تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

قال الواقدي: وأقبل رسول الله e بالأسرى حتى إذا كانوا بعِرْق [الظّبْية] أمر عاصم بن ثابت بن أبي الأقلح أن يضرب عنق عقبة ابن أبي مُعَيْط ... فجعل عقبة يقول: يا ويلي علام أُقتل يا قريش مِن بين مَن هاهنا؟ قال رسول الله e: " لِعَدَاوَتِكَ للهِ وَرَسُولِه" قال: يا محمد مَنُّكَ أفضل، فاجعلني كرجلٍ من قومي، إن قتلتهم قتلتني، وإن مننت عليهم مننت عليَّ، وإن أخذت منهم الفداء كنتُ كأحدهم، يا محمد من للصِّبْيَة؟ قال رسول الله e: " النَّارُ، قَدِّمهُ يا عَاصِم فَاضْرِبْ عُنقَه" فَقَدَّمه عاصم فضرب عنقه، فقال رسول الله e: " بِئْسَ الرَّجُل كُنْتَ ـ والله ـ مَا علِمْتُ كَافِراً بِاللهِ وَبِكِتَابِهِ وَبِرَسُولِهِ، مُؤْذِياً لِنَبِيِّهِ، فَأَحْمدُ اللهَ الذِي هُوَ قَتَلَكَ وَأَقَرَّ عَيْنِي مِنْكَ".

وجه الدلالة من قصة النضر وعقبة

ففي هذا بيان أن السبب الذي أوجب قتل هذين الرجلين من بين سائر الأسرى أذاهم لله و لرسوله بالقول والفعل؛ فإن الآيات التي نزلت في النضر معروفة، وأذى ابن أبي مُعيْط له مشهور بلسانه ويده حين خنقه ـ بأبي هو وأمي ـ بردائه خنقاً شديداً يريد قتله، وحين ألقى السَّلا على ظهره وهو ساجد، وغير ذلك.

ومن ذلك أنه أمر بقتل مَن كان يهجوه بعد فتح مكة من قريش وسائر العرب، مثل كعب بن زهير وغيره.

قصة كعب ابن زهير بن أبي سلمى

قال الأموي: حدثني أبي قال: قال ابن إسحاق، وذكره يونس بن بكير والبَكَّائي وغيرهما عن ابن إسحاق قال: فلما قَدِم رسول الله e المدينة منصرفاً من الطائف كتب بُجَيْر بن زهير بن أبي سُلمى إلى أخيه كعب بن زهير يخبره أن رسول الله e كتب في قتل رجال بمكة ممن كان يهجوه ويؤذيه.

ولفظ يونس والبكائي: أَنَّ رسول الله e قد قتل رجالاً بمكة ممن كان يهجوه ويؤذيه، وأن من بقي من شعراء قريش ابن الزِّبَعْرى وهبيرة ابن أبي وهب قد هربوا في كل وجه، فإن كانت/ لك في نفسك حاجةٌ فَطِرْ إلى رسول الله e؛ فإنه لا يقتل أحداً جاءه تائباً، وإن أنت لم تفعل فانجُ إلى نجاتك من الأرض، وكان كعب قد قال أبياتاً نال فيها من رسول الله e حتى رويت وعُرفت، وكان الذي قال:

أَلاَ أَبْلِغَا عَنِّي بُجَيْراً رِسَالَةً فَهَلْ لَكَ فِيمَا قُلْتُ وَيْحَك هَل لَكَا

لِتُخْبِرَنِي إنْ كُنتَ لَسْتَ بِفَاعلٍ عَلَى أَيِّ شَيءٍ غَيْر ذَلِكَ دَلَّكَا

عَلَى خُلُقٍ لَم يَلْقَ يوماً أَباً لَهُ وَلاَ أَنْتَ لَمْ تَعْرِف عَلَيْه أَباً لَكَا

فَإِنْ أَنْتَ لَمْ تَفْعَل فَلَسْتُ بِآسِفٍ وَلاَ قَائِلٍ إِمَّا عَثَرتْ لَعاً لَكَا

سَقَاكَ بِهَا المَأْمُونُ كَأْساً رَوِيةً فَأنْهَلَكَ المَأمُونُ مِنْهَا وَ عَلَّكَا

و إنما قال [كعب]: "المأمون" لقول قريش لرسول الله e " الأمين" الذي كانت تقوله له.

فلما بلغ كعباً الكتاب ضاقت به الأرض، وأشفق على نفسه، وأَرْجَف به مَن كان في حاضره من عَدوه، فقالوا: هو مقتول، فلما لم يجد من شيء بُدّا قال قصيدة يمدح فيها رسول الله e، ويذكر فيها خوفه وإرجاف الوشاة به، ثم خرج حتى قدم المدينة، فنزل على رجل كانت بينه وبينه معرفة من جهينة كما ذكر لي، فغدا به على رسول الله e حين صلى الصبح، فلما صلى مع الناس أشار له إلى رسول الله e، فقال: هذا رسول الله فقم إليه، فذكر لنا أنه قام إلى رسول الله e فوضع يده في يده، وكان رسول الله e لا يعرفه، فقال: يا رسول الله إن كعب ابن زهير استأمن منك تائباً مسلماً، فهل أنت قابل منه إن أنا جئتك به؟ فقال رسول الله e: " نَعَمْ" قال: أنا يا رسول الله كعب بن زهير.

قال ابن إسحاق: فحدثني عاصم بن عمر أنه وَثَبَ عليه رجل من الأنصار فقال: يا رسول الله دعني وعدو الله أضرب عنقه، فقال رسول الله e: " َعْهُ عَنْكَ قَدْ جَاءَ تَائِباً نَازِعاً" قال: فغضب/ كعب على هذا الحي من الأنصار لما صنع به صاحبهم، وذلك أنه لم يتكلم فيه رجل من المهاجرين إلا بخير، فقال قصيدته المشهورة (بانت سعاد) وفيها:

أُنْبِئْتُ أَنَّ رَسُولَ اللهِ أَوْعدَنِي وَالعَفْوُ عِنْدَ رَسُولِ اللهِ مَأْمُولُ

مَهْلاً هَدَاكَ الَّذِي أَعْطَاكَ نَافِلَةَ الْـ ـقُرْآنِ فِيهِ مَوَاعِيظٌ و تَفْصِيْلُ

لاَ تَأْخُذَنِّي بِأَقْوَالِ الْوُشَاةِ وَلَمْ أُذْنِبْ، وَ لَوْ كَثُرَتْ فِيّ الأَقَاوِيلُ

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير