تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

وسيموت فكيف يعرف المكلفون الأوقات التي يؤدون فيها العبادة أو يتركونها؟ فحرص الشارع على ربط الأحكام التكليفية بعلامات كونية وغيرها يعرفها الجميع أو الأغلب فهذه العلامات هي الأحكام الوضعية، وبه تعرف أن الحكم الوضعي ليس مطلوباً لذاته وإنما هو مطلوب لأنه وسيلة لتعريف المكلف بالحكم التكليفي والله أعلم.

الخامس: أن الحكم التكليفي مختص بالعاقل البالغ المختار وعليه حديث» إن الله تجاوز عن أمتي الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه «وحديث» رفع القلم عن ثلاثة عن النائم حتى يستيقض وعن المجنون حتى يفيق وعن الصغير حتى يحتلم «فلا تكليف إلا بعقل وبلوغ وفهم خطاب واختيار كما سيأتي إن شاء الله تعالى وأما الحكم الوضعي فإنه لا يختص بهؤلاء بل يدخل تحته غير العاقل كالمجنون فإن تضمين المجنون ما أتلفه هو من باب الحكم الوضعي، وكذلك ما أتلفته البهيمة فإن ضمانه إنما هو من باب الحكم الوضعي لكن ضمان تلفها يقع على صاحبها لأنها ليست محلاً صالحاً للضمان، ويدخل تحته فعل النائم فإن ما يتلفه النائم حال نومه إذا تعلق به حق للغير فإنه يضمنه، وضمانه من باب الحكم الوضعي لا التكليفي، ويدخل تحته أيضاً وجوب الزكاة في مال الصبي والمجنون فإن القول الصحيح وجوب الزكاة في ماليهما لأن ذلك من باب الحكم الوضعي فهو من باب ربط الأحكام بأسبابها، بل ويدخل تحته تضمين أشخاص لا ذنب لهم بسبب جناية شخص آخر، كتحميل العاقلة دية الخطأ وشبه العمد، فإن العاقلة وهم أقارب الرجل من قبل أبيه لم يتجانفوا الإثم ولم يباشروا الجناية التي حصلت ولم يتسببوا فيها ومع ذلك يلزمهم دفع الدية عن قريبهم الجاني، فتحميل العاقلة لدية الخطأ وشبه العمد من باب الحكم الوضعي لا التكليفي، ويدخل تحته ما أتلفه الصبي الصغير فإنه يضمنه من ماله إن كان له مال أو يضمنه وليه فتضمين الصغير ما أتلفه هو من باب الحكم الوضعي، وذكر غير واحد من العلماء أن ذلك من باب إقامة العدل بين العباد ومن باب حفظ الأموال حتى لا تذهب سدى والمقصود: أن الحكم التكليفي لا يدخل تحته إلا العاقل البالغ المختار، وأما الحكم الوضعي فإنه يدخل فيه غير هؤلاء, فهذه مجمل الفروق بين الحكمين والله تعالى أعلى وأعلم.

ـ[عاطف جميل الفلسطيني]ــــــــ[22 - 05 - 09, 09:25 م]ـ

سـ10/ كيف دخلت الإباحة تحت التكليف مع أنه لا كلفة فيها لأنها لا يتعلق بها أمر ولا نهي ولا ثواب ولا عقاب؟

جـ/ أقول: هذه المسألة يعرف جوابها إذا فهمت ثلاثة أمور:

الأول: أن الإباحة منها ما هو مستفاد من قبل الشارع ومنها ما هو جارٍ على حكم استصحاب الحل أي الإباحة العقلية فالإباحة الشرعية لحل الجماع في ليلة الصيام في قوله تعالى ?أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيَامِ الرَّفَثُ إِلَى نِسَائِكُمْ? وكحلية صيد البحر للمحرم في قوله تعالى ?أُحِلَّ لَكُمْ صَيْدُ الْبَحْرِ وَطَعَامُهُ مَتَاعاً لَكُمْ وَلِلسَّيَّارَةِ? وكحلية سائر النساء إلا ما نص على تحريمه كما في قوله تعالى ?وَأُحِلَّ لَكُمْ مَا وَرَاءَ ذَلِكُمْ? وكحلية الطيبات في قوله تعالى ?قُلْ أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّبَاتُ? وقوله ?وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ? وكحلية طعام أهل الكتاب في قوله تعالى ?وَطَعَامُ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حِلٌّ لَكُمْ? وغير ذلك، فهذه الإباحة أعني الإباحة المنصوص عليها في القرآن من التكليف لأن العبد المكلف باعتقاد حليتها وإباحيتها، بحيث لو أنكر حليتها فإن يكفر الكفر الأكبر لأنه مكذب لخبر القرآن، والقاعدة تقول: من كذب خبراً من أخبار القرآن فإنه يكفر, فحيث كان من المباحات ما هو شرعي ومنها ما هو عقلي غلب على أهل العلم جانب الشرع على العقل وألحقوا المباحات بالتشريع وجعلوها قسماً من أحكام التكليف تغليبا ً لجانب الإباحة المنصوص عليها في الشرع.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير