تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

ـ[عاطف جميل الفلسطيني]ــــــــ[27 - 07 - 09, 05:32 م]ـ

أو الحذف أو الفصل أو الوصل أو التشبيهات أو الاستعارات أو الكنايات أو غير ذلك فهي علم فيه مسحة ذوق، فليس جافًا حادًا، وليس سائبًا متسيبًا، وإنما هو منضبط بقواعد في ذوق عالٍ راقٍ.

يقول: في الحلقة الماضية فرقت بين بعض العلوم كعلم النحو والبلاغة وعلم الصرف والبلاغة أيضًا فهل هناك فرق بين علم البلاغة والنقد؟.

هو الحقيقة في أصل نشأة البلاغة العربية، وكذلك النقد الأدبي هذان الفنان ظلا متصاحبين أو ممتزجين مختلطين في الدراسات -حتى في نظرات الشعر العربي في الجاهلية، وفي عصر صدر الإسلام كذلك وفي العصر الأموي- المؤلفات البلاغية التي ذكرنا طائفة منها في بدايات ذكرنا كانت مسائل البلاغة مختلطة بقضايا النقد، لماذا؟ لأن حقيقة النقد يقوم على قواعد البلاغة وضوابطها.

البلاغة سابقة للنقد.

البلاغة بشكل عامة سابقة قد يقال إن النقد سابق من حيث توجيه النقدات والتي ينبني عليها تعليلات وتنقدح منها تعريفات لكن بشكل عام، الناقد لا يستغني في البداية عن فصاحة الكلمة، يدرس فصاحة الكلمة من حيث عربيتها أو عجمتها، تعقيدها أو وضوحها، مخالفتها القياس الصرفي أو مطابقتها له، وكذلك الكلام نفسه من حيث موافقته أو مخالفته أو غرابته أو تعقيداته أو كذا هذه الأشياء الأولية.

إنها القواعد الأولية.

أي نعم.

تسبق النقد الأدبي.

نعم، كذلك الناقد ينظر في النص من حيث تأكيداته من حيث خبرًا، من حيث دلالاته إذا كان إنشاءً أهو أمر أو انتقل إلى صيغة مجازية، أهو نداء أو انتقل إلى صفة مجازية، أو استفهام أو كذا وكذلك الفصل والوصل، وكذلك الإيجاز والإطناب، وكذلك البدائع، وكذلك التشبيهات والتصويرات، كلها ضوابط بلاغية في أصلها العلمي، فالناقد يوظفها لخدمة النص واستنطاق النص الأدبي، فهناك تراضع وتعاون وتعاضد بين البلاغة والنقل؛ ولهذا في الأقسام العلمية المتخصصة سميت بذلك قسم البلاغة والنقد، فبدء بالبلاغة لكونها علمًا ثم سمي بالنقد لكونه فنًا، فبينهما تعاطف، قسم البلاغة والنقد.

يقول: ما الهدف من علم البلاغة؟ أريد توضيح ذلك بشكل مبسط وواضح لدى المشاهد الكريم؟.

الهدف من علم البلاغة أساسًا هو التعرف على النص العربي، التعرف على دلالاته وإثرائه وأيضًا تصويراته وظلاله، وكما ذكرنا إن في البلاغة كانت ذوقية عند العرب، فلما شدههم القرآن الحكيم بإعجازه وبلاغته ودقيق نظمه انبروا وأقبلوا عليه يتعرفون على دقائق ومظاهر هذا الإعجاز، فكان التعريف البلاغي، إذن علم البلاغة إن صح التعبير هي: مفتاح النص العربي من حيث تذوقه واستنطاقه واستنباط الدلالات اللغوية منه سواء في تشبيهاته أو استعاراته أو كناياته أو في تأكيداته أو في قسمه أو تعجبه.

كذلك الدلالات يا دكتور من حيث الأمر، أمر الوجوب, والنهي للتحريم وغيرها من هذه يتعلق الفقه.

نعم، لا شك دلالات الاستنباط هي كما نعلم أن الكلام قسمان خبر وإنشاء كما سيأتي معنا، والإنشاء أيضًا دربان طلبي وغير طلبي، والطلبي منه الأمر والنهي، والأمر الأصل فيه الوجوب، لكن قد ينتقل إلى الإباحة أو للتهديد أو إلى الندب أو إلى غير ذلك بحسب الدلالة وبحسب المقام أو بحسب الحالة التي سيق أو ورد الأمر في حقها.

فعلم البلاغة حقيقة هو المنظار أو الكشاف للنص العربي بشكل عام، ولا يستغني عنه مفسر ولا شارح للحديث ولا أيضًا الناظر في النص الشعري أو النثري العربي أبدًا، لأن النحو لا شك أنه يقيم الجملة ويصححها، لكن البلاغة وعلومها الثلاثة المعاني والبيان والبديع، تشرح النص إن صح التعبير وتلقي وتبحث وتجعل الباحث يلتقط الدرر والروائع في النص نفسه، ويتبصرها، أشبه بالكشاف، النص عندك مغلق، فإذا سلطت عليه ضوء البلاغة وكشافاتها من معانٍ أو بيان أو بديع تجلى لك أو أظهر درره ولمعه ودقائقه ولطائفه وصرت تتذوق ذلك النص العربي وعلى قدر ما فيه من مخزون بلاغي تستمتع بكشافك البلاغي، وعلى قدر افتقارها أو كذا أو تصليحه يظهر لك أيضًا فقره أو ضعفه من خلال الزوايا أو المعايير البلاغية التي تفعلها أو تنظر من خلالها في ذلك النص.

وهذا يا دكتور يعطي الإنسان عندما يقرأ كتاب الله -سبحانه وتعالى- نورًا وجلاءً في قلبه ويبدأ يفهم هذا الكتاب العجيب الذي أعجز الكل.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير