ولذلك أنصح من أراد أن يستفيد من الزمخشري من المتضلعين المتخصصين لأن الزمخشري -في الحقيقة- لا يكاد يفهمه إلا متضلع، وعنده تضلع لأن الرجل نفسه متضلع في العربية وله كتاب مفصل في النحو وهو مكين في العربية متمكن فيها، أنصح من أراد أن يطالع كتاب الكشاف للزمخشري وأن يستفيد من دقائقه ولطائفه أن يطالع النسخة التي عليها تعليقات ابن المنير الشيخ أحمد المنير الإسكندري، فقد ألف كتابه "الانتصاف فيما تضمنه الكشاف من الاعتزال" فيأخذ النسخة التي عليها تعليقات وتهميشات.
وقد ذكر ابن منير في مقدمته يقول: إنني تتبعت الزمخشري في اعتزالياته في الكشاف بالمناقيش كناية عن ماذا؟ عن دقتها وخفائها، لأن الرجل إذا تمكن في العربية أوفي الآية أو في النص قلب الحق باطلاً والباطل حقًا، بحكم إمكانيته في العربية ودقائقها ولطائفها وتقليب النصوص لكنه كيف نصل إلى هذا؟ بالرجوع إلى مذهب السلف وبخاصة في مسائل الصفات، صفات الله -عز وجل- وأسمائه لأن الله -عز وجل- كما هي قاعدة أهل السنة والجماعة: لا نصف الله -عز وجل- إلا بما وصف به نفسه في كتابه أو ما صح عن رسوله -عليه الصلاة والسلام- من غير تحريف ولا تكييف ولا تعطيل ولا تمثيل على حد قوله جل وعز: ليس: ? لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ ? [الشورى: 11].
هناك يا شيخ خلط بين العلوم العربية وهناك من يجعل النحو هو فوق كل شيء ولذلك نرى الآن الذين يريدون أن يستشرحوا شيئا يظنون أن النحو هو الذي سوف يصل بهم إلى شأو عظيم في فهم كتاب الله -سبحانه وتعالى- ونسيت البلاغة، البلاغة نسيت فترة من الزمن فما أدري ما هي هذه الأسباب؟ ولذلك سأعرض لك الأسئلة التي أتت:
تقول: بم تنصحني؟ هل أبدأ بالآجرومية أولاً؟ مع أني أول مرة أدرس هذه المادة أو لا يشترط؟
يقول: أيهما أولى لطالب العلم: النحو أم البلاغة؟ وإذا كان النحو أولى من علم البلاغة فما هي نصيحتكم لبعض من يشتغل بالبلاغة على النحو؟.
هو –حقيقة- علم البلاغة قائم على علم النحو، ولذلك -في مقدمة كلامي- قلت: إن البلاغة ذروة سنام العربية، لا يمكن أن يفقه البلاغة ولا أن يعرف دقيقها وجليلها وأسرارها ولطائفها إلا من تمكن أيضًا في النحو، ولأمر ما:كان الشيخ عبد القاهر -وهو شيخ البلاغيين- كان نحويًا قبل أن يكون بلاغيًا.
يعني بدايتها بالنحو.
النحو هو الأساس، النحو هو الأساس، التذوق والتعليل والتحليل والوصول إلى الدقائق من خلال البلاغة، ولهذا يمكن أن أقول: (إن البلاغة نحو معلل) وبخاصة علم المعاني، نحو معلل.
كيف ذلك؟
لو قلنا: "إن زيداً قائم"، النحوي يقول: "إن" حرف توكيد ونصب، و"زيد" اسمها منصوب، و"قائم" خبرها، البلاغي يبدأ من حيث انتهى النحوي، لماذا أُكد بـ"إن"؛ ما السر في التوكيد؟
السر في التوكيد قد يكون لشد الاهتمام والانتباه، قد يكون لطرد الشك في ذهن المخاطب لأن عنده تشككًا في كون زيد قائمًا، فالبلاغة تفلسف تبين لماذا قدم هذا، لماذا حلل، لماذا علل، لماذا أكد، لماذا كان القسم، لماذا جاء الخبر عطلاً من المؤكدات، لماذا وقع الأمر هنا، لماذا جاءت الجملة فعلية، فهي تفلسف النحو إن صح التعبير وتعلل له، وتأتي بالدقائق.
طيب يا شيخ الآن هذا العلم الجليل هو استنباط الحكم الشرعي من النص.
صحيح، علم البلاغة هي علم الاستنباط بالضبط.
وهو يدخل في أصول الفقه، ويدخل في جميع الأصول.
تمامًا ولهذا علم مشترك عند الأصوليين وعند البلاغيين وعند الفلاسفة وعند المناطقة وعند المتكلمين، وليس فقط النحاة، النحاة يؤسسون الجملة الصحيحة.
من حيث نطقه.
نطقها وسلامة النطق وكونك تنحو نحو كلام العرب، تسير على طريقة العرب، هذا الذي بعده -وهو التحليل والتعليل وأصول الدقائق واللطائف يتولاه علم البلاغة، المعاني علم البيان وعلم الصورة، التصوير في التشبيهات والبديعيات وما تعلق بذلك فعلم البلاغة يقوم على أساس وهو علم النحو ولا يحذق البلاغة من كان جاهلاً بالنحو، وإذا أردت أن تأتي القمة أو السطح فابدأ من تحت من السلم من الدرج وهو النحو.
يبدأ في النحو.
بالآجرومية أو بغيره مما سهل، أنا أنصح الطلاب والطالبات،- حقيقة-: العجيب أن بعض الناس يهن بعض الناس -إن صح التعبير- يذهب ذهنه إلى أن يطفح.
¥