ومن ثم قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في الفتاوى (4/ 169): ((إن أبا الفرج نفسه متناقض في هذا الباب، لم يثبت على قدم النفي ولا على قدم الإثبات، بل له من الكلام في الإثبات نظما ونثرا ما أثبت به كثيرا من الصفات التي أنكرها في هذا المصنف؛ فهو في هذا الباب مثل كثير من الخائضين في هذا الباب من أنواع الناس؛ يثبتون تارة، وينفون أخرى في مواضع كثيرة من الصفات؛ كما هو حال أبي الوفاء بن عقيل وأبي حامد الغزالي)).
الوجه الثالث: أن قول ابن الجوزي: ((ولم يلتفتوا إلى النصوص الصارفة عن الظواهر إلى المعاني الواجبة لله تعالى، ولا إلى إلغاء ما يوجبه الظاهر من سمات الحدوث)): من أعظم الجهل وأقبحه، وهذا القول من ابن الجوزي مبني على أن ظاهر النصوص التمثيل بصفات المحدثين، وهذا الفهم الفاسد جعله يدأب لنفي ما فهمه، فوقع في التعطيل ثم التشبيه، وسببه هذا الفهم العاطل، وقد تقدم رد هذا الفهم وإبطاله؛ فإن الله جل وعلا متصف بصفات الكمال، وصفاته لائقة به.
وأهل الباطل مضطربون في هذا الباب أشد الاضطراب؛ فإن منهم من ينفي جميع ما وصف الله به نفسه، ومنهم من يثبت بعض الصفات وينفي بعضها؛ فيقولون: لله حياة ليست كحياتنا، وينفون عن الله اليدين والقدم ونحو ذلك!! وهذا تناقض؛ فمن أثبت لله الحياة؛ لزمه إثبات سائر الصفات، والذين أثبتوا لله تعالى القدم واليدين والسمع والبصر ونحو ذلك متفقون ومجمعون على أن يد الله ليست كأيدينا، وقدمه ليست كأقدامنا.
ثم إنه يقال لمن زعم أن وصف الله تعالى بالقدم واليدين والسمع والبصر يلزم منه التشبيه؛ يقال: يلزم مثل ذلك أيضا فيمن أثبت الحياة والقدرة؛ فإذا لزم التشبيه في وصف الله بالقدم واليدين والصورة؛ لزم التشبيه في وصف الله بالحياة والعلم والقدرة والإرادة، إذا؛ لا فرق بين ذلك، ولكن أهل الباع لا يفقهون، وأصولهم يناقض بعضها بعضا؛ لأنها مبنية على الجهل والضلال ومخالفة الكتاب والسنة وإجماع سلف الأمة وأثمنها.
ثم إن قول ابن الجوزي: ((ولم يلتفتوا إلى النصوص الصارفة عن الظواهر ... )): يقال عنه: إن لفظة (الظاهر) صارت لفظة مشتركة؛ فإن الظاهر عند أهل العلم والدين الذين اتبعوا كتاب ربهم وسنة نبيهم ولم يركنوا إلى أهل الكلام وعلومهم يخالف الظاهر الذي يطلقه من تأثر بآراء المتكلمين واتبع غير سبيل المؤمنين، ولم يقل أحد من أهل العلم والدين: إن ظاهر استواء الله على عرشه ورحمته ومحبته ونحو ذلك مثل استواء المخلوق ورحمته ومحبته، ومن قال ذلك؛ فقد شبه الخالق بالمخلوق، وهذا كفر صريح، ولكن لا يكفر المعين حتى تقوم الحجة عليه.
والله جل وعلا ليس كمثله شيء؛ لا في ذاته، ولا في أفعاله، ولا في صفاته، وهذا أمر يجب القطع به، وطرح ما سواه من الترهات والأباطيل والأوهام المشككة في عقائد المسلمين.
والمسلمون متفقون مجمعون على أن الظاهر من قوله تعالى:
? الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى? [الأعراف:54،وغيرها]: أن الله جل وعلا عال على خلقه، مستو على عرشه، وهذا مراد يزيد بن هارون رحمه الله؛ إذ يقول: ((من زعم أن الرحمن على العرش استوى على خلاف ما يقر في قلوب العامة؛ فهو جهمي)) ().
ـ[ابوخالد الحنبلى]ــــــــ[11 - 03 - 06, 03:31 م]ـ
حسن السقاف جهمى فقط سامحك الله انه رافضى ايضا
ـ[أبو عمر الدوسري]ــــــــ[11 - 03 - 06, 03:32 م]ـ
*قال ابن الجوزي (ص 100) أيضا:
((ثم لما أثبتوا أنها صفات ذات؛ قالوا: لا نحملها على توجيه اللغة؛ مثل: يد على نعمة، وقدرة ومجيء وإتيان على معنى بر ولطف، وساق على شدة، بل قالوا: نحملها على ظواهرها المتعارفة، والظاهر هو المعهود من نعوت الآدميين ... )).
* أقول:
لم يقل أحد من الصحابة ولا من التابعين ولا من أئمة الهدى والدين: إن ظواهر الصفات هو المعهود من نعوت الآدميين، بل إنهم أثبتوا لله تعالى ما أثبته لنفسه من الأسماء والصفات، ونفوا عنه مشابهة المخلوقات، وقالوا: من شبه الله بخلقه؛ فقد كفر، ومن جحد ما وصف الله به نفسه؛ فقد كفر، وليس ما وصف الله به نفسه أو ما وصفه به رسوله محمد صلى الله عليه وسلم تشبيها.
¥