تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

واستفتاء من فهم أنه أهل للفتوى وقيل إنما يعتمد قوله أنا مفت لا شهرته بذلك ولا التواتر لأنه لا يفيد علما إذا لم يستند إلى معلوم محس والشهرة بين العامة لا يوثق بها وقد يكون أصلها التلبيس وله استفتاء من أخبر المشهور المذكور عن أهليته ولا ينبغي أن يكفي في هذه الأزمان مجرد تصديه للفتوى واشتهاره بمباشرتها إلا بأهليته لها وقد قيل يقبل فيها خبر العدل الواحد وينبغي أن يكون عند العدل من العلم والبصر ما يميز به الملبس من غيره ولا يعتمد في ذلك على خبر آحاد العامة لكثرة ما يتطرق إليهم من التلبيس في ذلك.

فصل فإن اجتمع اثنان أو أكثر ممن له أن يفتي فهل يلزمه الاجتهاد والبحث عن الأعلم والأورع الأوثق ليقلده دون غيره فيه وجهان ولبقية العلماء مذهبان:

أحدهما لا يجب بل له أن يستفتي من شاء منهم لأهليتهم وقد سقط الاجتهاد عنه لا سيما إن قلنا كل مجتهد مصيب لقول النبي صلى الله عليه وسلم أصحابي كالنجوم بأيهم اقتديتم اهتديتم والثاني يجب لأنه يمكنه هذا القدر من الاجتهاد بالبحث والسؤال وشواهد الأحوال فلم يسقط عنه والعمل بالراجع واجب كالأدلة والأول أصح لأنه ظاهر حال السلف لما سبق ومتى اطلع على الأوثق منهما فالأظهر أنه يلزمه تقليده دون الآخر كما وجب تقديم أرجح الدليلين وأوثق الروايتين فعلى هذا يلزمه تقليد الأروع من العلماء والأعلم من الورعين فإن كان أحدهما أعلم والآخر أورع قلد الأعلم على الأصح لأنه أرجح والعمل بالراجح واجب كالأدلة وقبل بل الأورع لقول الله تعالى اتقوا الله ويعلمكم الله ولقوله عليه السلام إن هذا العلم دين فانظروا عمن تأخذونه.

فصل يجوز تقليد الميت في أصح المذهبين وأشهرهما لأن المذاهب لا تبطل بموت أصحابها ولهذا يعتدبها بعدهم في الإجماع والخلاف ويؤكده أن موت الشاهد قبل الحكم وبعد الأداء لا يمنع من الحكم بشهادته بخلاف الفسق، والثاني لا يجوز لأن أهليته زالت بموته فهو كما لو فسق ولأنه لو عاش لوجب عليه تجديد الاجتهاد فيها في أحد المذاهب فربما تغير اجتهاده ورأيه فيها، ذكره القاضي وغيره احتمالا لاحتمال تغير اجتهاده لو كان حيا وقلت هذا إن لزم السائل تجديد السؤال بتجدد الحادثة له ثانياً ومن نصر الأول قال الأصل بقاء الاجتهاد والحكم وقال أبو الخطاب إن مات المفتي قبل عمل المستفتي بفتياه فله العمل بها قال وقيل لا لما سبق وإن كان قد عمل بها لم يجز له تركه إلى قول غيره في تلك الواقعة.

فصل هل للعامي أن يتخير ويقلد أي مذهب شاء أم لا فإن كان منتسبا إلى مذهب معين بنينا ذلك على أن العامي هل له مذهب أم لا وفيه مذهبان:

أحدهما أنه لا مذهب له لأن المذاهب إنما تكون لمن يعرف الأدلة فعلى هذا له أن يستفتي من شاء من شافعي وحنفي ومالكي وحنبلي لا سيما إن قلنا كل مجتهد مصيب لقوله صلى الله عليه وسلم أصحابي كالنجوم بأيهم اقتديتم اهتديتم

والثاني أن له مذهبا ن لأنه اعتقد أن المذهب الذي انتسب إليه هو الحق فعليه الوفاء بموجب اعتقاده ذلك فإن كان حنبليا أو مالكيا أو شافعيا لم يكن له أن يستفتي حنفيا فلا يخالف إمامه وقد ذكرنا قي المفتي المنتسب إلى مذهب ما يجوز له أن يخالف إمامه فيه وإن لم يكن قد انتسب الى مذهب معين انبنى على أن العامي هل يلزمه أن يتمذهب بمذهب معين يأخذ برخصه وعزائمه وفيه مذهبان أحدهما لا يلزمه ذلك كما لم يلزم في عصر أوائل الأمة أن يخص العامي عالما معينا بتقليد لا سيما إن قلنا كل مجتهد مصيب فعلى هذا هل له أن يستفتي على أي مذهب شاء أو يلزمه أن يبحث حتى يعلم علم مثله أسد المذاهب وأصحها أصلا فسيتفتي أهله فيه مذهبان كالمذهبين اللذين سبقا في إلزامه بالبحث عن الأعلم والأفقه من المفتيين

والثاني يلزمه ذلك وهو جار في كل من لم يبلغ درجة الاجتهاد من الفقهاء وأرباب سائر العلوم لأنه لو جاز له اتباع أي مذهب شاء لأفضى الى أن يلتقط رخص المذاهب متبعا هواه ومتخيرا بين التحريم والتجويز وفيه انحلال عن التكليف بخلاف العصر الأول فإنه لم تكن المذاهب الوافية بأحكام الحوادث حينئذ قد مهدت وعرفت فعلى هذا يلزمه أن يجتهد في اختيار مذهب يقدره على التعيين وهذا أولى بايجاب الاجتهاد قيه على العامي مما سبق في الاستفتاء.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير