تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

قال: وإن سئل عمَّن تكلم بشيء، يحتمل وجوهاً يكفر ببعضها دون بعض قال: يسأل هذا القائل. فإن قال: أردت كذا، فالجواب كذا.

وإن سئل عمن قتل أو قلع عيناً أو غيرها احتاط، فذكر الشروط التي يجب بجميعها القصاص.

وإن سئل عمن فعل ما يوجب التعزير، ذكر ما يعزر به فيقول: يضربه السلطان كذا وكذا، ولا يزاد على كذا، هذا كلام الصيمري والخطيب وغيرهما.

قال أبو عمرو: ولو كتب: عليه القصاص، أو التعزير بشرطه، فليس ذلك بإطلاق، بل تقييده بشرطه يحمل الوالي على السؤال عن شرطه والبيان أولى.

العاشرة: ينبغي إذا ضاق موضع الجواب أن لا يكتبه في رقعة أخرى خوفاً من الحيلة، ولهذا قالوا: يصل جوابه بآخر سطر، ولا يدع فرجة ; لئلا يزيد السائل شيئاً يفسدها، وإذا كان موضع الجواب ورقة ملصقة كتب على الإلصاق، ولو ضاق باطن الرقعة وكتب الجواب في ظهرها كتبه في أعلاها إلا أن يبتدئ من أسفلها متصلاً بالاستفتاء فيضيق الموضع فيتمه في أسفل ظهرها ليتصل جوابه، واختار بعضهم أن يكتب على ظهرها لا على حاشيتها، والمختار عند الصيمري وغيره أن حاشيتها أولى من ظهرها، قال الصيمري وغيره: والأمر في ذلك قريب. الحادية عشرة: إذا ظهر للمفتي أن الجواب خلاف غرض المستفتي وأنه لا يرضى بكتابته في ورقته فليقتصر على مشافهته بالجواب، وليحذر أن يميل في فتواه مع المستفتي أو خصمه، ووجوه الميل كثيرة لا تخفى، منها أن يكتب في جوابه ما هو له ويترك ما عليه، وليس له أن يبدأ في سائل الدعوى والبينات بوجوه المخالص منها.

وإذا سأله أحدهم وقال: أي شيء تندفع دعوى كذا وكذا؟ أو بينة كذا؟ لم يجبه كي لا يتوصل بذلك إلى إبطال حق، وله أن يسأله عن حاله فيما ادعى عليه، فإذا شرحه عرفه بما فيه من دافع وغير دافع.

قال الصيمري: وينبغي للمفتي إذا رأى للسائل طريقاً يرشده إليه ينبهه عليه، يعني ما لم يضر غيره ضرراً بغير حق، قال: كمن حَلَفَ ينفق على زوجته شهراً، يقول: يعطيها من صداقها أو قرضاً أو بيعاً يبريها، وكما حكي أن رجلاً قال لأبي حنيفة - رحمه الله -: حلفتُ أني أطأ امرأتي في نهار رمضان ولا أكفر ولا أعصي، فقال: سافر بها.

الثانية عشرة: قال الصيمري إذا رأى المفتي المصلحة أن يفتي لعامي بما فيه تغليظٌ وهو مما لا يعتقد ظاهره، وله فيه تأويل، جاز ذلك زجراً له، كما روي عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه سئل عن توبة قاتل فقال: (لا توبة له) وسأله آخر فقال: (له توبة) ثم قال: " أما الأول فرأيت في عينه إرادة القتل فمنعته، وأما الثاني فجاء مستكيناً قد ضلَّ فلم أقنطه ".

قال الصيمري: وكذا إن سأله رجل فقال: إن قتلتُ عبدي علي قصاص؟ فواسع أن يقول: إن قتلت عبدك قتلناك، فقد روي عن النبي صلى الله عليه وسلم: "من قتل عبده قتلناه"، ولأن القتل له معان: ولو سئل عن سب الصحابي هل يوجب القتل؟ فواسع أن يقول: عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: "مَن سب أصحابي فاقتلوه"، فيفعل كل هذا ; زجراً للعامة، ومن قَلَّ دينه ومروءته.

الثالثة عشرة: يجب على المفتي عند اجتماع الرِّقاع بحضرته أن يقدم الأسبق فالأسبق، كما يفعله القاضي في الخصوم، وهذا فيما يجب فيه الإفتاء، فإن تساووا أو جهل السابق قدم بالقرعة.

والصحيح أنه يجوز تقديم المرأة والمسافر الذي شدَّ رحله، وفي تأخيره ضرر بتخلفه عن رفقته ونحو ذلك على من سبقهما، إلا إذا كثر المسافرون والنساء، بحيث يلحق غيرهم بتقديمهم ضررٌ كثير فيعود بالتقديم بالسبق أو القرعة. ثم لا يقدم أحداً إلا في فتيا واحدة.

الرابعة عشرة: قال الصيمري وأبو عمرو: إذا سئل عن ميراثٍ فليست العادة أن يشترط في الورثة عدم الرق والكفر والقتل، وغيرها من موانع الميراث، بل المطلق محمول على ذلك بخلاف ما إذا أطلق الإخوة والأخوات والأعمام وبنيهم، فلا بد أن يقول في الجواب: من أب وأم، أو من أب، أو من أم، وإذا سئل عن مسألة عول كالمنبرية، وهي زوجة وأبوان وبنتان فلا يقل: للزوجة الثمن، ولا التسع; لأنه لم يطلقه أحدٌ من السلف، بل يقول: لها الثمن عائلاً، وهي ثلاثة أسهم من سبعة وعشرين، أو لها ثلاثة أسهم من سبعة وعشرين، أو يقول: ما قاله أمير المؤمنين علي بن أبي طالب رضي الله عنه: صار ثمنها تسعاً.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير