تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

تُوشِكُ الَْخيْلُ أنْ تَرَوْهَا نَهَاراً تَقْتُلُ القَوْمَ فِي حرامِ تِهَامِ

هَلْ كَرِيمٌ مِنْكُمْ لَهُ نَفْسُ حُرٍّ مَاجِدُ الْجَدَّتَيْنِ و الأَعْمَامِ

ضَارِباً ضَرْبَةً تَكُونُ نَكَالاً وَ رَوَاحاً مِنْ كُرْبَةٍ وَاغْتِنَامِ

قال ابن عباس: فأصبح هذا الشعر حديثاً لأهل مكة، يتناشدوه بينهم، فقال رسول الله e: " هَذَا شَيْطَانٌ يُكَلِّمُ النَّاسَ فِي الأَوثَان يُقَالُ لَهُ: مِسْعَر، وَاللهُ مُخْزِيهِ" فمكثوا ثلاثة أيام فإذا هاتف يهتف على الجبل يقول:

نَحْنُ قَتَلْنَا فِي ثَلاثٍ مِسْعَرَاً إِذْ سَفَّهَ الْحَقَّ وَسَنَّ الْمُنكَرَا

قَنَّعْتُُهُ سَيْفاً حُسَاماً مُبَتّراً بِشَتْمِهِ نَبِيِّنَا المُطَهَّرَا

فقال رسول الله e: " هَذَا عِفْرِيتٌ مِن الجِنَّ اسْمُه سَمْحَج، آمَنَ بِي، سَمَّيتُهُ عَبْدَاللهِ، أَخْبَرنِي أَنَّهُ فِي طَلَبِهِ مُنْذُ ثَلاَثَةِ أَيَّامٍ"، فقال علي: جزاه الله خيرا يا رسول الله.

وممن/ ذُكر أنه قتل لأجل أذى النبي e رافع بن أبي الحُقَيق اليهودي، وقصته معروفة مستفيضة عند العلماء، فنذكر منها موضع الدلالة.

عن البراء بن عازب قال: بعث رسول الله e إلى أبي رافع اليهودي رجالاً من الأنصار، وأَمَّرَ عليهم عبدالله بن عتيك، وكان أبو رافع يؤذي رسول الله e ويُعِين عليه، وكان في حصن له بأرض الحجاز، فلما دنوا منه ـ وقد غربت الشمس وراح الناس بِسَرْحِهِم ـ قال عبدالله لأصحابه: اجلسوا مكانكم فإني منطلق ومتلطف للبواب لعلِّي أن أدخل، فأقْبَلَ حتى دنا من الباب، ثم تَقَنَّع بثوبه كأنه يقضي حاجته وقد دخل الناس، فهتف به البواب يا عبدالله إن كنت تريد أن تدخل فادخل فإني أريد أن أغلق الباب، فدخلت فكَمَنْتُ، فلما دخل الناس أغلق الباب، ثم علَّق الأغاليق على وَدٍّ، قال: فقمت إلى الأقاليد فأخذتها ففتحت الباب، وكان أبو رافع يُسْمَر عنده، وكان في علالي له، فلما ذهب عنه أهل سَمَره صَعِدتُ إليه، فجعلت كلما فتحت باباً أغلقت عَلَيَّ من داخل. قلت: إنِ القوم نَذِرُوا بي لم يَخْلُصُوا إليَّ حتى أقتله، فانتهيت إليه، فإذا هو في بيت مظلم وسط عياله لا أدري أين هو من البيت، قلت: أبا رافع، قال: من هذا؟ فأهْوَيتُ نحو الصوت فأضربه ضربةً بالسيف و أنا دَهِش، فما أغنيت شيئاً، وصاح فخرجت من البيت، فأمْكُثُ غير بعيد ثم دخلت إليه فقلت: ما هذا الصوت يا أبا رافع؟ فقال: لأمِّكَ الويل، إنَّ رجُلاً في البيت ضربني قبلُ بالسيف، قال: فأضربه ضربةً أثْخَنَتْهُ، ولم أقتله، ثم وضعت ضَبيبَ السيف في بَطنه حتى أخذ في ظهره، فعرفت أني قتلته، فجعلت أفتح الأبواب باباً بَاباً، حتى انتهيت إلى درجةٍ له فوضعت رجْلي وأنا أرى أنْ قد انتهيت إلى الأرض، فوقعت في ليلة مُقْمِرة، فانكسرت ساقي، فعصبتها بعمامة، ثم انطلقتُ حتى جلست على الباب فقلت: لا أخْرُجُ الليلة حتى أعلم أقتلته، فلما صاح الديك/ قام الناعي على السور. فقال: أنْعِي أبا رافع تاجرَ أهل الحجاز، فانطلقت إلى أصحابي فقلت: النَّجاءَ، قد قَتَلَ الله أبا رافع، فانتهيت إلى النبي e فحدثته فقال: "ابْسُطْ رِجْلَكَ"، فبسطت رجلي، فمسحها، فكأنما لم أشتكها قط، رواه البخاري في "صحيحه".

وقال ابن إسحاق: حدثني الزهري عن عبدالله بن كعب بن مالك قال: مما صنع الله لرسوله e أن هذين الحيين من الأنصار الأوس والخزرج كانا يَتَصَاوَلاَن معه تَصَاوُل الفَحْلَين، لا يصنع أحدهما شيئاً إلا صنع الآخر مثله، يقولون: لا يَعُدُّون ذلك فضلاً علينا في الإسلام وعند رسول الله e، فلما قتل الأوس كعب بن الأشرف تذكَّرَت الخزرج رجلاً هو في العداوة لرسول الله e مثله فتذاكروا ابن أبي الحُقيق بخيبر، فاستأذنوا رسول الله e في تقله، فأذن لهم، وذكر الحديث إلى أن قال: ثم صعدوا إليه في عُلّيةٍ له، فقرعوا عليه الباب، فخرجت إليهم امرأته، فقالت من أنتم؟ فقالوا: حيٌّ من العرب نريد المِيْرَة ففتحت لهم، فقالت: ذاكم الرجل عندكم في البيت، وذكر تمام الحديث في قتله.

فقد تبين في حديث البراء و ابن كعب إنما تسرى المسلمون لقتله بإذن النبي e لأذاه للنبي e ومعاداته له.

وأنه كان نظير ابن الأشرف، لكن ابن الأشرف كان معاهداً فآذى الله ورسوله فندب المسلمين إلى قتله، وهذا لم يكن معاهداً.

دلالة هذه الأحاديث

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير