تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

على حقيقتها ووضعها اللغوي، مع نفي التَّشبيه عنها؛ كما قال تعالى {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ} الشورى فطريقتهم أعلم وأسلم وأحكمُ؛ لأنَّ الأسلم لا بدَّ أن يكون أعلم وأحكم , فقول الخلف طريقة السلف أسلم، وطريقة الخلف أعلم وأحكم! قول متناقضٌ؛ إذ كيف تكون السّلامة بدون العلم والحكمة؟! ثم أيضًا؛ كيف يكون المتأخرون أعلم من السابقين الأوَّلين من صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم والتابعين وأتباع التابعين، الذين شَهِدَ لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم بالخيريَّة، فقال (خيركم قرني، ثم الذين يلونَهم، ثم الذين يلونَهم) البخاري من حديث عمران بن حصين رضي الله عنه.]؟! انتهى كلامه

وقد سئل سماحة الشيخ عبد العزيز ابن باز رحمه الله تعالى عن عبارة (السابقون رجال ونحن رجال)

فقال رحمه الله تعالى:

هذه العبارة فيها إجمال واحتمال، فإن أريد بها أن الواجب على المتأخرين أن يجتهدوا في نصر دين الله وتحكيم شريعته، وتأييد ما عليه السلف الصالح من العقيدة والأخلاق فهذا حق. والواجب على جميع المسلمين أن يسيروا على نهج سلفهم الصالح في إتباع الكتاب والسنة وتحكيمهما في كل شيء، ورد ما تنازع فيه الناس إليهما، عملا بقول الله سبحانه (فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ) الآية، وقوله سبحانه (وَمَا اخْتَلَفْتُمْ فِيهِ مِنْ شَيْءٍ فَحُكْمُهُ إِلَى اللَّهِ) الآية أما إن أريد بهذه العبارة أن المتأخرين لهم أن يجددوا في دين الله ما يخالف ما عليه سلف الأمة في العقيدة والأخلاق أو في الأحكام: فهذا أمر منكر لا يجوز فعله لأنه مخالف لقول الله عز وجل (وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلا تَفَرَّقُوا) وقوله عز وجل (وَمَنْ يُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَى وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّى وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ وَسَاءَتْ مَصِيرًا) وقوله سبحانه (وَالسَّابِقُونَ الْأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسَانٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي تَحْتَهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا) ومن خالفهم وسلك غير سبيلهم، لم يتبعهم بإحسان، فلا يدخل في أتباعهم المرضي عنهم. لأنه ليس للمتأخرين أن يخالفوا ما أجمع عليه العلماء قبلهم , لأن الإجماع حق، وهو أحد الأصول الثلاثة التي يجب الرجوع إليها، ولا تجوز مخالفتها وهي الكتاب والسنة والإجماع؛ ولأن العلماء إذا أجمعوا على شيء دخلت فيهم الطائفة المنصورة التي أخبر النبي صلى الله عليه وسلم أنها لا تزال على الحق , أما التفقه في الدين والتماس حل المشكلات بالطرق الشرعية في المسائل التي جدت بين المسلمين ولم يتكلم فيها الأوائل فهذا حق وليس فيه مخالفة للسابقين؛ لأن العلماء السابقين واللاحقين كلهم يوصون بتدبر الكتاب والسنة واستنباط الأحكام منهما، والاجتهاد فيما يعرض من المسائل المشكلة على ضوء الكتاب والسنة , وليس هذا تجديدا مخالفا للسابقين، ولكنه تجديد سائر على منهج السابقين وعلى أصولهم، وقد صح في هذا المعنى قول النبي صلى الله عليه وسلم: من يرد الله به خيرا يفقهه في الدين متفق على صحته، وقوله صلى الله عليه وسلم من سلك طريقا يلتمس فيه علما سهل الله له به طريقا إلى الجنة رواه الإمام مسلم في صحيحه)) انتهى كلامه.

فهذا الشيخ ابن باز رحمه الله تعالى في جميع دروسه ومحاضراته , يشهر الانتماء إلى السلفية، ويدعوا إلى اتباع السلف الصالح، ويحذر من أهل البدع والأهواء.

وكذلك هو الحال للشيخ الألباني والعثيمين والشيخ مقبل وغيرهم من مشايخ هذه الدعوة المباركة والتي نحمد الله عز وجل على الانتماء إليها , فالمحق هو من وافق السلف قلباً وقالباً، وأحبهم وتشرف بالانتساب إليهم، فهم الطائفة المنصورة، والفرقة الناجية، وأهل الأثر وأهل الحديث.

إن الارتباط بفهم السلف الصالح؛ في فهم النصوص ومعرفة دلالتها من الأمور المهمة؛ لأن الأفهام قد تضل، لكن من أخذ الدين غضاً طرياً من النبي عليه الصلاة والسلام مع زكاء قلبه، وصحة عقله، وحُسن رغبة، كان حريا بالعلم.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير