تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

القول الثاني: أن النبي e قال له شيئاً، فروى الإمام أحمد وغيرُه من حديث حماد بن سَلَمَة أنا ثابت عن أنس أن رجلاً كان يكتُبُ لرسول الله e، فإذا أملى عليه "سميعاً عليماً" يقول: كتبت "سميعاً بصيراً" قال "دَعْهُ"، وإذا أملى عليه "عليماً حكيماً" كتب "عليماً حليماً" قال حماد: نحو ذا.

قال: وكان قد قرأ البقرة وآل عمران، وكان مَن قرأهما قد قَرَأ قرآناً كثيراً، فذهب فتنصَّرَ وقال: لقد كنت أكتب لمحمد ما شئت، فيقول: "دَعْه" فمات فَدُفِنَ فنَبَذَتْهُ الأرض مرتين أو ثلاثاً، قال أبو طلحة: فلقد رأيته منبوذاً فوق الأرض.

ورواه الإمام أحمد: حدثنا يزيد بن هارون حدثنا حُمَيْد عن أنس أن رجلاً كان يكتب لرسول الله e، وقد قرأ البقرة وآل عمران، وكان/ الرجل إذا قرأ البقرة وآل عمران جَدَّ فينا، يعني عَظُم، فكان النبيُّ e يُمْلي عليه: "غفوراً رحيماً" فيكتب: "عليماً حكيماً"، فيقول له النبي e: " اكتب كذا وكذا، اكتب كيف شئت"، ويُمْلي عليه: "عليماً حكيماً" فيكتب: "سميعاً بصيراً"، فيقول: "اكتب كيف شئت"، فارتدَّ ذلك الرجل عن الإسلام، فلحق بالمشركين، وقال: أنا أعلمكم بمحمدٍ إن كنت لأكْتُبُ ما شئت، فمات ذلك الرجل، فقال رسول الله e: " إِنَّ الأَرْضَ لا تَقْبَلُهُ" قال أنس: فحدثني أبو طَلْحَة أنه أتى الأرض التي مات فيها ذلك الرجلُ، فوجده مَنْبُوذاً، قال أبو طلحة: ما شأنُ هذا الرجلِ؟ قالوا: قد دَفَنَّاه مراراً فلم تقبله الأرض"، فهذا إسناد صحيح.

وقد قال مَن ذهب إلى القول الأول: علّل البزارُ حديثَ ثابت عن أنس، وقال: رواه عنه ولم يُتَابَعْ عليه، ورواه حُمَيْد عن أنس، قال: وأظن حميداً إنما سمعه من ثابت، قالوا: ثم إن أنساً لم يذكر أنه سمع النبي e أو شهده يقول ذلك، ولعله حكى ما سمع.

و في هذا الكلام تكلف ظاهر، والذي ذكرناه في حديث ابن إسحاق و الواقديِّ وغيرهما يوافق ظاهر هذه الرواية، وكذلك ذكر طائفة من أهل التفسير، وقد جاءت آثارٌ فيها بيانُ صفةِ الحالِ على هذا القول؛ ففي حديث ابن إسحاق: وذلك أن رسول الله e كان يقول: "عليم حكيم" فيقول: "أو أكتب عزيز حكيم؟ " فيقول له رسول الله e: " نَعَمْ، كِلاَهُمَا سَوَاء" وفي الرواية الأخرى: وذلك أن رسول الله e كان يُمْلي عليه فيقول: "عَزِيزٌ حَكِيمٌ" أو "حَكِيمٌ عَلِيمٌ" فكان يكتبها على أحد الحرفين، فيقول: "كُلٌّ صَوَاب".

ففي هذا بيان؛ لأن كلا الحرفين كان قد نزل، وأن النبي e كان يقرأهما ويقول له: "اكْتُبْ كَيْفَ شِئْتَ مِنْ هَذَينِ الحَرْفَينِ فَكُلٌّ صَوَاب" وقد جاء مصرحاً عن النبي e أنه قال: "أُنْزِلَ القُرْآنُ عَلَى سَبْعَةِ أًَحْرُفٍ، كُلُّهَا شَافٍ كَافٍ، إِن قُلْتَ: عَزِيز حَكِيم أو غَفُور رَحِيم فَهُوَ كَذَلِكَ، مَا لَم يُخْتَمْ آيةُ رَحْمَةٍ بِعَذَابٍ أَوْ آيةُ عَذَابٍ بِرَحْمَةٍ" وفي حرف جماعة من الصحابة:) إِنْ تُعَذِّبْهُم فَإِنَّهُمْ عِبَادُكَ وَإِنْ تَغْفِرْ لَهُمْ فَإِنَّكَ أَنْتَ الغَفُورُ الرَّحِيمُ (، والأحاديث في ذلك منتشرة تدلُّ على أن من/ الحروف السبعة التي نزل عليها القرآن أن تختم الآية الواحدة بعدة أسماء من أسماء الله على سبيل البدل يخير القارئ في القراءة بأيهما شاء، وكان النبي e يخيره أن يكتب ما شاء من تلك الحروف فيقول له: أو اكتب كذا وكذا؟ لكثرة ما سمع النبي e يخير بين الحرفين، فيقول له النبي e: " نعم كلاهما سواء"؛ لأن الآية نزلت بالحرفين، وربما كتب هو أحد الحرفين ثم قرأه على النبي e، فأقرَّه عليه؛ لأنه قد نزل كذلك أيضاً، وخَتْمُ الآي بمثل:) سميع عليم (و) عليم حكيم (و) غفور رحيم (أو بمثل:) سميع بصير (أو) عليم حكيم (أو) عليم حليم (كثيٌر في القرآن، وكان نزول الآية على عدة من هذه الحروف أمراً معتاداً ثم إن الله نسخ بعض تلك الحروف لما كان جبريل يُعارض النبي e بالقرآن في كل رمضان.

العرضة الأخيرة

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير