تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

قال ابنُ القيم: «وسألتُ يوماً شيخ الإسلام ابن تيمية ~ عن هذه المسألة وقطع الآفات والاشتغال بتنقية الطريق وبتنظيفها فقال لي – جملة كلامه –: النفس مثل الباطوس – وهو جب القذر – كلما نبشته ظهر وخرج، ولكن إن أمكنك أن تسقف عليه وتعبره وتجوزه فافعل، ولا تشتغل بنبشه فإنك لن تصل إلى قراره، وكلما نبشت شيئا ظهر غيره.

فقلتُ: سألتُ عن هذه المسألة بعض الشيوخ فقال لي: مثال آفات النفس مثال الحيات والعقارب التي في طريق المسافر فإن أقبل على تفتيش الطريق

عنها والاشتغال بقتلها انقطع ولم يمكنه السفر قط ولكن لتكن همتك المسير والإعراض عنها وعدم الالتفات إليها فإذا عرض لك فيها ما يعوقك عن المسير فاقتله ثم امض على سيرك فاستحسن شيخ الإسلام ذلك جدا وأثنى على قائله» ().

ومن ذلك ما يعترض الدعاة من الشائعات والوشايات والقيل والقال مما لو أشغل نفسه بها والرد عليها لذهب عمره وضاع وقته ولمَّا تنقضي، والواقع خير شاهد!!.

??????

(21)

الدَّاعِيَة البَصِير ..

يُداري ولا يداهن

وهو بهذا يقتدي بسيد الخلق ومبين الحلال والحرام ففي الحديث:

– عَنْ عُرْوَةُ بنُ الزُّبَيْرِ أنَّ عائِشَةَ أخبرَتْهُ أنَّهُ اسْتأذَنَ عَلَى النبيِّ @ رَجُلٌ فقال: ائْذَنُوا لَهُ فَبِئْسَ ابنُ العَشِيرَةِ، أوْ بِئْسَ أخُوا العَشِيرَةِ فَلَمَّا دَخَلَ ألانَ لَهُ الكَلاَمَ فَقُلْتُ لَهُ: يا رسولَ الله قُلْتَ ما قُلْتَ ثُمَّ ألَنْتَ لَهُ في القَولِ فقال: أيْ عائِشَةُ إنَّ شَرَّ النَّاسِ مَنْزِلَةً عِنْدَ الله مَنْ تَرَكَهُ أوْ وَدَعَهُ النَّاسُ اتِّقاءَ فحْشِهِ ().

– وعَنْ عَبْدِ الله بنِ أبِي مُلَيْكَة أنَّ النبيَّ @ أُهْدِيَتْ لَهُ أقْبِيَةٌ مِنْ ديباجٍ مُزَرَّرةٌ بالذَّهَبِ فَقَسَمَها في ناسٍ مِنْ أصْحابِهِ وَعَزَلَ مِنْها واحِداً لِمَخْرَمَةَ فَلما جاءَ قال: خَبأْتُ هذا لَكَ قال أيُّوبُ بِثَوْبِهِ أنَّهُ يُرِيدِ إيَّاهُ وكانَ في خُلُقِهِ شَيْءٌ ().

والمداراة والمداهنة فعلان يشتبهان في الظاهر، ويتباينان في الباطن.

قال ابنُ القيم: «المداراةُ صفةُ مدحٍ، والمداهنةُ صفةُ ذمٍ، والفرقُ بينهما أنّ المدارى يتلطفُ بصاحبهِ حتى يستخرجَ منه الحق أو يرده عن الباطل، والمداهن يتلطف به ليقره على باطله ويتركه على هواه، فالمداراة لأهل الإيمان، والمداهنة لأهل النفاق، وقد ضرب لذلك مثل مطابق وهو حال رجل به قرحة قد آلمته فجاءه الطبيب المداوي الرفيق فتعرف حالها ثم أخذ في تليينها حتى إذا نضجت أخذ في بطها برفق وسهولة، حتى أخرج ما فيها، ثم وضع على مكانها من الدواء والمرهم ما يمنع فساده ويقطع مادته، ثم تابع عليها بالمراهم التي تنبت اللحم، ثم يذر عليها بعد نبات اللحم ما ينشف رطوبتها، ثم يشد عليها الرباط، ولم يزل يتابع ذلك حتى صلحت، والمداهن قال لصاحبها: لا بأس عليك منها، وهذه لا شيء فاسترها عن العيوب بخرقة ثم إله عنها فلا تزال مادتها تقوى وتستحكم حتى عظم فسادها» ().

??????

(22)

الدَّاعِيَة البَصِير ..

يتعاهدُ المسلمين بالزيارة والتواصل

وهو بهذا يقتدي بالرسول @؛ ومن تأمل هدي الرسول في الزيارة وحثه عليها وترتيب الفضل العظيم على الزيارة الخالصة علم أهمية زيارة المسلمين في الله، وأثرها العميق في توطيد المحبة والرحمة في المجتمع المسلم، فما أحسنَ هذا الدين وأعظمه ()!.

– قال الإمام البخاريّ: «بَاب هَلْ يَزُورُ صَاحِبَهُ كُلَّ يَوْمٍ أَوْ بُكْرَةً وَعَشِيًّا» ثم ذَكَرَ حَدِيثَ عَائِشَةَ زَوْجَ النَّبِيِّ @ قَالَتْ: لَمْ أَعْقِلْ أَبَوَيَّ إِلا وَهُمَا يَدِينَانِ الدِّينَ، وَلَمْ يَمُرَّ عَلَيْنَا يَوْمٌ إِلا يَأْتِينَا فِيهِ رَسُولُ اللَّهِ @ طَرَفَيْ النَّهَارِ بُكْرَةً وَعَشِيَّةً ().

– وقال: «بَاب الزِّيَارَةِ وَمَنْ زَارَ قَوْمًا فَطَعِمَ عِنْدَهُمْ وَزَارَ سَلْمَانُ أَبَا الدَّرْدَاءِ فِي عَهْدِ النَّبِيِّ @ فَأَكَلَ عِنْدَهُ» ثم ذكر حديث أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ > أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ @ زَارَ أَهْلَ بَيْتٍ مِنْ الأَنْصَارِ فَطَعِمَ عِنْدَهُمْ طَعَامًاً، فَلَمَّا أَرَادَ أَنْ يَخْرُجَ أَمَرَ بِمَكَانٍ مِنْ الْبَيْتِ فَنُضِحَ لَهُ عَلَى بِسَاطٍ فَصَلَّى عَلَيْهِ وَدَعَا لَهُم ().

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير