تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

في المقصود وقيل يتأدى به في الفتوى لا في إحياء العلوم التي تستمد منها الفتوى لأنه قد قام في فتواه مقام إمام مطلق فهو يؤدي عنه ما كان يتأدى به الفرض حين كان حيا قائما بالفرض منها وهذا على الصحيح في جواز تقليد الميت ثم قد يوجد من المجتهد المقيد استقلال بالاجتهاد والفتوى في مسألة خاصة أو باب خاص فيجوز له أن يفتي فيما لم يجده من أحكام الوقائع منصوصا عليها عن إمامه لما يخرجه على مذهبه وعلى هذا العمل وهو أصح فالمجتهد في المذهب أحمد مثلا إذا أحاط بقواعد مذهبه وتدرب في مقاييسه وتصرفاته تنزل من الإلحاق بمنصوصاته وقواعد مذهبه منزلة المجتهد المستقل في إلحاقه ما لم ينص عليه الشارع بما نص عليه وهذا أقدر على ذا من ذاك على ذاك فإنه يجد في مذهب إمامه قواعد مميزة وضوابط مهذبة مما لا يجده المجتهد في أصول الشرع ونصوصه وقد سئل الإمام أحمد رضي الله عنه عمن يفتي بالحديث هل له ذلك إذا حفظ أربعمائة ألف حديث فقال أرجو فقيل لأبي اسحق ابن شاقلا فأنت تفتي ولست تحفظ هذا القدر فقال لكنني أفتي بقول من يحفظ ألف، ألف حديث يعني الإمام أحمد ثم إن المستفتي فيما يفتيه به من تخريجه هذا مقلد لإمامه لا له وقيل ما يخرجه أصحاب الإمام على مذهبه هل يجوز أن ينسب إليه وأنه مذهبه فيه لنا ولغيرنا خلاف وتفصيل والحاصل أن المجتهد في مذهب إمامه هو الذي يتمكن من التفريع على أقواله كما يتمكن المجتهد من التفريع على ما انعقد عليه الاجماع ودل عليه الكتاب أو السنة أو الاستنباط وليس من شرط المجتهد أن يفتي في كل مسألة بل يجب أن يكون على بصيرة فيما يفتي به بحيث يحكم فيما يدري ويدري أنه يدري بل قد يجتهد المجتهد في القبلة ويجتهد العامي فيمن يقلده ويتبعه ثم تخريجه تارة يكون من نص لإمامه في مسألة معينة وتارة لا يجد لإمامه نصا معينا يخرج منه فيخرج على وفق أصوله وقواعده بأن يجد دليلا من جنس ما يحتج به إمامه وعلى شرطه فيفتي بموجبه وجعل هذا مذهبا لإمامه بعيد ثم إن وقع النوع الأول من التخريج في صورة فيها نص لإمامه مخرجا هو فيها بخلاف نصه فيها من نص آخر في صورة أخرى فهي قول مخرج كنصه على حكمين مختلفين في مسألتين متشابهتين في وقتين فيخرج من كل واحدة في الأخرى فيكون له في مسألة قولان قول منصوص وقول مخرج وإن قلنا الأول من قوليه ليس مذهبا له لم يجز النقل والتخريج من المسألة المتقدمة إلى المتأخرة ويجوز عكسه هذا قول الشافعية وأصحابنا وفي جوازه خلاف وتفصيل نذكره آنفا وأكثر الشافعية يطلقون النقل والتخريج من غير تفصيل فيلزم التخريج من المسألة المتقدمة إلى المتأخرة فيكون القديم مذهبا والجديد ليس مذهباً

وإذا وقع النوع الثاني في صورة قد قال فيها بعض الأصحاب غير ذلك سمي ذلك وجها لمن خرجه ويقال فيها وجهان وقد يخرج بعض الأصحاب في بعض المسائل خلاف نص الإمام فيها على ما يراه دليلا من جنس أدلة الإمام وذلك بين أصحابنا كثير والخلاف هنا اصطلاح لفظي وشرط التخريج المذكور أولا عند اختلاف النصين أن لا يوجد بين المسألتين فرق يؤثر ولا يكون الإمام فرق بينهما أو كان زمن القولين قريبا ولا حاجة في مثل ذلك إلى علة جامعة وهو كإلحاق الأمة بالعبد في العتق ومتى أمكن الفرق بين المسألتين لم يجز له على الأصح التخريج ولزمه تقرير النصين على ظاهرهما للفارق والمؤثر واختلفوا في القول بالتخريج في مثل ذلك لاختلافهم في إمكان الفرق وتمام ذلك يأتي إن شاء الله تعالى.

الحالة الثالثة أن لا يبلغ به رتبة أئمة المذاهب أصحاب الوجوه والطرق غير أنه فقيه النفس حافظ لمذهب إمامه عارف بأدلته قائم بتقريره ونصرته يصور ويجوز ويمهد ويقرر ويزيف ويرجح لكنه قصر عن درجة أولئك إما لكونه لم يبلغ في حفظ المذهب مبلغهم وإما لكونه غير متبحر في أصول الفقه ونحوه على أنه لا يخلو مثله في ضمن ما يحفظه من الفقه ويعرفه من أدلته عن أطراف من قواعد أصول الفقه ونحوه وإما لكونه مقصرا في غير ذلك من العلوم التي هي أدوات للإجتهاد الحاصل لأصحاب الوجوه والطرق وهذه صفة كثير من المتأخرين الذين رتبوا المذاهب وحرروها وصنفوا فيها تصانيف بها يشتغل الناس اليوم غالبا ولم يلحقوا من يخرج الوجوه ويمهد الطرق في المذاهب وإما في فتاويهم فقد كانوا يتبسطون فيها كتبسط أولئك أو نحوه ويقيسون غير المنقول والمسطور

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير