تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

ومن الأدلة أيضاً: قال الترمذي في جامعه:- حدثنا محمود بن غيلان قال حدثنا أبو داود قال حدثنا شعبة قال: كنت أسمع سماك بن حرب يقول: أحد بني أم هانئٍ حدثني، فلقيت أنا أفضلهم وكان اسمه جعدة، وكانت أم هانئٍ جدته فحدثني عن جدته أن رسول الله ? دخل عليها فدعى بشراب فشرب ثم ناولها فشربت فقالت يا رسول الله: أما إني كنت صائمة فقال رسول الله ?» الصائم المتطوع أمين نفسه إن شاء صام وإن شاء أفطر «ووجه الدلالة منه واضحة.

ومن الأدلة أيضاً: القياس الأولوي وبيانه أن يقال: لقد ثبت أنه ? وبعض أصحابه أفطروا في السفر في شهر رمضان بعد أن أصبحوا صائمين، وفطرهم هذا لم بكن عن مشقة وإنما لأن بعض الناس تحرجوا من الإفطار مع مشقة الصيام عليهم، فأفطر ? ليريهم أن هذا جائز، فإذا كان الإفطار في السفر في شهر رمضان جائزاً وإتمام الصوم مستحب، فلأن يجوز الفطر في صوم التطوع من باب أولى وأخرى وهذا واضح. وقد تقرر في الأصول أن القياس الأولوي حجة.

ومن الأدلة أيضاً: الإجماع السكوتي فإن أبا الدرداء وأبا طلحة وأبا هريرة وابن عباس وابن عمر وحذيفة كانوا يصومون تطوعاً ثم أحياناً يقطعون ذلك من غير نكير من بقية الصحابة، فصار ذلك بمثابة الإجماع السكوتي على أن النفل لا يلزم بالشروع فيه، ومع كثرة قطع صوم النفل في عهدهم لم ينقل عنهم إنكار ذلك مما يدل على اتفاقهم على جواز قطعه لأنه نفل فيقاس عليه كل نفل والله أعلم.

ومن الأدلة أيضاً: قياس آخر النفل على أوله، فكما أنه كان مخيراً في أوله فكذلك هو مخير في آخره، فإن شاء أتم وإن شاء قطع، وإذا قطعه فإنه إنما قطع أمراً مندوباً ومن المعلوم المتقرر أن المندوب يثاب فاعله ولا يعاقب تاركه والله أعلم.

ومن الأدلة أيضاً: قياس قطعه في أثنائه على تركه من أساسه، فكما أنه لو ترك المندوب أساساً ولم يفعل منه شيئاً فإنه لا يعاقب على ذلك ولا يأثم بهذا الترك فكذلك لو فعل منه شيئاً ثم قطعه في أثنائه أيضاً لا يعاقب على هذا القطع بجامع جواز الترك في كل، وهو قياس صحيح مستوف لجميع أركانه.

ومن الأدلة أيضاً: ما تقدم من حديث عائشة برواية النسائي أن النبي ? قال» إنما مثل صوم التطوع كمثل رجل يخرج من ماله صدقة فإن شاء أمضاها وإن شاء حبسها «فهذه بعض الأدلة التي تفيد صحة ما قلناه من أن المندوب لا يلزم بالشروع إلا في النسكين والله ربنا أعلى وأعلم, وأما الفروع فكثيرة وأذكر لك بعضها:-

فمنها: التطوع بالصلاة فإن العبد إذا دخل فيه فإنه لا يلزم بالشروع فيه لأنه نفل والنوافل لا تلزم بالشروع.

ومنها: إذا أراد العبد أن يخرج صدقة واخرج بعضها فقط ثم بدا له عدم إخراج الباقي فله ذلك لأنها ندب والمندوب لا يلزم بالشروع فيه.

ومنها: الصلاة المعادة هي نافلة فإذا بدا للعبد أن لا يكملها وقطعها فله ذلك لأنها ندب والمندوب لا يلزم بالشروع.

ومنها: صلاة الكسوف فإنها نفل فإذا دخل العبد في جماعتها ثم بدا له أن يقطعها فله ذلك لأنها ندب والمندوب لا يلزم بالشروع.

ومنها: الصوم النافلة، فإذا ابتدأه العبد ثم بدا له أن يقطعه فله ذلك ولا قضاء عليه لأنه ندب والمندوب لا يلزم بالشروع.

ومنها: الاعتكاف، فإن الأصل فيه أنه مندوب فإذا ابتدأه العبد ثم بدا له أن يقطعه فله ذلك ولا حرج عليه لأنه ندب والمندوبات لا تلزم بالشروع فيها.

ومنها: الهدي، فإن الواجب ذبح شاة أو سبع بقرة أو سبع بعير، فإذا زاد الإنسان على ما يجب عليه فيه، ثم بدا له أن لا يذبح هذا الزائد فله ذلك لأن هذا الزائد ندب والمندوب لا يلزم بالشروع فيه، هذا على القول الصحيح والله أعلم.

ومنها: العتق فإنه مندوب فإذا عزم السيد عليه ولم يتلفظ به، ولكن سعى في خطواته، ثم بدا له أن يقطعه فله ذلك لأنه ندب والمندوب لا يلزم بالشروع فيه.

ومنها: الطواف، فإن منه ما هو فرض يلزم إتمامه بالشروع فيه ومنه ما هو مندوب فإذا شرع في الطواف المندوب ثم بدا له أن يقطعه فله ذلك لأنه ندب والمندوب لا يلزم بالشروع فيه.

ومنها: المبيت بمنى ليلة التاسع فإنه مندوب عند عامة أهل العلم فإذا ابتدأه الحاج ثم بدا له أن يقطعه ويذهب إلى عرفة أو يبيت في مكة خارج حدود منى فله ذلك لأنه مندوب والمندوب لا يلزم بالشروع فيه والله أعلم.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير