تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

ومنها:- تجديد الوضوء, فإن تجديده نافلة فإذا ابتدأه العبد ثم بدا له أن يقطعه ولا يتمه فله ذلك ولا حرج لأنه ندب والمندوبات لا تلزم بالشروع فيها. فهذه بعض الفروع التي تتضح بها هذه القاعدة والله ربنا أعلى وأعلم

****

سـ38/ ما المواضع التي يكون ترك المندوب فيها أفضل؟

جـ/ أقول: هذا سؤال جيد وجوابه أن يقال: يكون ترك المندوب أفضل في الحالات الآتية:-

الأولى: إذا كان يقصد بتركه تأليف القلوب، فإذا كان ترك المندوب يوجب تآلف القلوب وعدم اختلافها واتحاد الصف فإنه يترك، لأن مصلحة تأليف القلوب وبقاء الأخوة أهم من مراعاة مصلحة الإتيان بهذا المندوب، قال أبو العباس ابن تيمية رحمه الله تعالى (ويستحب للرجل أن يقصد إلى تأليف القلوب بترك هذه المستحبات لأن مصلحة التأليف في الدين أعظم من مصلحة فعل هذا) ا. هـ. أي المندوب، وقال أبو العباس أيضاً (ومعلوم أن ائتلاف الأمة أعظم في الدين من بعض هذه المستحبات فلو تركها المرء لائتلاف القلوب كان ذلك حسناً وذلك أفضل إذا كان مصلحة ائتلاف القلوب أعلى من مصلحة ذلك المستحب) ا. هـ. قلت: ودليل ذلك أن المتقرر شرعاً أنه إذا تعارض مصلحتان روعي أعلاهما بتفويت أدناهما، فإذا تعارضت مصلحة تأليف القلوب وبقائها متآلفةً متحابة، مع مصلحة فعل مندوب معين، بحيث يؤدي فعل إحداهما إلى تفويت الأخرى فإننا نقدم المصلحة العليا بتفويت المصلحة الدنيا، فأي المصلحتين أهم وأكبر في نظرك؟ لا شك أن مصلحة التأليف أولى بالمراعاة وأحرى بالنظر وأجدر بالاهتمام لاسيما وأن الشريعة حرصت كل الحرص على بقاء القلوب متفقه متآلفة متحابة ولذلك فإنها قد قطعت جميع الوسائل المفضية إلى اختلاف القلوب كما هو معلوم, ويدل عليه أيضاً أن النفع المتعدي إذا تعارض مع النفع القاصر، فإنه يقدم النفع المتعدي على النفع القاصر، وفعل هذا المندوب نفعه قاصر على صاحبه وأما تركه فإنه يحصل تآلف القلوب واتحاد الكلمة وائتلاف الأرواح وعدم تناكرها، وهذا نفع متعدٍ، فإذا تعارض الفعل والترك وكانت مصلحة الترك أعظم لأنها ذات نفع متعدٍ فلا شك أنه - أي الترك - يقدم على الفعل لأننا بهذا الترك نحصل نفعاً متعدياً وهذا واضح, ويدل عليه أيضاً أن المتقرر في القواعد أن المفضول قد يصير فاضلاً والفاضل قد يصير مفضولاً، وذلك باقتران المصلحة من عدمها، فأي طرف كانت فيه المصلحة فهو الفاضل، ويكون الطرف الذي فارقته المصلحة مفضولاً، إذا علمت هذا فاعلم أن فعل المندوب فيه مصلحة ولا شك، ولكن تركه في هذه الحال المعينة فيها مصلحة أعظم وأكبر وأهم، فالمصلحة المقترنة بالترك أعظم من المصلحة المقترنة بالفعل فيرجح الترك على الفعل في هذه الحالة، وهذا هو عين الفقه، أعني مراعاة المصالح والمفاسد, فإن قلت: فهلا مثلت لذلك ليكون واضحاً، فأقول:- نعم والفروع كثيرة ولكن أقتصر على بعضها طلباً للاختصار فأقول:-

منها: إذا صليت بقوم من الحنفية أو صليت معهم ورأيت أن ترك رفع اليدين مع المواضع الثلاثة يوجب تأليف القلوب فاتركه، ونعني بالمواضع الثلاثة أي عند الهوي للركوع وعند الرفع منه وبعد القيام من الركعتين، ذلك لأن مذهب الأحناف عدم رفع اليدين في هذه المواضع وأما في تكبيرة الإحرام فالمذاهب متفقة على الرفع في هذا الموضع فإذا كان رفعك ليديك في هذه المواضع يفضي إلى الاختلاف والتنازع والتنافر والطعن فيك أو عدم قبولهم لتوجيهك ونصحك الذي أتيت من أجله فإن الأفضل لك تركه في هذه الحالة المعينة ذلك لأن مصلحة التأليف أولى مراعاةً من مجرد مصلحة فعل هذا المندوب، لاسيما وأن بعض الأحناف فيه تعصب شديد لمذهبه، فكان المناسب والحالة هذه أن يترك هذا المندوب المعين في هذه الحالة المعينة مراعاةً لمصلحة التأليف، ولما كنت في بعض البلاد التي تعتمد مذاهب الحنفية صليت بهم إماماً وكنت أرفع يدي في هذه المواضع ولما فرغت من الصلاة أردت أن أقوم للموعظة والتذكير ففوجئت أن إمام المسجد الأصلي أخذ اللاقط قبلي وتكلم مع الجماعة بلغتهم التي لا أفهمها فلما فرغ خرج أكثر من في المسجد إلا نفراً يسيراً ولما سألت عن الذي قاله ذلك الإمام وجدت أنه قال: إن هذا الرجل إنما جاء ليعلمكم مذهباً غير مذهب الإمام الأعظم أبي حنيفة، حتى هو خرج من المسجد فوقع الاختلاف وأسيء بي الظن ورفض أهل المسجد الموعظة وحرموا

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير