تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

عرف- فابتدر كل واحد منهما صاحبه بالسلام، سلام الشوق والسنة والمحبة، والشيخ سيدي محمد بن إبراهيم لم ينزل عن رمكته تلك الساعة، ثم أراد شيخنا سيدي محمد بن إبراهيم المذكور أن يقبل يده فجبذها الشيخ إلى فوق قربوس سرجه من يد شيخنا، وقال له: ما هذا؟ وأنت ما زلت هناك، ناكراً عليه تقبيل اليد، فقام إليه ابنه سيدي إبراهيم بن محمد مع أصحابه يكلمونه بكلام لين هين، وقالوا له: ذكر العلماء أن قبلة يد الرجل الصالح أو العالم للبركة جائزة. وقال لهم الشيخ: اسكتوا عني، رأيتم شيئاً ولم تعرفوا المراد فيه. ثم قال لشيخنا: هنا مسألتان، إن لم تقطعهما لست أعرفك ولا عرفتني. فقال له: ما هما؟ فقال له: قبلة اليد، ولفظة سيدي، فإنهما محدثتان في بلادنا، والذي أحدثهما في بلادنا الفقيه سيدي الحسن بن عثمان التملي، جلبهما من بلاد الغرب، وأما الاشياخ الذين عرفناهم في بلاد الكراميين، وأبناء عبد العزيز في حجر بني عيسى، والفقهاء بـ (رسموكة) و (سملالة) وغير ذلك من الأماكن لا يذكرون إلا بلفظة عمي الطالب فلان، إن كان أكبر من المتكلم، وإن كان قرينه أو دونه يذكره بالطالب فلان.

والحديث ذو شجون يجر بعضه بعضاً، وذكرنا هذه الحكاية تبركاً بذكر الشيخين، ولله در القائل، (من أحب شيئاً أكثر من ذكره) وقال صلى الله عليه وسلم: " المرء مع من أحب ومع ما أحب، من أحب قوماً حشر معهم، ومن أحب عمل قوم كان كمن عمله". وتوفي رحمه الله في شهر صفر عام احد وسبعين وتسعمائة، وأما ولداه الفقيه العالم المتفنن الحافظ سيدي محمد بن محمد -بالفتح- وشقيقه في النسب والوصف المذكور سيدي إبراهيم بن محمد، كانا بمنزلة أبيهما في العلم والعمل، ولقد صدق القائل (ومن يشابه أباه فما ظلم) نفعنا الله ببركتهما، وتوفي سيدي محمد بن محمد يوم الخميس الوافي عشرين يوماً من شوال عام ستة وسبعين وتسعمائة،

قدس الله روحه، وأما شقيقه سيدي إبراهيم فلم أقف على تاريخ وفاته ().

• ومنهم الفقيه الولي الصالح حفيد الشيخ المتقدم الذكر، وهو سيدي

محمد بن إبراهيم بن محمد بن إبراهيم المتأخر، كان عالماً عاملاً فاضلاً، ورعاً هيناً ليناً، سليم الصدر من أنواع المذمومات، قائماً بوظائف الدين، محباً للمساكين وأهل الله حيث كانوا، وهو الذي أصلح قنطرة جده التي بناها على (وادي الغاس)، حين هدم السيل جلها، وقام لها رحمه الله مع رجاله، ومن رغب في الأجر من أهل بلادنا حتى أكمل بنيانها، فجزاه الله خيراً وإحساناً، وتوفي رحمه الله ليلة الجمعة المباركة الثامنة لشهر الله ذي القعدة العام الرابع بعد ألف سنة.

• ومنهم خديم الشيخ المتقدم الذكر وهو سيدي محمد بن عثمان بموضع (أمزاورو) في (وادي تامانارت)، كان رجلاً صالحاً مباركاً رابحاً من شيخه، له مناقب مشهورة، نفعنا الله به.

• ومنهم الشيخ الفاضل القطب الكامل المتبرك به حياًّ وميتاً سيدي

محمد بن مبارك ببلدة (أقة)، له مناقب وكرامات يعجز عن إحصائها محصٍ، وهو من أهل القرن التاسع () تضرب إليه الرحلة للزيارة قديماً وحديثاً، ومن مناقبه التي ذكر لنا الثقات من ذريته وغيرهم أنه يتحدث أناس في زمانه بينهم بقولهم: ما علامة هذا الرجل؟ إنه رجل صالح وما برهانه على ذلك؟ فاطلع على خبرهم بنور الله، وقال لخدامه: اعملوا غداء الناس في زاويتي، وأمر لهم أن يجعلوا قفف ورق النخل على النار في الكوانين، ويعملون فيها العصيدة للناس، فأوقدوا النار تحت القفف، حتى عملوا غداء الناس، فتعجب القوم من ذلك، وتيقنوا بأنه ولي من أكابر أولياء الله، ومن مناقبه أيضاً أنه عمل للقبائل ثلاثة أيام من العافية في الأسبوع أو في الشهر، والله أعلم بأن لا يتعرض فيها أحد لأحد من الناس، وغيرهم من مخلوقات الله

ثم قدر أن أعرابياًّ قبض يربوعاً في يوم من تلك الأيام، فقال بعض أصحابه: أطلقه فهذا يوم من أيام العافية للمرابط، فعدا عليه فكسر رجله، وصاح الأعرابي أن رجله مكسورة عند ذلك، فلامه أصحابه بتعديه على الحدود، وكذلك كل ما جعل عليه عكازه من تعداه تضربه المصيبة، نسأل الله السلامة والعافية، وقد أدركنا أناساً كبراء من أهل بلادنا يجعلون عكاز سيدي محمد بن مبارك على أموالهم، فيهابه الناس فلا يقربونه، ومناقبه وكراماته لا يحصيها إلا الله تعالى، نفعنا الله ببركته.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير