صحته أن يقول: "أبقى مطعمًا مجده الدهر" ومطعم هذا الذي ذكره حسان -رضي الله عنه- وهو شاعر الرسول الفحل المعروف الذي جاهد بلسانه وكان في جهاده بلسانه -رضي الله عنه- كان أشد مضاءً في قريش وفي كفارها من رشق النبال كما حكى وبين ذلك المصطفى -عليه الصلاة والسلام- دل على أهمية الشعر في هذا المقام.
"مطعم" هذا هو أحد رؤساء المشركين الذي ذب عن النبي -عليه الصلاة والسلام- وكان له مقامه، يقول: لو أن أحدًا من الناس ينفع فيه شرفه، وتخلده فضائله لكان أولى الناس هذا الرجل. لماذا؟ لأفضاله على النبي -عليه الصلاة والسلام- ولنفاحه ودفاعه عنه -عليه الصلاة والسلام-.
ومثل أن تقول: وهو مثال يتداوله البلاغيون أيضًا في كتبهم: "ضرب غلامُه زيدًا" "ضرب غلامه" هذا ضعف في التأليف، لماذا؟ لأن الضمير عائد على متأخر في اللفظ لأنه وقع آخر الكلام "زيدًا" نطقت به آخر شيء، وفي الرتبة لأنه مفعول به، فتأخر.
وصحة الكلام أن تقول: "ضرب زيدًا غلامه" من الذي ضرب زيداً؟ غلامه، "ضرب زيدًا غلامه" ? وَإِذِ ابْتَلَى إِبْرَاهِيمَ رَبُّهُ ? فيكون بهذا الصورة، على النسق وعلى الترتيب الصحيح، ولذلك نجد في الأساليب الصحفية أخطاء شائعة من هذا الباب، أو جرت على خلاف المشهور من قواعد العربية، كأن يقول: "من جهته صرح مسئول في جامعة الدول العربية" -مثلاً- "من جهته" من؟
"صرح مسئول في جامعة الدول العربية"، من جهته صرح وزير الخارجية بكذا وكذا وكذا"، المفترض أن يقول: "صرح وزير الخارجية بكذا أو أدلى وزير الخارجية بكذا وكذا من جهته بتصريح".
حتى يعود الضمير على المتأخر.
أي نعم .. لابد أن يكون الضمير وهو معرفة لابد أن يعود على معروف متقدم في الكلام، لا أن يعود إلى مجهول، وهذا ضعف في التأليف. هذا أول شرط.
(ثانيًا: ويشترط أن يسلم التركيب من تنافر الكلمات، فلا يكون اتصال بعضها ببعض مما يسبب ثقلها على السمع، وصعوبة أدائها باللسان، كقول الشاعر:
وقبر حرب بمكان قفر ** وليس قرب قبر حرب قبر
قيل إن هذا البيت لا يتهيأ لأحد أن ينشده ثلاث مرات متواليات دون أن يتعتع).
أو يتتعتع، يجوز، هو مكتوب يتتعتع ويجوز يتعتع.
(لأن اجتماع كلماته وقرب مخارج حروفها يحدثان ثقلاً ظاهرًا، مع أن كل كلمة منه لو أخذت وحدها كانت غير مستكرهة ولا ثقيلة).
صحيح هذا الشرط وهو: (أن يسلم التركيب من تنافر الكلمات) شبيه بشرطهم: (أن تكون الكلمة خالية من تنافر الحروف) لكن الجهة منفكة، هنا نلاحظ أن كل كلمة في البيت الذي استشهد ومثل به نلاحظ أن كل كلمة من كلمات هذا البيت فصيحة، لو أخذتها "قرب، وحرب، ومكان، وقفر، وليس، قرب، قبر، حرب، قبر" كلها فصيحة، لا إشكال إذا أخذت كل واحدة على حدة، لكنك إذا نظمتها ونطقت بها متسقة مع أختها تجد صعوبة في النطق، ولهذا تجد أن بعض الممتحنين الذين يمتحنون الناس في الألغاز أو في غيرها يقول: ردد هذه الكلمة "ليرة وراء ليرة" ويتحدون في ذلك، مثل أيضًا قولهم: "مرقة رقبة بقرتنا أحلى من مرقة رقبة بقرتكم" رددها، أنت عندما ترددها خمس أو ست مرات أو كذا لابد أن تتعثر في ذلك، السبب في ذلك تنافر الكلمات لقرب مخارج بعض حروفها، أو لوقوع بعضها حول بعض أو لأنها تتردد فتصبح ثقيلة على النطق، مثل أيضًا بيت أبي تمام:
كريم متى أمدحه أمدحه والورى ** معي وإذا ما لمته لمته وحدي
"أمدحه أمدحه" ثقل في الترداد، وإن كان هذا أخف من البيت المشهور، وقيل: إن هذا البيت لم يعرف قائله، وقيل: إنه من أشعار الجن، وقيل: إنه مصنوع للمعاياة أي للاختبار وكذا، فالشاهد أن الكلمات أيضًا لابد أن تكون سلسلة واضحة بحيث إن المتكلم إذا تكلم بها أوقر أو قرأها لا يتعثر لسانه.
هذا لا يدخل في الفصاحة ولا البلاغة.
أي نعم .. هذا يعد قدحًا في الفصاحة والوضوح والظهور.
(ثالثًا: ويجب أن يسلم التركيب من التعقيد اللفظي، وهو أن يكون الكلام خفي الدلالة.
يجوز "الدِّلالة" و"الدَلالة" لك فيها نطقان، بكسر الدال مشددة أو مفتوحة "الدِّلالة" "الدَلالة" لا بأس.
(وهو أن يكون الكلام خفي الدلالة على المعنى المراد بسبب تأخير الكلمات أو تقديمها عن مواطنها الأصلية أو بالفصل بين الكلمات التي يجب أن تتجاور ويتصل بعضها ببعض، فإذا قلت: "ما قرأ إلا واحدًا محمد مع كتابًا أخيه").
¥