيْهِ شَيءٌ (الآية. فلذلك أمر رسول الله e بقتله.

قال ابن إسحاق عن ابن أبي نَجِيح قال: كان رسول الله e قد عهد إلى أمرائه من المسلمين ـ حين أمرهم أن يدخلوا مكة ـ أن لا يقاتلوا إلا أحداً قاتلهم، إلا أنه قد عهد في نفر سماهم أمر بقتلهم وإن وُجِدوا تحت أستار الكعبة منهم عبدالله بن سعد بن أبي سرح، وإنما أمر رسول الله e بقتله لأنه كان أسلم وكان يكتب لرسول الله e/ الوحي؛ فارتد مشركاً راجعاً إلى قريش، فقال: والله إني لأصرفه حيث أريد، إنه ليملي عليَّ فأقول: أو كذا أو كذا؟ فيقول: نعم، وذلك أن رسول الله e كان يملي عليه فيقول: "عزيز حكيم" أو "حكيم عليم"، [فكان] يكتبها على أحد الحرفين، فيقول: "كلٌّ صواب".

وروينا في مغازي معمر عن الزهري في قصة الفتح قال: فدخل رسول الله e فأمر أصحابه بالكفِّ، وقال: "كُفُّوا السِّلاَح إِلاَّ خزاعة من بكر ساعة"، ثم أمرهم فكفوا، فأمن الناس كلهم إلا أربعة: ابن أبي سَرْح، وابن خَطَل، و مِقْيَس الكناني، وامرأة أخرى، ثم قال النبي e: " إِنِّي لَم أُحِرِّم مَكةَ ولكنَّ اللهَ حَرَّمَهَا، وَ إنها لَمْ تحلَّ لأَحَدٍ مِن قَبْلي، وَلا تحلُّ لأَحد بَعْدي إلَى يَومِ القيامةِ، وإنَّما أحلَّها الله [لِي] سَاعة مِن نَهَار" قال: ثم جاء عثمان بن عفان بابن أبي سرح فقال: بايعه يا رسول الله e، فأعرض عنه ثم جاءه من ناحيةٍ أخرى فقال: بايعه يا رسول الله e، فأعرض عنه، ثم جاءه أيضاً فقال: بايعه يا رسول الله e، فمد يده، فبايعه، فقال رسول الله e: " لقد أعرضت عنه، وإني لأظن بعضكم سيقتله" فقال رجل من الأنصار: فهلاَّ أومضت إليَّ يا رسول الله، فقال: "إن النبي لا يُومِضُ" فكأنه رآه غدراً.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير