تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

وكانت العرضة الأخيرة هي حرف زيد بن ثابت الذي يقرأ الناس به اليوم، وهو الذي جَمَع عثمانُ والصحابة رضي الله عنهم أجمعين عليه الناس، و لهذا ذكر ابن عباس هذه القصة في الناسخ والمنسوخ، وكذلك ذكرها الإمام أحمد في كتابه في "الناسخ والمنسوخ"، لتضمنها نسخ بعض الحروف، وروي فيها وجه آخر رواه الإمام أحمد في "الناسخ والمنسوخ": حدثنا مسكين بن بُكير ثنا مُعان قال: وسمعت أبا خلفٍ يقول: كان ابن أبي سرح كتب للنبي e القرآن، فكان ربما سأل النبي e عن خواتم الآي) تعملون (و) تفعلون (ونحو ذا، فيقول له النبي e: " اكْتُبْ أَيُّ ذَلِكَ شِئْتَ" قال: فيوفِّقه الله للصواب من ذلك، فأتى أهل مكة مرتداً، فقالوا: يا ابن أبي سرح كيف كنت تكتب لبن أبي كبشة القرآن؟ قال: اكتبه كيف شئتُ، قال: فأنزل الله في ذلك:) وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ افْتَرَى عَلَى اللهِ كَذِباً أوْ قَالَ أُوْحِيَ إلَيَّ وَلَمْ يُوْحَ إلَيْه شَيء (الآية كلها.

قال النبي e يوم فتح مكة: "مَن أَخَذَ ابْنَ أَبِي سَرْحٍ فَلْيَضْرِبْ عُنُقَهُ حَيْثُمَا وُجِد، وَإِنْ كَانَ مُتَعَلِقاً بِأَسْتَارِ الكَعْبَةِ".

/ففي هذا الأثر أنه كان يسأل النبي e عن حرفين جائزين فيقول له: "اكْتُبْ أَيَّ ذَلِكَ شِئْتَ" فيوفقه الله للصواب، فيكتب أحب الحرفين إلى الله، إن كان كلاهما منزلاً، أو يكتب ما أنزله الله فقط إن لم يكن الآخر مُنْزَلاً، وكان هذا التخيير من النبي e إما توسعةً إن كان الله قد أنزلهما، أو ثقةً بحفظ الله وعلماً منه بأنه لا يكتب إلا ما أنزل وليس هذا ينكر في كتابٍ تولى الله حفظه وضمن أنه لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه.

وذكر بعضهم وجهاً ثالثاً، وهو أنه ربما كان يسمع النبي e يمله الآية حتى لم يبق منها إلا كلمة أو كلمتان، فيستدل بما قرأ منها على باقيها كما يفعله الفَطِن الذكي، فيكتبه ثم يقرأه على النبي e فيقول: "كَذَلِكَ أُنْزِلَتْ" كما اتفق مثل ذلك لعمر في قوله:) فَتَبَارَكَ اللهُ أحْسَنُ الخَالِقِيْنَ (.

وقد روى الكلبي عن أبي صالح عن ابن عباس مثل هذا في هذه القصة، وإن كان هذا الإسناد ليس بثقة، قال: عن ابن أبي سرح أنه كان تكلم بالإسلام، وكان يكتب لرسول الله e في بعض الأحايين، فإذا أملى عليه) عزيز حكيم (كتب) غفور رحيم (فيقول رسول الله e: " هذا وذاك سواء" فلما نزلت:) وَلَقَدْ خَلَقْنَا الإِنْسَانَ مِنْ سُلالَةٍ مِنْ طِيْن (أملاها عليه، فلما انتهى إلى قوله) خَلْقاً آخَرَ (عجب عبدالله بن سعد فقال:) تَبَارَكَ اللهُ أحْسَنُ الخَالِقِيْنَ (فقال رسول الله e: " كَذَا أُنْزِلَتْ عَلَيَّ، فَاكْتُبْهَا" فشك حينئذٍ و قال: لئن محمد صادقاً لقد أُوحي إليَّ كما أوحي إليه، ولئن كان كاذباً لقد قلت كما قال، فنزلت هذه الآية.

ومما ضُعِّفت به هذه الرواية أن المشهور أن الذي تكلم بهذا عمر بن الخطاب رضي الله عنه.

ومن الناس من قال قولاً آخر، قال: الذي ثبت في رواية أنس أَنَّهُ كان يعرض على النبي e ما كتبه بعدما كتبه فيُمْلي عليه) سميعاً عليماً (فيقول كتبت:) سميعاً بصيراً (فيقول: "دَعْهُ" أو "اكْتُبْ كَيْفَ شِئْتَ" وكذلك في حديث الواقدي أنه كان يقول: "كَذَاكَ الله" و يقره.

كان النبي في حاجة إلى من يكتب له

قالوا: وكان النبي e به حاجة إلى من يكتب؛ لقلة/ الكُتَّاب في الصحابة، وعدم حضور الكُتاب منهم في وقت الحاجة إليهم، فإن العرب كان الغالب عليهم الأمية حتى إن كان الجو العظيم يطلب فيه كاتب فلا يوجد، وكان أحدهم إذا أراد [كتابة وثيقة أو كتاب] وجد مشقة حتى يحصل له كاتب، فإذا اتفق للنبي e من يكتب انتهز الفرصة في كتابته، فإذا زاد كاتب أو نقص تركه لحرصه على كتابة ما يمليه، ولا يأمره بتغيير ذلك خوفاً من ضجره وأن يقطع الكتابة قبل إتمامها ثقة منه e بأن تلك الكلمة أو الكلمتين تستدرك فيما بعد بالإلقاء إلى من يتَلَقَّنُهُا منه أو بكتابتها تعويلاً على المحفوظ عنده وفي قلبه كما قال الله تعالى:) سَنُقْرِئُكَ فَلاَ تَنْسَى*إِلاَّ مَا شَاءَ اللهُ إِنَّهُ يَعْلَمُ الجَهْرَ وَمَا يَخْفَى (.

مصحف عثمان هو العرضة الأخيرة

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير