تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

وفي مغازي موسى بن عقبة عن ابن شهاب قال: و أمرهم رسول الله e أن يكفوا أيديهم فلا يقاتلوا أحداً إلا من قاتلهم، وأمرهم بقتل أربعة منهم: عبدالله بن سعد بن أبي سرح والحُوَيْرِث بن نقيد وابن خَطَل ومقيس بن صبابة أحد بني ليث، وأمر بقتل قينتين لابن خطل تغنيان بهجاء رسول الله e، ثم قال: ويقال: أمر رسول الله e في قتل النفر أن يقتل عبدالله بن أبي سرح، وكان ارتد بعد الهجرة كافراً، فاختبأ حتى اطمأن الناس، ثم أقبل يريد أن يبايع رسول الله e، فأعرض عنه ليقوم رجلٌ من أصحابه فيقتله، فلم يقم إليه أحد، ولم يشعروا بالذي في نفس رسول الله e فقال أحدهم: لو أشرتَ إليَّ يا رسول الله ضربت عنقه، فقال: "إن النبي لا يفعل ذلك" ويقال: أجاره/ عثمان بن عفان وكان أخاه من الرضاعة وقتلت إحدى القينتين، و [كَمِنت] الأخرى حتى استؤمن لها وذكر محمد بن عائذ في مغازيه هذه القصة مثل ذلك.

وذكر الواقدي عن أشياخه قالوا: وكان عبدالله بن سعد بن أبي سرح يكتب لرسول الله e، فربما أملى عليه رسول الله e: " سميع عليم" فيكتب: "عليم حكيم" فيقرأه لرسول الله e فيقول: "كذاك قال الله"، ويقره، فافتتن وقال: ما يدري محمد ما يقوله، إني لأكتب له ما شئتُ، هذا الذي كتبت يوحى إليَّ كما يوحى إلى محمد، وخرج هارباً من المدينة إلى مكة مرتداً، فأهدر رسول الله e دمه يوم الفتح، فلما كان يومئذٍ جاء ابن أبي سرح إلى عثمان بن عفان ـ وكان أخاه من الرضاعة ـ فقال: يا أخي إني والله اخترتك، فاحبسني هاهنا واذهب إلى محمد فكلمه فيَّ، فإن محمداً إن رآني ضرب الذي فيه عيناي، إن جرمي أعظم الجرم، وقد جئت تائباً، فقال: عثمان بل اذهب معي، قال عبدالله: والله لئن رآني ليضربن عنقي، ولا يُنْظِرُني، قد أهدر دمي، وأصحابه يطلبوني في كل موضع، فقال عثمان: انطلق معي فلا يقتلك إن شاء الله، فلم يَرُعْ رسول الله e إلا بعثمان آخذاً بيد عبدالله بن سعد ابن أبي سرح واقفَين بين يديه، فأقبل عثمان على رسول الله e فقال: يا رسول الله، أُمُّه كانت تحملني وتمشيه، وتُرضعني وتفطِمُه، وكانت تلطفني وتتركه، فَهَبْه لي، فأعرض عنه رسول الله e، وجعل عثمان كلما أعرض عنه النبي e بوجهه استقبله فيعيد عليه هذا الكلام، وإنما أعرض النبي e إرادة أن يقوم رجل فيضرب عنقه؛ لأنه لم يُؤمِّنه، فلما رأى أن لا يقوم أحد وعثمان قد أَكَبَّ على رسول الله e يُقَبِّل رأسه وهو يقول: يا رسول الله بايعه فِداك أبي وأمي، فقال النبي e: " نعم"، ثم التفت إلى أصحابه فقال: "ما منعكم أن يقوم رجل منكم إلى هذا الكلب فيقتله"، أو قال: الفاسق، فقال عباد بن بشر: ألا أَوْمَأْت إليَّ يا رسول الله، فوالذي بعثك بالحق إني لأتبع طَرْفَكَ من كل ناحية رجاء أن تشير إليَّ فأضرب عنقه، ويقال: قال هذا أبو/ اليَسَر، ويقال: عمر بن الخطاب، فقال رسول الله e: " إني لاَ أَقْتُلُ بالإشَارَةِ".

وقائل يقول: إن النبي e قال يومئذٍ: "إِنَّ النَّبَِيَّ لا تَكُونُ لهُ خَائِنَةُ الأَعْيُن".

الإسلام يَجُب ما قبله

فبايعه رسول الله e، فجعل يفرّ من رسول الله e كلما رآه، فقال عثمان لرسول الله e: بأبي وأمي لو ترى ابن أم عبدالله يفر منك كلما رآك.

فتبسم رسول الله e فقال: "أَلَمْ أُبَايِعهُ وَ أومِنْهُ؟ " قال: بلى يا رسول الله، ولكنه يتذكر عظيم جُرْمِه في الإسلام.

فقال النبي e: " الإِسْلاَمُ يَجُبُّ مَا كَانَ قَبْلَهُ" فرجع عثمان إلى ابن أبي سرح فأخبره، فكان يأتي فيسلم على النبي e مع الناس.

وجه الدلالة في قصة أبي سرح

فوجه الدلالة أن عبدالله بن سعد بن أبي سرح افترى على النبي e أنه كان يُتَمِّم له الوحي ويكتب له ما يريد، فيوافقه عليه، و [أنه] يُصَرَّفه حيث شاء، وبغير ما أمره به من الوحي، فيُقرُّه على ذلك، و زعم أنه سينزل مثل ما انزل الله؛ إذ كان قد أوحي إليه في زعمه كما أوحي إلى رسول الله e، وهذا الطعن على رسول الله e وعلى كتابه، والافتراء عليه بما يوجب الريب في نبوته قدر زائد على مجرد الكفر [به] والردة في الدين، وهو من أنواع السبِّ.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير