ـ[عاطف جميل الفلسطيني]ــــــــ[27 - 07 - 09, 05:35 م]ـ
تحتاج إلى كلمات قوية جدًا ربما يكون فيه ضعف.
وهذا مقتضى البلاغة، سوق الكلام الفصيح على مقتضى الحال، بحيث يختار الكلمات الدالة على المقتضى، على الحال، على المقام الذي يريده المؤلف أو الشاعر أو الكاتب.
(ويشترط في فصاحة التركيب فوق جريان كلماته على القياس الصحيح وسهولتها أن يسلم من ضعف التأليف، وهو خروج الكلام على قواعد اللغة المطردة كرجوع الضمير على متأخر لفظًا ورتبةً في قولنا سيدنا حسان -رضي الله عنه-:
ولو أن مجدًا أخلد الدهر واحدًا ** من الناس أبقى مجده الدهر مطعمً
فإن الضمير في "مجده" راجع إلى "مطعمًا" وهو متأخر في اللفظ).
هنا في كلام المؤلفين لما قالا: (ويشترط في فصاحة التركيب) هنا إشارة إلى أنهما انتقلا من الكلام على فصاحة الكلمة إلى فصاحة التركيب.
التركيب مكون من كلمات، والكلمات في أصلها كلمة، فإذا ركبت كلمة ثم كلمة وضممت أخرى إلى أختها صار تركيبًا.
فتبين بهذا أن الشروط الأساسية في فصاحة الكلمة:
1 - أن تكون خالية من تنافر الحروف.
2 - وأن تكون خالية من الغرابة أيضًا.
3 - وأن تكون موافقة للقياس الصرفي.
هذه ثلاثة شروط في فصاحة الكلمة.
يحفظها المشاهد الكريم، يحفظها وتعلق عليها مستقبلاً، نبدأ الآن في فصاحة التركيب من حيث الجملة.
الآن ننتقل إلى فصاحة التركيب المكون من كلمات، ذُكر هنا:
الشرط الأول: (أن تكون الكلمات جارية على القياس الصحيح).
هو يشير بهذا إلى أن الكلام نفسه يشترط لفصاحته الشروط المشروطة أصلاً لفصاحة الكلمة، لابد أن يخلو الكلام من العيوب القادحة في الكلمة، من حيث تنافر حروفها، أن يكون سالمًا من ذلك، أن تكون الكلمة سالمة من مخالفة القياس الصرفي، أن تكون سالمة من البشاعة والغرابة، هذه الشروط الأساسية التي اشترطها العلماء أو البيانيون للكلمة لتكون فصيحة، لابد منها في فصاحة الكلام.
لماذا؟
لأن التركيب أو الكلام يتكون من كلمة ثم كلمة، فإذا كانت هذه الكلمة معيبة انتقل العيب إلى الكلام نفسه.
فذكر بعد ذلك بعد هذا الشرط الأساسي: (أن يكون خاليًا من ضعف التأليف) ضعف التأليف هو عرفه هنا قال: (وهو أخذ الكلام على قواعد اللغة المطردة) كلمة (المطردة) هنا الإشارة إلى أو احترازًا عن خروج الكاتب أو المتكلم عن قواعد اللغة المجمع عليها، قواعد النحو المجمع عليها.
هو كالشذوذ.
أي نعم، المجمع عليه لا يعد هذا قدحًا فقط في فصاحة الكلام، فسيعد فسادًا كأن ينصب الفاعل، أو يرفع المفعول، أو يرفع المجرور، أو يرفع اسم إن، أو ينصب اسم كان، هذه القواعد المجمع عليها والتي شهد لها التنزيل في عربيته وفي صحته لا يعد مخالفة ذلك ضعفًا في التأليف، ينبغي أن ننتبه إلى هذا، بل إن هذا الفعل يعد فسادًا ولحنًا وخطًأ، يعد خطًأ وفسادًا.
لكن هناك قواعد مشهورة وضوابط أيضًا راجحة عند علماء اللغة وعلماء النحو إذا خالفها المتكلم أو خالفها الناظم في شعره أو كذا يعد عندئذ ارتكب ضعفًا في التأليف، مثل ما ذكر هنا كرجوع الضمير على متأخر في اللفظ والرتبة: كبيت حسان هنا في قوله:
"أبقى مجده الدهر مطعمًا"
فهنا الضمير في "مجده" عائد على "مطعم" المتأخر في البيت، هو عاد على متأخر في اللفظ: يعني في النطق هنا "مطعمًا"، وفي الرتبة: لأن رتبة المفعول به أن يأتي متأخرًا عن الفعل ثم عن الفاعل.
هذا ترتيب الجملة، فعل فاعل مفعول به.
أي نعم ... أن يكون الفعل أولاً ثم الفاعل ثم المفعول، الضمير هنا لما كان معرفة لابد أن يعود على معرفة -معروف-، وأين يعود؟ ليس على مذكور في آخر الكلام بل في أوله، يعود على معروف في أوله، ومثل هذا في التنزيل قول -جل وعز- ? وَإِذِ ابْتَلَى إِبْرَاهِيمَ رَبُّهُ بِكَلِمَاتٍ فَأَتَمَّهُنَّ ? [البقرة: 124]، ففي "ربه" الضمير هنا عائد على إبراهيم وهو "الهاء" عائد على إبراهيم فهو متقدم، لما كان الضمير معرفة -ونعلم أن الضمير من أنواع المعارف-، فإنه لابد أن يعود على معروف مذكور في الكلام قبله، أي قبل الضمير، فهنا في بيت حسان أعاد الضمير على متأخر وهو "مطعمًا" فأصبح عندما يسمع السامع "مجده" يبحث عن مرجع الضمير فلا يجده إلا متأخرًا، فهذا ضعف في الكلام وفي التأليف.
لا يجد قبله يجده بعده.
¥