تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

كذلك تفسير أبي السعود، كان قاضيًا من قضاة الدولة العثمانية في القرن التاسع الهجري، وقد كتب كتابه الرائد "إرشاد العقل السليم إلى مزايا القرآن الكريم" وتمكن حقيقة من العربية وتضلع فيها، وعبارته جزلة وأسلوبه عالٍ، وإلا أنه أحيانًا تجد فيه نوع عسر في بعض مجملاته أو جمله ولكنه مفيد، وأعلم أن كلية اللغة العربية في جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية قد قررت ذلك في فترة من فترات تدريسها لطلابها لجودة عبارة المؤلف ولرقيها ولكونها تكسب قارئها ثروة لغوية وأسلوبًا بيانيًا جيدًا ناقلاً للمعاني حاويًا للأفكار.

هناك أيضًا "روح المعاني" للآلوسي فإنه جمَّاعة، وأيضًا يحسن النظر والتقليب وتوليد المعاني من خلال ما ينظر، وله رأيه أيضًا الذي كثيرًا ما يكون موفقًا في عرضه وفي بسطه.

لا يعني ذكرنا لهذه التفاسير أننا نرضى عن ما يقع فيها .. لا، هؤلاء بشر يخطئون كما يصيبون، ويصيبون كما يخطئون، لكن العبرة بغلبة صوابهم على خطئهم وبغلبة إيجابياتهم على هنّاتهم وكل واحد -كما قال الإمام مالك بن أنس -رحمه الله- يؤخذ من كلامه ويرد إلا صاحب هذا القبر، ويعني به المصطفى -عليه الصلاة والسلام- فإنه المعصوم.

من الكتب المعاصرة الحقيقة التي لا أظن طالب علم في البلاغة أو في البيان أو في النظر في دقائق التعبير ولطائفه أن يستغني عنه، من كتب التفسير المعاصرة التي لا يكاد يستغني عنها طالب علم متخصص في العربية وفي البلاغة بالذات: "التحرير والتنوير" تفسير "التحرير والتنوير" للشيخ الطاهر بن عاشور التونسي، وهذا الرجل مالكي المذهب إلا أنه مجتهد في مذهبه كاجتهاد شيخ الإسلام في مذهبه الحنبلي، ورجل موسوعة ومتضلع في العربية وله كتاب "الموجز في البلاغة العربية" وهو أيضًا عنده إلمام بالأصول وبالفقه وهو متخصص في ذلك، فمن ينظر إلى كتابه وإلى بيانه في التحرير يجد أن لاسم كتابه أثرًا على تفسيره فهو تحرير وتنوير، تحرير للعبارة وتنوير للذهن أيضًا بها، فالتحرير والتنوير حقيقة من الكتب التي تكاد تكون مطبقة لبعض أو لكثير من مسائل البلاغة وقواعدها وضوابطها على التنزيل، وأنا أعده -مع الفارق- زمخشري عصره الشيخ الطاهر بن عاشور يعد زمخشري عصره في العصر الراهن ولقد توفي سنة ألف وثلاثمائة وثلاثة وتسعين هجرية في السنة التي توفي فيها الشيخ محمد الأمين الشنقيطي صاحب "أضواء البيان في تفسير القرآن بالقرآن" -رحمه الله-، وهذا الكتاب كما ذكرنا لطيف جيد مع الحذر من بعض الأشعريات في الصفات مما قد يزل به القلم.

كذلك من الكتب التي يمكن أيضًا أن تكون نظرت إلى القرآن الكريم بمنظار أدبي بياني لغوي "التفسير القرآني بالقرآن" لعبد الكريم الخطيب، فلغته مشرقة وعبارته مؤدبة وأدبية، وأيضًا أساليبه راقية، وتكسب قارئها ضربًا من حصن التعبير وأيضًا من لطائف البيان وجودته.

كذلك يعد كتاب "في ظلال القرآن" لسيد قطب من الكتب التي تناولت الآية أو القرآن الحكيم بمنظار أدبي، وإن توسع السيد قطب في عباراته فهو أديب ينبغي أن يحكم على عباراته وعلى جمله في ضوء تخصصه وفي ضوء قلمه وبيانه.

ولقد حمل على سيد بعض المعاصرين وحُمّلت ألفاظه أكثر مما تتحمل.

نعم هو وغيره وقع في خطأ وقع في ذلل لكن العبرة كما ذكرنا باستقامة النهج العام وأيضًا بغلبة الحسنات على السلبيات، فحمّلت ألفاظه بأن اجتزأت من سياقاتها فالشيء أو فاللفظ والجملة إذا اجتزأت من سياقها تؤدي عكس مرادها، القرآن الحكيم وهو من عند الله جل وعز إذا اجتزأت ألفاظه أو آيات من سياقاتها تؤدي غير المراد منها مثل ? فَوَيْلٌ لِّلْمُصَلِّينَ ? [الماعون: 4] لو تقف عليها كأن هذا تهديد ووعيد لمن يصلي، لكن صلها لما بعدها يتضح المعنى ? فَوَيْلٌ لِّلْمُصَلِّينَ ?4? الَّذِينَ هُمْ عَن صَلاَتِهِمْ سَاهُونَ ? [الماعون: 4، 5] وهكذا، فأيما مؤلف ليس من الحق ولا من العدل أن نجتزئ شيء من كلامه ثم نحمله ما لا يتحمل، ينبغي أن نأخذه بحسب المقام والسياق ثم إن أخطأ نقول: إنه أخطأ في كذا وكذا بدليل كيت وكيت ونسوق له الحجة إن كان حيًا ونقنعه بها والحري بمثله أن يرجع أما إن كان ميتًا فنحسن له التأويل ونبين للناس وجه الخلل ولكن لا نصرفهم عن الكتاب كله، ولا نركب نظارة سوداء وننظر إلى الكتاب أو إلى الشخص بمنظار أسود، كلا.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير