تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

الثاني: أن هذه المباحات قد تكون في غالب أحيانها وسائل لشيء من أحكام التكليف الأربعة، فهي لصيقة بها جداً لأنها في الأعم الأغلب ما تكون وسائل وأنت تعلم أن الوسائل لها أحكام المقاصد، فالمباح إذا كان وسيلة لواجب فإنه يكون واجباً، وإذا كان وسيلة لمندوب فإنه يكون مندوباً، وإذا كان وسيلة للحرام فإنه يكون حراماً، وإذا كان وسيلة لمكروه فإنه يكون مكروهاً، فلأن المباح تجري عليه الأحكام التكليفية الأربعة، جعلوه منها لأنه وسيلة لها والوسائل لها أحكام المقاصد والمقاصد هنا أحكام تكليفية فالوسيلة لها كذلك أيضاً تعطى حكمها فيكون المباح حكماً تكليفياً لأنه وسيلة للحكم التكليفي.

الثالث: أن القسمة في الحكم التكليفي لا بد أن تكون كاملة، ولا تكمل قسمته العقلية إلا بإدخال المباح فيه، وبيان ذلك أن يقال:- إن الحكم التكليفي مبناه على الطلب، والطلب قسمان طلب فعل وطلب ترك، وطلب الفعل قسمان: لازم وهو الواجب وغير لازم وهو المندوب، وطلب الترك قسمان: لازم وهو الحرام وغير لازم وهو المكروه، وبقي في هذا التقسيم ما ليس بمطلوب الفعل ولا بمطلوب الترك أي أن مبناه على التخيير، وهذا هو المباح فأدخلوه تحت أقسام الحكم التكليفي من باب تكميل القسمة كما ترى والله أعلم.

****

سـ11/ عرف الواجب؟ وما ثمرته؟ مع التمثيل؟

جـ/ الواجب: لغة: هو اللازم والساقط، فمن إطلاقاته على اللازم قوله ?» غسل يوم الجمعة واجب على كل محتلم «وتقول لصاحبك: حقك علي واجب أي لازم متأكد, ومن إطلاقاته على الساقط قوله تعالى ?فَإِذَا وَجَبَتْ جُنُوبُهَا? أي سقطت على الأرض، ومنه قول جابر في الصحيحين» كان النبي ? يصلي الظهر بالهاجرة والعصر والشمس نقية والمغرب إذا وجبت «أي إذا سقطت وغربت، ومنه قول العرب: سمعت وجبة قوية أي سقطت قوية، ومن قولنا: وجب الجدار، ووجب الميت أي سقط وهكذا، فالواجب في اللغة العربية يطلق على الساقط ويطلق على اللازم والثابت، وأما تعريفه شرعاً: فهو ما طلب الشارع فعله على جهة الجزم والإلزام، وهذا أقرب التعاريف إلى حقيقة الواجب من التعاريف الأخرى، فقولنا (ما طلب الشارع فعله) يخرج به المحرم والمكروه لأن الشارع لم يطلب فعلها وإنما طلب تركها، ويخرج المباح أيضاً لأنه لا يتعلق به طلب لذاته، وقولنا (على جهة الجزم والإلزام) يخرج المندوب فإن الشارع طلبه ولكن ليس على جهة الجزم والإلزام وإنما على جهة الترغيب في الفعل فقط, وأما ثمرته: فهي الثواب على الفعل امتثالاً واستحقاق العقاب على الترك، ولابد من كلمة امتثالاً لأن الواجب لا يثاب فاعلها، بل لا تصح إلا بالنية، أي نية الامتثال ومثال ذلك الصلاة المفروضة وصيام شهر رمضان وحج بيت الله الحرام وإيتاء الزكاة وبر الوالدين وغير ذلك من الواجبات الشرعية وهي كثيرة جداً، فهذه الواجبات إذا فعلها العبد امتثالاً لأمر الله تعالى ورسوله ? فإنه يثاب وإذا تركها فإنه يستحق العقوبة ولا بد من زيادة كلمة (ويستحق العقاب تاركه) لأن مذهب أهل السنة والجماعة رحمهم الله تعالى في تارك الواجب أنه تحت المشيئة إن شاء الله تعالى غفر له وأدخله الجنة ابتداءً وإن شاء عذبه في النار ثم يخرجه منها إلى الجنة انتقالاً، فلا نجزم لتارك الواجب بأنه يعاقب وإنما نقول: إنه يستحق العقاب على هذا الترك خلافاً للخوارج والمعتزلة الذين يوجبون عقاب تارك الواجب ويعتقدون أن مرتكب الكبيرة إن مات وهو مصر عليها فإنه يعذب في النار خالداً مخلداً فيها أبداً، وأما أهل السنة رفع الله نزلهم في الفردوس الأعلى فإنهم لا يجزمون لأحد من أهل القبلة بجنةٍ ولا نار بل يرجون للمحسن الثواب ويخافون على المسيء العقاب وأن فاعل الكبيرة في الدنيا مؤمن بما بقي معه من الإيمان وفاسق بقدر ما معه من الذنب والعصيان، فاجتمع في حقه موجب الثواب وموجب العقاب فلا نجزم له بهذا ولا بهذا بل يكون تحت المشيئة كما ذكرنا ذلك بتفاصيله وأدلته فيما كتبناه في الاعتقاد، فهذا بالنسبة لتعريف الواجب وبيان ثمرته مع التمثيل عليه والله تعالى أعلى وأعلم.

****

سـ12/ ما الصيغ التي يعرف بها الواجب من غيره؟ مع بياناها بالأمثلة؟

جـ/ أقول: لقد ذكر الأصوليون أن هناك صيغاً يعرف بها أن هذا القول أو هذا الفعل واجب ودونك أهمها:

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير