تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

أو ليتبين لهم وَجْهُ ذلك إذا ذُكر، ويزدادوا علماً وإيماناً، وينفتح لهم طريقُ التفقه فيه.

مراجعة الحباب بن المنذر

فالأول كمراجعة الحُباب بن المنذِرِ له لما نزل ببدر منزلاً، فقال: يا رسول الله أرأيت هذا المنزل الذي نزلته، أهو منزل أنْزَلَكَهُ الله فليس لنا أن نتعداه أم هو الرأي والحرب والمكيدةُ؟ فقال: "بل هو الرأيُ والحربُ والمَكِيدة" فقال: إن هذا ليس بمنزل قتالٍ، فقبل رسول الله e رأيه، وتحوَّلَ إلى غيره.

مراجعة سعد ابن معاذ

وكذلك أيضاً لما عزم على أن يصالح غطفان عام الخندق على نصف تمر المدينة، ثم جاء سعدُ بن مُعَاذٍ في طائفة من الأنصار فقال: يا نبي الله، بأبي أنت وأمي! هذا الذي تعطيهم أشيء من الله أمرك فسمعٌ وطاعةٌ لله و لرسوله أم شيء من قبل رأيك؟ قال: "لاَ، بَلْ مِنْ قِبَلِ رَأْيي، إنِّي رَأيْتُ القَوْمَ أَعَطَوا الأَمْوَالَ فَجَمعُوا لَكُمْ ما رأيتم مِنَ القَبَائِلِ، وَإِنَّما أَنْتُم قَبِيلٌ واحِدٌ، فأرَدْتُ أَنْ أَدْفَعَ بَعْضَهُمْ ونُعْطِيهمْ شيئاً ونَنْصب لِبَعْضٍ، أَشْتَرِي بِذَلِكَ مَا قَدْ نَزَلَ بِكُمْ مَعْشَرَ الأَنْصَارِ" فقال سعد: والله يا رسول الله لقد كُنَّا في الشِّرْك وما يطمعون منا في أخذ النصف، أو كما قال، وفي رواية: ما يأكلون منها تمرة إلا بشرى أو قرى، فكيف اليوم والله معنا وأنت بين أظهرنا، لا نعطيهم ولا كرامة لهم، ثم تناول الصحيفة فتفل فيها، ثم رمى بها.

وما كان من قبل الرأي والظن في/ الدنيا فقد قال e لما قال عن التلقيح: "مَا أظُنُّ يُغْنِي ذَلِكَ شَيْئاً، إِنَّمَا ظَنَنْتُ، فَلاَ تُؤاخِذُونِي بِالظَّنِّ، وَلَكِنْ إِذَا حَدَّثتُكُمْ عَنِ اللهِ بِشَيءٍ فَخُذُوا بِهِ، فَإِنِّي لَنْ أَكْذِبَ عَلَى اللهِ" رواه مسلم.

وفي حديث آخر: "أَنْتُم أَعْلَم بِأَمْرِ دُنْيَاكُمْ، فَمَا كَانَ مِن أَمْرِ دِينِكُمْ فَإِليَّ".

مراجعة سعد ابن أبي وقاص

ومن هذا الباب حديث سعد بن أبي وقاص قال: أعطى رسول الله e رهطاً وأنا جالس، فترك رجلاً منهم هو أعجبهم إلي فقمت فقلت [له]: يا رسول الله أعطيت فلاناً و فلاناً، وتركت فلاناً وهو مؤمن، فقال: "أو مُسْلم" ذكر ذلك سعدٌ له ثلاثاً، وأجابه بمثل ذلك، ثم قال: "إِنَّي لأُعْطِي الرَّجُلَ وغَيْرُهُ أحَبَّ إليَّ مِنهُ خَشْيَةَ أَنْ يُكَبَّ في النَّارِ عَلَى وَجْهِه" متفق عليه.

فإنما سأله سعد رضي الله عنه ليُذَكِّرَ النبي e بذلك الرجل لعله يرى أنه ممن ينبغي إعطاؤه، أو ليتبيَّنَ لسعد وَجْهُ تركه مع إعطاء مَن هو دونه، فأجابه النبي e عن المُقَدِّمتين، فقال: إن العطاء ليس لمجرد الإيمان، بل أعطى وأمنع والذي أتركه أحب إليّ من الذي أعطيه؛ لأن الذي أعطيه لو لم أعْطِه لكفر، فأعطيه لأحْفَظَ عليه إيمانه، ولا أدخله في زُمْرَة مَن يعبد الله على حَرْف، والذي أمنعه معه من اليقين والإيمانِ ما يُغنيه عن الدنيا، وهو أحَبُّ إليَّ وعندي أفضل، وهو يعتصم بحَبْلِ الله ورسوله، ويُعْتَاضُ بنصيبه من الدين عن نصيبه من الدنيا، كما اعتاض به أبو بكر وغيره، وكما اعتاضت الأنصارُ حين ذهب الطُّلقَاء وأهل نجد بالشاة والبعير، وانطلقوا هم برسول الله e، ثم لو كان العطاء لمجرد الإيمان فمن أين لك أن هذا مؤمن؟ بل يجوز أن يكون مسلماً، وإن لم يدخل الإيمان في قلبه؛ فإن النبي e أعلم من سعد بتمييز المؤمن من غيره حيث أمكن التمييز.

مراجعة بعض الصحابة في إعطاء المؤلفة قلوبهم

ومن ذلك أيضاً ما ذكره ابن إسحاق عن محمد بن إبراهيم بن الحارث أن قائلاً قال: يا رسول الله أعطيتَ عُيَيْنة بن حصن والأقرع بن حابس مائةً من الإبل مائةً من الإبل، و تركت/ جُعَيل بن سُرَاقة الضَّمْري، فقال رسول الله e: " أَمَا وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَجُعَيْلُ بنُ سُرَاقَةَ خَيْرٌ مِنْ طِلاَعِ الأَرْضِ كُلّها مِثْل عُيَيْنَة وَالأَقْرَع، ولكني تَألَّفْتُهُما عَلَى إِسْلاَمِهِمَا، وَوَكَلْتُ جُعَيْل بنَ سُرَاقَةَ إِلى إِسْلاَمِهِ".

وقد ذكر بعض أهل المغازي في حديث الأنصار: وَدِدْنا أن نعلم من أين هذا، إن كان من قِبل الله صبرنا، وإن كان من رأي رسول الله استعتبناه.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير