تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

وسماه ابن النديم "مقاتل آل أبي طالب" وورد عند من أتى بعده من المؤلفين باسم "مقاتل الطالبيين"، وحملت النسخ المطبوعة من هذا الكتاب هذا العنوان أيضاً.

وقد ترجم أبو الفرج فيه لنيف ومائتين من شهداء الطالبيين منذ عهد الرسول صلى الله عليه وسلم إلى الوقت الذي انتهى فيه من تأليفه.

وذكر في مقدمة هذا الكتاب أنه بدأ في تأليفه في شهر جمادي الأولى من سنة (313هـ) (10) وقال في آخر صفحة منه أنه انتهى من ذلك في هذا الشهر من السنة نفسها أيضاً (11) على أن ذلك لا يعني أنه قد جمع مادة هذا الكتاب الطويلة خلال هذه الفترة الزمنية القصيرة. إذ هي حصيلة جهد طويل يبدأ مع أوائل عهد مؤلفه بالطلب والتحمل (12) وينتهي بانتهاء تأليفه.

وبإمكاننا أن نعتقد أن المقاتل هو أول كتاب ألفه الأصبهاني في حياته، إذ لم نجد له كتابا آخر قبله. على أننا وجدنا في هذا الكتاب بعض الإحالات على كتاب آخر من كتبه دعاه باسم: الكتاب الكبير (13) مما يمكن أن يوهم أن الكتاب المذكور سابق في تأليفه للمقاتل، بيد أن مرد اللبس في ذلك – على مايظهر – يعود إلى أن المؤلف- على عادة القدماء –قد أملى المقاتل عدة مرات في حياته، وبعد أن ألف كتباً أخرى غيره، فكانت هذه الإحالات بعد ذلك على واحد منها.

وقد ظن محقق الكتاب في طبعته الأخيرة أن أبا الفرج يقصد بالكتاب الكبير كتاب الأغاني، دون أن يجد فيه أثراً لأي منها مطلقاً، فاتخذ حين ذلك دليلا على ما أصاب الأغاني من خلل ونقص واضطراب (14) بيد أننا نعتقد أن المقصود بالكتاب الكبير كتاب آخر غير الأغاني، ككتاب "مجموع الآثار والأخبار" أو "كتاب التعديل والانتصاف" الذي يمكن أن يكون أكبر مؤلفاته حجماً وأجدرها بهذه الصفة كما سيرد معنا بعد قليل.

وقد طبع المقاتل أول مرة في طهران سنة (1307هـ)، ثم نشر بعد ذلك وبهامشه كتاب "المنتخب في المراثي والخطب" لفخر الدين النجفي في بومباي بالهند سنة (1311هـ) ثم طبع في النجف بالعراق سنة (1353هـ) وكانت آخر طبعاته في القاهرة سنة (1368هـ- 1949م) وهي طبعة محققة تحقيقاً علمياً سليماً قام بأمره السيد أحمد صقر.

2 - كتاب الأغاني:

ومن القدماء من يسميه "الأغاني الكبير" تفريقاً له عن كتاب آخر من كتبه وهو "مجرد الأغاني" (15).

ويعد هذا الكتاب أهم ما وصل إلينا من كتب أبي الفرج ومؤلفاته، ومن أكثر كتب التراث العربي قيمة وأهمية، لما تضمنته أجزاؤه الكثيرة من ألوان الثقافات المختلفة، والمعارف المتنوعة، وهو في كل الأحوال أهم مصدر من مصادر الشعر العربي ونقده منذ أقدم عصوره وحتى القرن الثالث للهجرة.

وقد أبدى القدماء إعجاباً شديداً بهذا الكتاب، وكان ابن خلدون أقواهم تعبيرا ودلالة على قيمته حين قال: "وقد ألف القاضي أبو الفرج الأصبهاني – وهو ما هو – كتابه الأغاني، جمع فيه أخبار العرب وأشعارهم وأنسابهم وأيامهم ودولهم، وجعل مبناه على الغناء في مائة الصوت التي اختارها المغنون للرشيد، فاستوعب فيه ذلك أتم استيعاب وأوفاه. وهو لعمري ديوان العرب، وجامع أشتات المحاسن التي سلفت لهم في كل فن من فنون الشعر والتاريخ والغناء وسائر الأحوال، ولا يعدل به كتاب في ذلك فيما نعلمه. وهو الغاية التي يسمو إليها الأديب ويقف عندها" (16).

وقف أمامه الباحثون في عصرنا وقفة أكبار وإعظام، أفصح عنها المستشرق الإنكليزي فارمر بقوله "أنه كتاب من الطراز الأول في التأليف الأدبي للعرب، وقد أنفق فيه مؤلفه الجانب الأكبر من حياته، وأن المعارف التي يعرضها- ودع جانباً ما استلزمه من دأب وصبر –تترك المرء خجلاً مما يسمى في عصرنا أدبا وموسيقى" (17).

وقد حصلت لهذا الكتاب شهرة واسعة جداً منذ أن ظهر للناس في أواسط القرن الرابع وحتى يومنا هذا، فتسابق العلماء والمتأدبون إلى قراءته على مؤلفه، ووصلت شهرته إلى الأندلس سريعاً، فبعث الحكم خليفتها إلى مؤلفه "ألف دينار عينا ذهبا، وخاطبه يلتمس منه نسخة .. فأرسل إليه منه نسخة حسنة منقحة" (18)، كما بعث بنسخة أخرى إلى سيف الدولة الحمداني في حلب "فأنفذ له ألف دينار" (19).

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير