وإذا كان في المذكورين في رقعة الاستفتاء مَنْ لا يرث أفصح بسقوطه فقال: وسقط فلان، وإن كان سقوطه في حال دون حال قال: وسقط فلان في هذه الصورة أو نحو ذلك ; لئلا يتوهم أنه لا يرث بحال.
وإذا سئل عن إخوة وأخوات، أو بنين وبنات، فلا ينبغي أن يقول: للذكر مثل حظ الأنثيين، فإن ذلك قد يشكل على العامي، بل يقول: يقتسمون التركة على كذا وكذا سهماً، لكل ذَكَرٍ كذا وكذا سهماً، ولكل أنثى كذا وكذا سهماً.
قال الصيمري: قال الشيخ: ونحن نجد في تعمد العدول عنه حزازة في النفس، لكونه لفظ القرآن العزيز، وأنه قلَّما يخفى معناه على أحد.
وينبغي أن يكون في جواب مسائل المناسخات شديد التحرز والتحفظ، وليقل فيها لفلان كذا وكذا ميراثه من أبيه، ثم من أخيه.
قال الصيمري: وكان بعضهم يختار أن يقول: لفلان كذا وكذا سهماً، ميراثه عن أبيه كذا، وعن أمه كذا، قال: وكل هذا قريب.
قال الصيمري وغيره: وحسن أن يقول: تقسم التركة بعد إخراج ما يجب تقديمه من دين أو وصية إن كانا.
الخامسة عشرة: إذا رأى المفتي رقعة الاستفتاء وفيها خط غيره، ممن هو أهلٌ للفتوى، وخطُّه فيها موافق لما عنده، قال الخطيب وغيره: كتب تحت خطه: (هذا جواب صحيح، وبه أقول). أو كتب: (جوابي مثل هذا). وإن شاء ذكر الحكم بعبارة ألخص من عبارة الذي كتب.
وأما إذا رأى فيها خط من ليس أهلاً للفتوى، فقال الصيمري: لا يفتي معه ; لأن ذلك تقريراً منه لمنكرٍ، بل يَضْرِب على ذلك بأمر صاحب الرقعة، ولو لم يستأذنه في هذا القدر جاز، لكن ليس له احتباس الرقعة إلا بإذن صاحبها.
قال: وله انتهار السائل وزجره، وتعريفه قبح ما أتاه، وأنه كان واجباً عليه البحث عن أهل للفتوى، وطلب من هو أهل لذلك.
وإن رأى فيها اسم من لا يعرفه سأل عنه، فإن لم يعرفه فواسع أن يمتنع من الفتوى معه، خوفاً مما قلناه.
قال: وكان بعضهم في مثل هذا يكتب على ظهرها.
قال: والأولى في هذا الموضع أن يشار على صاحبها بإبدالها، فإن أبى ذلك أجابه شفاها.
قال أبو عمرو: وإذا خاف فتنةً من الضرب على فتيا العادم للأهلية، لم تكن خطأ، عدلَ إلى الامتناع من الفتيا معه، فإن غلبت فتاويه لتغلبه في منصبها بجاه أو تلبيس أو غير ذلك، بحيث صار امتناع الأهل من فتيا معه ضاراً بالمستفتين، فليفت معه، فإن ذلك أهون الضررين، وليتلطف مع ذلك في إظهار قصوره لمن يجهله.
أما إذا وجد فتيا من هو أهل وهي خطأ مطلقاً بمخالفتها القاطع، أو خطأ على مذهب من يفتي ذلك خطئ على مذهبه قطعاً فلا يجوز له الامتناع من الإفتاء، تاركاً للتنبيه في خطئها إذا لم يكفه ذلك غيره، بل عليه الضرب عليها عند تيسره، أو إبدال وتقطيع الرقعة بإذن صاحبها، أو نحو ذلك وما يقوم مقامه وكتب صواب جوابه عند ذلك الخطأ.
ثم إن كان المخطئ أهلاً للفتوى فحسن أن تعاد إليه بإذن صاحبها، أما إذا وجد فيها فتيا أهل للفتوى، وهي على خلاف ما يراه هو، غير أنه لا يقطع بخطئها، فليقتصر على كتب جواب نفسه، لا يتعرض لفتيا غيره بتخطئة ولا اعتراض.
قال صاحب الحاوي: لا يسوغ إذا استفتي أن يتعرض لجواب غيره بردٍّ ولا تخطئة، ويجيب بما عنده موافقة أو مخالفة.
السادسة عشرة: إذا لم يفهم المفتي السؤال أصلاً ولم يحضر صاحب الواقعة فقال الصيمري يكتب: (يزاد في الشرح ليجيب عنه)، أو (لم أفهم ما فيها فأجيب).
قال: وقال بعضهم: لا يكتب شيئاً أصلاً.
قال: رأيتُ بعضهم كتب في هذا: يحضر السائل لنخاطبه شفاهاً.
وقال الخطيب: ينبغي له إذا لم يفهم الجواب أن يرشد المستفتي إلى مُفتٍ آخر إن كان، وإلا فليمسك حتى يعلم الجواب.
قال الصيمري: وإذا كان في رقعة استفتاء مسائل فُهِمَ بعضها دون بعض، أو فهمها كلها ولم يرد الجواب في بعضها، أو احتاج في بعضها إلى تأمل أو مطالعة، أجاب عمَّا أراد وسكت عن الباقي، وقال: (لنا في الباقي نظر أو تأمل أو زيادة نظر).
السابعة عشرة: ليس بمنكَر أن يذكر المفتي في فتواه الحجة إذا كانت نصاً واضحاً مختصراً.
قال الصيمري: لا يذكر الحجة إن أفتى عامياً، ويذكرها إن أفتى فقيهاً، كمن يسأل عن النكاح بلا ولي فحسن أن يقول: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (لا نكاح إلا بولي)، أو عن رجعة المطلقة بعد الدخول فيقول: له رجعتها قال الله تعالى: (وبعولتهن أحق بردهن).
¥