تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

ـ[عاطف جميل الفلسطيني]ــــــــ[22 - 05 - 09, 09:41 م]ـ

سـ45/ متى تزول الكراهة؟ وما القاعدة في ذلك؟ مع بيانها بالأمثلة؟

جـ/ أقول:- هذا سؤال جيد وتهمل ذكره كثير من كتب الأصول والجواب عليه أن يقال: إذا تحققت الحاجة زالت الكراهة، والقاعدة في ذلك تقول (لا كراهة مع قيام الحاجة) فإذا قامت الحاجة إلى فعل المكروه فإنه لا يبقى مكروهاً في حق من قامت به الحاجة ومن باب أولى من قامت به ضرورة إليه، وهذه القاعدة من قواعد التيسير، وقد أعتمدها أبو العباس ابن تيمية في كثير من فتاويه ونحن نشير إلى شيء من أمثلتها فأقول: يمثل عليها بزوال كراهة استعمال الماء المسخن بالنجاسة عند الحاجة إلى استعماله، عند من قال بكراهته كالحنابلة وغيرهم، فإنهم ذهبوا إلى أن كراهة الماء المسخن بالنجاسة لكنهم قالوا: وتزول الكراهة إذا احتاج إليه، لأنه لا كراهة مع قيام الحاجة، ويمثل عليه أيضاًُ بزوال الكراهة عن الماء الذي انفردت باستعماله المرأة في طهارة كاملة عن حدث، فإن المتقرر أنه مكروه لكن هذه الكراهة تزول إذا لم يجد الإنسان إلا هذا الماء، لأنه لا كراهة مع قيام الحاجة، ويمثل له أيضاً بماء البئر بالمقبرة، فإن المذهب عندنا أنه مكروه لكن أفتى الأصحاب رحمهم الله تعالى أن هذه الكراهة تزول إذا احتيج إلى استعماله لأنه لا كراهة مع قيام الحاجة، ويمثل له أيضاً بالشرب واقفاً، فإنه مكروه كما قررناه سابقاً ولكن إذا احتاج الإنسان للشرب قائماً فلا كراهة لأنه لا كراهة مع قيام الحاجة، ويمثل عليه أيضاً بزوال كراهة اللثام في الصلاة إذا كان يصدر من فمه رائحة نتنة تؤذي من بجواره، فإذا تحققت هذه الحاجة زالت الكراهة، لأنه لا كراهة مع وجود الحاجة ويمثل له أيضاً بزوال كراهة الاستنجاء باليمين إذا كانت الشمال فيها ما يمنع الاستنجاء بها من حرق يضره الماء أو جرح يزيده الماء ألماً ونحو ذلك فإذا تحقق ذلك فلا كراهة لأنه لا كراهة مع قيام الحاجة، ويمثل له أيضاً بكسب الحجام، فإن الأصل أن الحر يمنع من أن يتكسب بسحب الدم لأن هذا الكسب خبيث أي رديء ودني إلا أن هذا الحر إذا لم يجد وجهاً من أوجه التكسب إلا بالحجامة فلا بأس حينئذٍ ولا كراهة لأنه محتاج للكسب، وأنت خبير بأن كسباً فيه دناءة خير من سؤال الناس فإذا كان الحجام محتاجاً لهذا الكسب فإن الكراهة تزول لأنه لا كراهة مع قيام الحاجة، ويمثل عليه أيضاً بإتمام الصلاة في السفر، فإن الأصل فيه أنه مكروه كما ذكرناه سابقاً إلا أنه إذا احتاج إليه فلا كراهة حينئذٍ وذلك كما إذا صلى المسافر خلف المقيم من أول صلاة المقيم فإنه يلزمه الإتمام ولا كراهة حينئذٍ لأن الحاجة تدعو إلى الإتمام ولا كراهة عند قيام الحاجة وعلى هذه الأمثلة فقس والخلاصة أنه لا كراهة عند الحاجة والله ربنا أعلى وأعلم.

****

سـ46/ عرف المباح؟ وما محترزات التعريف؟ وما ثمرته؟ مع بيان بعض الأمثلة عليه؟

جـ/ أقول:- المباح لغة له عدة معانٍ، فمن معانيه السعة فالمباح هو الواسع ومنه باحة الدار، أي المكان الواسع فيها، ومن معانيه الإظهار والإعلان، ومنه قولهم: باح بالسر أي أظهره وأعلنه، ومن معانيه لغة الإذن ومنه قولهم: أباح ماله للآخرين أي أذن في ذلك. وأما تعريفه في الاصطلاح: فهو ما لا يتعلق به أمر ولا نهي لذاته فقولهم (ما لا يتعلق به أمر ولا نهي) يخرج به الواجب والمندوب لأنه يتعلق بهما أمر ويخرج به المحرم والمكروه لأنه يتعلق بهما نهي، وقولهم (لذاته) أي بالنظر إلى المباح بعينه لا بالنظر إلى هيئته ولا بالنظر إلى أنه وسيلة لأحد هذه الأحكام الأربعة، ولا بالنظر إلى نية فاعله عند فعله، وإنما بالنظر إلى ذاته فقط، وكل ذلك سيأتي إيضاحه بأدلته وأمثلته إن شاء الله تعالى، ويمثل عليه بالأكل والشرب والنوم والبيع والشراء ونحو ذلك والمباحات كثيرة، وأما ثمرته فبالنظر إلى ذاته فإنه لا يتعلق به طلب فعل ولا طلب كف، وقد بين شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى أن حكم المباح من حيث هو ويقطع النظر عن أي أمر خارج عنه، لا يؤمر بفعله ولا بتركه ولا حرج على الإنسان في فعله ولا تركه ولا إثم عليه ولا ذم ولا عقوبة، أي أنه لا يثاب العبد على فعل المباح، ولا يعاقب على تركه، والله ربنا أعلى وأعلم.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير