تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

السّند العلمي في كتب برامج العلماء في الأندلس

ـ[الطيب وشنان]ــــــــ[09 - 09 - 06, 04:28 م]ـ

السّند العلمي في كتب برامج العلماء في الأندلس - د. هَناء دويْدري (0)

شارك الأندلسيون في فنون متنوعة، وعلوم شتى، فعُرف منهم العلماء والفقهاء والشعراء والكتّاب، وحُبّب إليهم نوع من التأليف هو كتب البرامج.

والبرامج مفردها البرنامج، ويقال له: المعجم (2)، والمشيخة (3)، والثبت (4)، والفهرس (5)، والسند (6) .. وهو كتاب يسجل فيه العالم ما قرأه من مؤلفات في مختلف العلوم، ذاكراً عنوان الكتاب، واسم مؤلفه، والشيخ الذي قرأه عليه، أو تحمّله عنه، وسنده إلى مؤلفه الأول، وقد يتولى تصنيف البرنامج غير صاحبه كما فعل محمد بن عبّاد الأندلسي (ت603هـ) الذي ألّف في مشيخة أبيه مجموعاً مرتباً على حروف المعجم (7)، وابن الأبّار القضاعي (ت 658هـ) صاحب "المعجم في اصحاب القاضي ابي علي الصدفي" (8)، وابو القاسم ابن الشاط الأنصاري (ت723هـ) الذي دوّن برنامج شيخه أبي الحسين، ابن أبي الربيع القرشي (9) وقد كانت كتب برامج العلماء – على الأغلب – من عمل رجال الحديث، أو علماء جلّ همهم الرواية والحديث، والاحتفاظ ببعض مصطلحاته وأساليبه، فقد حثّ القرآن الكريم على التفقه في شؤون الدين فقال سبحانه: (فلولا نَفَر من كل فرقة منهم طائفة ليتفقهوا في الدين ولينذروا قومهم إذا رجعوا لعلهم يحذرون ((10)، وشجع الرسول الكريم على تلقين العلم وتبليغه، وتتالت أحاديثه الشريفة تحرّض على الاهتمام بالسنة النبوية، المصدر الثاني للتشريع، فقال (: [من سلك طريقاً يلتمس فيه علماً سهَّل الله به طريقاً إلى الجنة] (11)، وقال عليه السلام: [نضّر الله امرأً سمع منا حديثاً فحفظه حتى يبلغه غيره فربّ حامل فقه إلى من هو أفقه منه، وربّ حامل فقه ليس بفقيه (12)، وقام بتدوين السيرة التي صار لفظها وحده يعني السيرة النبوية نفر من العلماء يأتي في أولهم محمد بن إسحق (ت 151هـ)، وقد هذّب هذه السيرة ابن هشام (ت 218 هـ)، وقد جُمعت أخبارها بالرواية والنقل، فنحن نجد عند الأولين من مؤرخيها قولهم: حدّثنا فلان عن فلان وأخبرنا فلان عن فلان .. وهذه هي الرواية بطريقة السند والإسناد الذي هو سلسلة الرواة أو الأساس الذي يؤيّد صحة صدور الحديث عن الرسول الأعظم، وتناقله في سلسلة متصلة من العدول.

وقد ازدانت الأندلس بعدد من العلماء الذين دعوا إلى الائتساء بالرسول الأعظم، وكانت لهم عناية كاملة بتقييد السنن والحكايات المسندة، منهم الفقيه أبو محمد علي بن حزم (13) (ت 456 هـ) الذي أشار إلى أهمية الإسناد فقال:

" .. نقل الثقة عن الثقة مع الاتصال حتى يبلغ النبي صلى الله عليه وسلم خصّ الله به المسلمين دون سائر أهل الملل كلها، وأبقاه عندهم غضَّاً جديداً على قديم الدهور" (14).

وقد تم النقل والرواية بطريق الإسناد الذي كان المقصود منه حصول الثقة بالرواية والرواة، وسار على هذا النهج مصنفو كتب البرامج الذين بلغ من شغفهم بالبرامج تأليفاً ورواية وحبهم العلم وأهله، ورغبتهم في الالتحاق بالسند، والتشرف بالإجازة (15)، وملاقاة العلماء، أن قاموا برحلات علمية أعدُّ منها على سبيل المثال لا الحصر رحلة أبي عبد الله بن رُشَيْد (ت 721 هـ) (ملء العيبة فيما جمع بطول الغيبة في الوجهتين الكريمتين مكة وطيبة) (16) ورحلة خالد بن عيسى البلوي (17) القنتوري (18) (ت 768 هـ) (تاج المفرق في تحلية علماء المشرق) (19)، و (رحلة أبي الحسن علي بن محمد القرشي البسطي (20) الشهير بالقلصادي (21) خاتمة علماء الأندلس وحفّاظه (22) المتوفى بباجة إفريقية سنة 891 هـ)، تمهيد الطالب، ومنتهى الراغب إلى أعلى المنازل والمناقب) (32).

هذه الرحلات تلقي أضواء ساطعة على طريق الباحثين، وتمدهم بذخيرة وافية عن نشاط العلماء وطرقهم في التدريس والتعليم وكتبهم التي يتداولونها، وفنون المعرفة التي يطرقونها، وحرصهم على بقاء السند العلمي واستمراره، وقد تحدّث القلصادي عن ارتحاله إلى تلمسان عام أربعين وثمانمائة هجرية فقال:

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير