تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

«ابن تيمية الشيخ الإمام العلامة الحافظ الناقد الفقيه المجتهدُ المفسّرُ البارعُ شيخ الإسلام، عَلَم الزُّهَّاد، نادرةُ العصر، تقي الدين أبو العباس أحمد بن المفتي شهاب الدين عبد الحليم بن الإمام المجتهد شيخ الإسلام مجد الدين عبد السلام بن عبد الله بن أبي القاسم الحرَّاني. أحد الأعلام.

ولد في ربيع الأول سنة إحدى وستين وست مئة، وقدم مع أهله سنة سبع، فسمع من ابن عبد الدائم، وابن أبي اليُسر، والكمال بن عبد، وابن الصيْرَفي، وابن أبي الخير، وخلق كثير. وعُني بالحديث، ونَسَخ الأجزاء، ودار على الشيوخ، وخَرَّج، وانتقى، وبرع في الرجال وعلل الحديث وفقهه، وفي علوم الإسلام وعلم الكلام وغير ذلك.

وكان من بحور العلم، ومن الأذكياء المعدودين، والزُّهاد الأفراد، والشُّجعان الكبار، والكرماء الأجواد. أثنى عليه الموافِقُ والمُخالف، وسارت بتصانيفه الركبان، لعلها ثلاث مئة مجلد.

حدَّث بدمشق، ومصر، والثغر. وقد امتُحن وأُوذيَ مرات، وحُبس بقلعة مصر والقاهرة والاسكندرية، وبقلعة دمشق مرتين. وبها توفي في العشرين من ذي القعدة سنة ثمان وعشرين وسبع مئة، في قاعة، معتقلاً. ثم جُهِّز وأخرج إلى جامع البلد، فشهده أُمم لا يُحْصَون، فحُزروا بستين ألفاً. ودُفن إلى جنب أخيه الإمام شرف الدين عبد الله، بمقابر الصوفية، رحمهما الله تعالى.

ورُئيت له منامات حسنة، ورُثي بعدة قصائد. وقد انفرد بفتاوى نيل من عرضه لأجلها، وهي مغمورة في بحر علمه. فالله تعالى يُسامحه ويرضى عنه. فما رأيتُ مثله. وكل أحدٍ من الأُمَّة فيؤخذ من قوله ويُترك. فكان ماذا؟!» (1).

وقال عنه في (معجم الشيوخ):

« ... شيخنا الإمام تقي الدين أبو العباس الحَرَّاني. فريد العصر عِلْماً ومعرفةً وذكاءً وحفظاً وكرماً وزهداً، وفرطَ شجاعةٍ وكثرةَ تآليف والله يصلحه ويسدِّده، فلسنا بحمد الله ممن نَغْلُو فيه، ولا نجفو عنه، ما رُئي كاملاً أئمةُ التَّابعين وتابعيهم، فما رأيته إلاّ ببطن كتاب».

ثم قال: «ولم يخلف بعده مثله في العلم، ولا من يقاربه» (1).

وقال في (المعجم المختص):

« ... وبرع في علوم الآثار والسُّنَنِ، ودَرَّس وأفتى وفسَّر وصَنَّف التصانيف البديعة وانفرد بمسائل فَنيلَ من عِرْضِه لأجلها، وهو بَشرٌ له ذنوبٌ وخطأٌ ومع هذا فوالله ما مَقَلَتْ عيني مثله ولا رأى هو مِثْل نَفْسه. كان إماماً مُتبحّراً في علوم الديانة صحيح الذّهن، سريع الإدراك، سَيَّال الفَهْم، كثير المحاسن، موصوفاً بفَرْط الشجاعة والكرم، فارغاً عن شهوات المأكل والملْبَس والجماع، لا لذَّة له في غير نَشْر العلم وتدوينه والعمل بمقُتضاه.

ذكره أبو الفتح اليَعْمَري في «جواب سؤالات أبي العباس بن الدمياطي الحافظ» فقال: «ألْفَيتُهُ ممن أدرك من العلوم حَظَّاً، وكادَ يستوعبُ السُّنن والآثار حفظاً، إن تكلَّم في التفسير فهو حامل رايته، أو أفتى في الفقه فهو مُدْرك غايته، أو ذاكر بالحديث فهو صاحب عِلمه وذُو روايته، أو حاضَر بالنِّحَل والمِلَل لم يُرَ أوسَعُ من نِحلته ولا أرفعُ من درايته، برز في كل فن على أبناء جنسه، لم ترَ عيني مثله ولا رأتْ عينُهُ مثل نَفْسِه».

قلتُ: قد سُجن غير مرةٍ ليفْتر عن خُصومِه ويُقْصِر عن بَسْطِ لسانه وقلمه، وهو لا يرجع ولا يلوي على ناصح، إلى أن توفي معتقلاً بقلعة دمشق في العشرين من ذي القعدة سنة ثمان وعشرين وسبعمائة.

وشَيَّعه أُممٌ لا يُحْصَون إلى مقبرة الصُّوفية، غَفَر الله له ورحمه آمين» (1).

وقال فيما نقله عنه العلامة ابن رجب الحنبلي (ت 795 هـ) في: (الذيل على طبقات الحنابلة): «قال الذهبي في معجم شيوخه: أحمد بن عبد الحليم ـ وساق نسبه ـ الحراني، الدمشقي، الحنبلي أبو العباس، تقي الدين، شيخنا وشيخ الإسلام، وفريد العصر علماً ومعرفة، وشجاعة وذكاء، وتنويراً إإإهياً وكرماً ونصحاً للأمة، وأمراً بالمعروف ونهياً عن المنكر.

سمع الحديث، وأكثر بنفسه من طلبه، وكتب وخرّج، ونظر في الرجال والطبقات وحصّل ما لم يحصّله غيره، وبرع في تفسير القرآن، وغاص في دقيق معانيه بطبع سيّال، وخاطر إلى مواقع الإشكال ميّال، واستنبط منه أشياء لم يسبق إليها.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير