والراجح منها أنه من السنن المؤكدة جداً وبناءً عليه فيكون الإتمام في السفر مكروهاً واختاره شيخ الإسلام أبو العباس ابن تيمية رحمه الله تعالى، وعلة ذلك أن الهدي الراتب من حاله ? القصر، فالقصر سنة مؤكدة والمتقرر في الضوابط:- أن الإخلال بالسنة الراتبة مكروه والله أعلم. وعلى ذلك فقس والله ربنا أعلى وأعلم وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
ـ[عاطف جميل الفلسطيني]ــــــــ[22 - 05 - 09, 09:40 م]ـ
سـ41/ هل بتنوع المندوب إلى مندوب عيني ومندوب كفائي؟ وضح ذلك بالأمثلة؟
جـ/ أقول: نعم يتنوع إلى ذلك واختاره شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى والقاعدة عند شيخ الإسلام في ذلك تقول (كل تنوع دخل في الوجوب فإنه يدخل في المندوب) فالواجب منه ما هو عيني ومنه ما هو كفائي، فكذلك المندوب أيضاً فمن المندوبات ما هو عيني يطلب طلب استحباب من كل احدٍ بعينه ومنها ما هو كفائي أي يطلب طلب استحباب من البعض فقط، أي إذا قام به من يكفي سقطت مطالبة الاستحباب عن الباقي. وهذا دليلة القياس والوقوع، فأما دليل القياس فبيانه أن يقال:- إن الأمر ينقسم إلى أمر وجوب وأمر استحباب فلما كان أمر الوجوب ينقسم إلى عيني وكفائي فكذلك أمر الاستحباب ينقسم إلى ذلك بجامع أن كلاً منهما مأمور به، وهو قياس صحيح لا غبار عليه، وأما الوقوع فإننا باستقراء الأدلة الواردة في أمر الاستحباب وجدنا أن منها ما هو عيني يطلب من كل أحد ووجدنا منها ما هو كفائي أي إذا قام به من يكفي سقطت المطالبة عن الباقي ويتضح ذلك بضرب بعض الأمثلة مقرونة بأدلتها فأقول:-
منها: النوافل الراتبة الواردة في حديث ابن عمر في الصحيحين وفي حديث أم حبيبة عند مسلم فإنها مندوبات عينية أي أنه يطلب من كل أحدٍ بعينه أن يصلي هذه الرواتب فلا يغني قيام بعضهم بها عن بعض وهذا واضح.
ومنها: تلقين الميت لا إله إلا الله الوارد في حديث» لقنوا موتاكم لا إله إلا الله «"حديث صحيح" رواه أبو هريرة وأبو سعيد الخدري رضي الله عنهما، فإذا حضر الميت جماعة فإن تلقين بعضهم كافٍ في تحقيق ذلك، فلا يطلب من كل أحدٍ أن يلقن الميت بعينه، بل تلقين واحدٍ منهم يكفي، بل المستحب أن لا يجتمعوا على تلقينه لئلا يضجر فيتكلم بكلمة سوءٍ فيختم له بها، فتلقين الميت سنة كفائية إذا قام بها من يكفي سقطت مطالبة الاستحباب عن الباقي.
ومنها: تشميت العاطس فإن القول الصحيح انه سنة عينية على كل من سمع أخاه وهو يعطس لحديث» فحق على كل مسلم سمعه أن يقول يرحمك الله «وقد تقرر في الأصول أن (كل) من أقوى صيغ العموم، فلو كان في المجلس مئة نفس فعطس أحدهم فحمد الله تعالى فحق على كل من في المجلس إذا سمعوه أن يقولوا له» يرحمك الله «وهذا هو ما نعنيه بقولنا (سنة عينية) فتشميت بعضهم لا يغني عن تشميت بعض.
ومنها: إلقاء السلام إذا كان في جماعة، فإنه إذا دخلت جماعة دفعة واحدة فإن تسليم بعضهم كافٍ عن الباقي، ومن المعلوم أن السلام سنة مؤكدة، وبهذا تكون هذه السنة من الكفائية إذا قام بها بعضهم سقطت المطالبة عن الباقين قال أبو داود في سننه: حدثنا الحسن بن علي قال حدثنا عبدالملك بن إبراهيم الجُدِّيُّ قال حدثنا سعيد بن خالد الخزاعي قال حدثني عبدالله بن المفضل قال حدثنا عبيد الله بن أبي رافع عن علي بن أبي طالب ? قال أبو داود:- رفعه الحسن بن علي قال» يجزئ عن الجماعة إذا مروا أن يسلم أحدهم ويجزئ عن الجلوس أن يرد أحدهم «"حديث صحيح" فإن قلت: وهل رد أحد الجماعة من سنن الكفاية أيضاً؟ فأقول: لا، لأن الرد من الواجبات، فيكون رد السلام من واجبات الكفاية ونحن نتكلم الآن عن سنن لكفاية والله أعلم.
ومنها: تحية المسجد فإن القول الصحيح أنها من السنن لا من الواجبات، وهي من السنن العينية لحديث» إذا دخل أحدكم المسجد فلا يجلس حتى يصلي ركعتين «"متفق عليه" وفي الصحيح أن رجلاً دخل المسجد والنبي ? يخطب فجلس فقال» يا فلان أصليت ركعتين؟ «قال: لا قال» قم فاركع ركعتين وتجوز فيهما «وهذا يفيد أنها من السنن العينية إذ لو كانت من السنن الكفائية لاكتفي بفعل غيره ولا نعلم في ذلك خلافاً.
ومنها: تعلم العلم الزائد على ما تصح به العقيدة والعبادة، فإن تعلم القدر الزائد على ذلك من سنن الكفاية أي إذا قام به يكفي سقطت مطالبة الاستحباب عن الباقين.
¥