تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

نعم، نحن نتكلم في بنية الجمل أو الكلام، ينبني من كلمة، لأن المنطق يقتضي هذا، نبدأ في التأسيس في لبنة، في كلمة، والكلام مؤسس من كلمة، والكلمة أيضًا مؤسسة من حرف، فالكلام هنا عن الكلمة.

يشترطون لفصاحتها ولوضوحها يشترطون أن تكون جارية على النسق الصرفي على الميزان الصرفي بحيث يكون معناها واضحًا ودالاً ولا تكون مخالفة للقياس الصرفي.

مخالفة القياس الصرفي مثل: فك الإدغام في الحرفين المتماثلين مثل "ردّ" أن يقول "ردد" أو "عدّ" "عدد" أو "كدّ" "كدد".

وقد أخذوا على أبي النجم الراجز المشهور قوله" الحمد لله العلي الأجلل" كان قياسه أن يقول: "العلي الأجل" لأن اللفظين أو حرفي اللام هنا متماثلان يدغمان في حر ف مشدد.

الحمد لله العلي الأجلل ** الواهب الفضل الكريم المجزلِ

كذلك أخذوا على الشاعر قوله:

مهلاً عاذلاً قد جربت من خلقي ** أني أجود لأقوام وإن ضننو

"ضننوا" قياسه أن يقول: وإن "ضنوا"، أي: وإن بخلوا، فهنا فك الإدغام بين الحرفين المتماثلين وهما "النون".

فمخالفة القياس الثابت عن العرب في الميزان الصرفي الذي حدده النحاة وحدده الصرفيون يعد عندئذ قدحًا في الفصاحة، وعيبًا في الفصاحة.

(وإنما تكون الكلمة كذلك إذا كانت مألوفة الاستعمال بين النابهين من الكُتاب والشعراء؛ لأنها لم تتداولها ألسنتهم ولم تجر بها أقلامهم إلا لمكانها من الحسن إلا باستكمالها جميع ما تقدم من نعوت الجودة وصفات الجمال).

أشار المؤلفان عندما قال: (وإنما الكلمة كذلك) يعني تكون فصيحة (إذا كانت مألوفة الاستعمال) إذا كانت مألوفة الاستعمال عند المتخصصين، عند النبهاء عند الكُتاب، عند العرب البيانيين في زمانهم الذين حذقوا العربية وأجادوا سبكها، وأجادوا عرضها، هؤلاء هم المقياس، وهم الذين يحتذى على نمطهم وتكون الكلمة عندئذ واضحة بينة سهلة متداولة في عرفهم.

حتى يا شيخ إذا كانت مأخوذة منذ القِدم؟

في عصرنا هذا -مثلاً- نأخذ كلمات قديمة -مثلا-ً كانت متداولة بين العرب ونستخدمها الآن وهي غير مفهومة عند الناس، هل يعد ذلك ضربًا من ضروب مناقضة الفصاحة؟.

هذا سيأتينا من حيث الغرابة، غرابة الكلمة، إذا كانت الكلمة غريبة ومهجورة هجرتها ألسنة العرب الفصحاء وتركوها: لا شك أن استعمالها من هذا الباب يعد قدحًا في الفصاحة، مثل كلمة "الفدوكس" وهي للأسد، هجرت هذه الكلمة، هذه الكلمة -أيضًا- مثلها كلمة "الهرماس" أو "هرماس" أيضًا للأسد، مثل كلمة "الاستمصال" وصف لحالة الإسهال، أيضًا هذه كلمة قد هجرت ولا توجد إلا في القواميس ومعاجم العربية، فاستعمال مثل هذه الكلمات المهجورة أساسًا عند الفصحاء والنبهاء والكتاب والشعراء لم تكن سائرة ولا دائرة في بيانهم ولا في أشعارهم يعد ذلك قدحًا وغرابة -أيضًا- وفيها نوع من الغموض.

وهذا -أيضًا- يقودنا إلى:

الشرط الثاني من شروط فصاحة الكلمة وهي: أن تكون الكلمة خالية من الغرابة: واضحة خالية من الغرابة عند العرب الفصحاء، لا يعني أن القياس في هذا هو عرف العوام، السواد الأعظم من الناس عوام، فلا تعد غرابتهم للكلمة أو استغرابهم للكلمة لا يعد ميزانًا دقيقًا، وإنما الغرابة كما ذكرنا أن تكون الكلمة مهجورة عند المتخصصين، عند البيانيين، عند الشعراء، عند الكُتاب النبهاء المعترف ببيانهم المقر أيضًا بسلامة عربيتهم.

ضربوا مثالا على الغرابة: مثل التكأكؤ، كلمة "تكأكأتم" هي -فعلاً- غريبة مهجورة، وأخذوها من قول أحدهم لما سقط من دابته قال:

مالكم تكأكأتم علي كَتَكَأكُئِكُم على ذي جنة؟ افرنقعوا عني

التكأكؤ هو الاجتماع، والافرنقاع يعني ابتعدوا عني، فهي في هذا المعنى غريبة، فالميزان في هذا هو الاستعمال الفصيح عند من يعتد بكلامه.

وقد يرد سؤال وهو: هل غريب القرآن والسنة يعد غريبًا؟ هل غريب القرآن من الألفاظ الواردة في الذكر الحكيم وكذلك في السنة المطهرة يعد غريبًا؟

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير