تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

ـ[عاطف جميل الفلسطيني]ــــــــ[22 - 05 - 09, 09:24 م]ـ

سـ7/ ما الحكم الشرعي، وما أركانه إجمالاً؟

جـ/ الحكم الشرعي فيه اصطلاحان شهيران في بيان حقيقته، اصطلاح الأصوليين واصطلاح الفقهاء، فقد عرفه الأصوليين بقولهم: خطاب الشارع المتعلق بأفعال العباد بالاقتضاء أو التخيير أو الوضع، ويبين من هذا أن الحكم الشرعي عند الأصوليين هو نفس الخطاب لا مقتضاه، أي أن قوله تعالى ?وَأَقِيمُواْ الصَّلاَةَ ? هو عين الحكم الشرعي وقوله ?وَأَقِيمُواْ الصَّلاَةَ? هو عينه الحكم الشرعي، وقوله ?وَلِلّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ?هو بعينه الحكم وهذا فالحكم عند الأصوليين هو نفس الخطاب. وأما عند الفقهاء فعرفوه بقولهم: هو مقتضى خطاب الشارع المتعلق بأعمال العباد بالاقتضاء أو التخيير أو الوضع ويبين من هذا أن الحكم الشرعي عند الفقهاء ليس هو نفس الخطاب وإنما دلالته ومقتضاه، وأما الخطاب فهو دليل الحكم الشرعي، أي أن قوله تعالى ?وَأَقِيمُواْ الصَّلاَةَ? ليس هو الحكم عند الفقهاء وإنما هو دليل الحكم وأما الحكم فهو وجوب الصلاة، وقوله تعالى ?وَآتُواْ الزَّكَاةَ? ليس هو الحكم وإنما دليل الحكم وأما الحكم فهو وجوب إيتاء الزكاة، وقوله تعالى ?وَلِلّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ? ليس هو الحكم وإنما هو دليل الحكم، وأما الحكم فهو مقتضى هذا الخطاب الذي هو وجوب الحج وفريضته وهكذا، فالأصوليون يرون أن الحكم هو نفس الخطاب، والفقهاء يرون أن الحكم هو مقتضى الخطاب ودلالته، وهذا خلاف في عبارة والصحيح أن الحكم الشرعي يصدق على هذا وعلى هذا، واختار شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى فإنه نص في الفتاوى على أن الحكم الشرعي يصدق على ما قاله الفقهاء، وعلى ما قاله الأصوليون، وقد تقرر في القواعد أن دار بين اللفظين لا تنافي بينهما فإنه يحمل عليهما فهذا بالنسبة لتعريف الحكم وأما أركانه فثلاثة أركان، حاكم ومحكوم عليه ومحكوم به، وسوف يأتي تفصيل ذلك في الأسئلة الآتية إن شاء الله تعالى. والله أعلم.

****

سـ8/ من هو الحاكم؟ وما القاعدة الشرعية في إثبات الحكم الشرعي؟ مع بيانها بالأدلة والأمثلة؟

جـ/ أقول: الحاكم شرعاً وكوناً هو الله وحده لا شريك له جل وعلا في حكمه ولا في تشريعه، فتوحيده بالحكم الشرعي هو من مقتضيات إفراده بالعبادة وتوحيده بالحكم الكوني القدري من مقتضيات إفراده بتوحيد الربوبية، وكل ذلك يدخل تحت قوله تعالى ?إِنِ الْحُكْمُ إِلاَّ لِلّهِ? وهذا أسلوب حصر فكأنه قال: لا حاكم إلا هو جل وعلا، والحصر معناه: إثبات الحكم للمذكور ونفيه عما عداه، وأما التشريع الصادر من النبي ? فإنه من البلاغ عن الله تعالى، قال تعالى ?وَمَا يَنطِقُ عَنِ الْهَوَى (3) إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى? وقال تعالى ?وَأَنزَلَ اللّهُ عَلَيْكَ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَعَلَّمَكَ مَا لَمْ تَكُنْ تَعْلَمُ? وقال تعالى ?وَاذْكُرْنَ مَا يُتْلَى فِي بُيُوتِكُنَّ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ وَالْحِكْمَةِ إِنَّ اللَّهَ كَانَ لَطِيفًا خَبِيرًا? وقد تقرر في علم التفسير أن الحكمة إذا قرنت بالكتاب أو الآيات فإن المراد بها السنة، وقال عليه الصلاة والسلام ((ألا وإني أوتيت ومثله معه)) وسيأتي إن شاء الله تعالى طرف كبير من هذه الأدلة في الاستدلال على قاعدة (السنة حجة). فالحاكم هو الله وحده لا شريك له في حكمه، فكما أنه لا شريك له في ملكه وسلطانه وربوبيته وألوهيته وأسمائه وصفاته فكذلك لا شريك له في حكمه جل وعلا، فهو مصدر الأحكام جل وعلا سواءً كان ذلك في كتابه أو على لسان رسوله ? فهذا بالنسبة لقولنا (من الحاكم)؟ وأما القاعدة المعتمدة في إثبات الأحكام الشرعية فإنها تقول: (الأحكام الشرعية تفتقر في ثبوتها للأدلة الصحيحة الصريحة) وقد شرحناها في رسالة مستقلة وخلاصتها أن نقول: إن الحكم الشرعي إنما يتلقى من الشارع فالأحكام الشرعية من الإيجاب والاستحباب والتحريم والندب كلها لا تؤخذ إلا من قبل الله تعالى ورسوله ? فلا واجب إلا ما أوجبه الله ورسوله ولا حلال إلا ما أحله الله ورسوله ولا حرام إلا ما حرمه الله ورسوله ?، فأي تعبد قولي أو فعلي ليس له دليل صحيح صريح فإنه تعبد لاغ باطل لا يجوز التعبد به لله جل وعلا، ولا مدخل للعقول ولا المذاهب المخالفة للدليل ولا

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير