تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

وعن الزهري عن أبي سلمة عن أبي سعيد قال: بينا النبي e يَقْسم جاء عبدالله بن ذي الخويصرة التميمي فقال: اعدل يا رسول الله، قال: "وَيْلَكَ! مَنْ يَعْدِلُ إِذَا لَمْ أَعْدِلْ؟ "، قال عمر بن الخطاب: دعني أضرب عنقه، قال: "دَعْهُ فَإِنَّ لَهُ أَصْحَاباً يَحْقِرُ أَحَدُكُمْ صَلاَتَهُ مَعَ صَلاَتِهِمْ وَصِيَامَهُ مَعَ صِيَامِهِمْ، يَمْرُقُونَ مِنَ الدِّينِ كَمَا يَمْرُقُ السَّهْمُ مِنَ الرَّمِيَّةِ"، ـ وذكر الحديث إلى أن قال ـ: وفيه نزلت:) وَمِنْهُم مَّن يَلْمِزُكَ فِي الصَّدَقَاتِ (.

هكذا رواه البخاري وغيره من حديث مَعْمَر عن الزهري، وأخرجاه في "الصحيحين" من وجوه أخرى عن الزهري عن أبي سلمة والضحاك الهمداني عن أبي سعيد قال: بينا نحن جلوس عند النبي e وهو يقسم قسماً أتاه ذو الخويصرة ـ وهو رجل من بن تميم ـ فقال: يا رسول الله اعدل، فقال رسول الله e: " وَيْلَكَ! مَنْ يَعْدِل إِذَا لَمْ أَعْدِلْ؟ قَدْ خِبْتَ وَخَسِرْتَ إِنْ لَمْ أَعْدِلْ"، فقال عمر بن الخطاب رضي الله عنه: ائذن لي فيه أضرب عنقه، فقال رسول الله e: " دَعْهُ فَإِنَّ لَهُ أَصْحَاباً يَحْقِرُ أَحَدُكُمْ صَلاَتَهُ مَعَ صَلاَتِهِمْ وَصِيَامَهُ مَعَ صِيَامِهِمْ" وذكر حديث الخوارج المشهور، ولم يذكر نزول الآية.

وتسميته ذو الخويصرة هو المشهور في عامة الأحاديث، كما رواه عامة أصحاب الزهري عنه، والأشبه أن ما انفرد به معمر وَهْمٌ منه، فإن له مثل ذلك، وقد ذكروا أن اسمه حُرقوص بن زهير.

وفي "الصحيحين" أيضاً من حديث عبد الرحمن بن أبي نُعْم عن أبي سعيد قال: بعث عَلِيٌّ رضي الله عنه/ وهو باليمن إلى النبي e بذُهَيْبةٍ في تربتها فقسمها بين أربعة نفر، ـ وفيه ـ: فغضبت قريش والأنصار، وقالوا: يعطيه صناديد أهل نجد ويَدَعُنا، فقال: إنما أتألّفهم، فأقبل رجل غائر العينين ناتىءُ الجبين كثُّ اللحية مُشْرِفُ الوَجْنَتَيْنِ محلوق الرأس فقال: يا محمد اتق الله، قال: "فَمَنْ يُطع الله إذَا عَصَيْتُه؟ أفيأمَنُنِي عَلَى أَهْلَ الأَرْضِ وَلاَ تَأْمَنُونِي" فسأل رجل من القوم قَتْلَه، أراه خالد بن الوليد، فمنعه، فلما ولى قال: "إِنَّّ مِن ضِئْضِىءِ هَذَا قَوْماً يَقْرَؤُونَ القُرْآنَ لاَ يُجَاوِزُ حَنَاجِرَهَمْ" وذكر الحديث في صفة الخوارج وفي آخره: "يَقْتُلُونَ أَهْلَ الإِسْلاَمِ، وَيَدَعُونَ أَهْلَ الأَوْثَانِ، لَئِنْ أَدْرَكْتُهُمْ لأَقْتُلَنَّهُمْ قَتْلَ عَادٍ".

وفي رواية لمسلم: "أَلاَ تَأْمَنُونِي وَأَنَا أَمِينُ مَن فِي السَّمَاءِ، يَأْتِيْنِي خَبَر السَّمَاءِ صَبَاحاً وَمَسَاء" وفيها فقال: يا رسول الله اتق الله، فقال النبي e: " وَيْلَكَ! أَوَ لَسْتُ أَحَقَّ أَهْلِ الأَرْضِ أن يَتَّقِي الله؟ " قال: ثم ولَّى الرجل، فقال خالد بن الوليد: يا رسول الله ألا أضرب عنقه؟ فقال: "لاَ، لَعَلَّهُ أَنْ يَكُونَ يُصَلِّي"، قال خالد: وكم من مصلٍّ يقول بلسانه ما ليس في قلبه؟ فقال رسول الله e: " إِنِّي لَمْ أُومَر أَن أَنْقُبَ عَنْ قُلُوبِ النَّاسِ وَلاَ أَشُقَّ بُطُونَهُمْ".

وفي رواية في الصحيح: فقام إليه عمر بن الخطاب فقال: يا رسول الله، ألا أضرب عنقه؟ قال: "لا"، فقام إليه خالد سيف الله فقال: يا رسول الله ألا أضرب عنقه؟ قال: "لا".

فهذا الرجل قد نص القرآن أنه من المنافقين بقوله:) وَمِنْهُمْ مَن يَلْمِزُكَ فِي الصَّدَقَاتِ (، أي: يعيبك ويطعن عليك، وقوله للنبي e: اعدل، واتق الله، ولهذا قال: "أَوَ لَسْتُ أَحَقَّ أهْلِ الأَرْضِ أنْ يَتَّقِي الله؟ أَلاَ تَأْمَنُونِي وَأَنَا أَمِينُ مَن فِي السَّمَاءِ؟ ".

ومثل هذا الكلام لا ريب أنه يوجب القتل لو قاله اليوم أحد، وإنما لم يقتله النبي e لأنه كان يظهر الإسلام وهو الصلاة التي يقاتَل الناس حتى يفعلوها، وإنما كان نفاقه بما يختص النبي e/ من الأذى، وكان له أن يعفو عنه، وكان يعفو عنهم تأليفاً للقلوب؛ لئلا يتحدث الناس أن محمداً يقتل أصحابه، وقد جاء ذلك مفسَّراً في هذه القصة أو في مثلها.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير