تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

4 - ثم يقول بين التشهد والتسليم: "اللهم اغفر لي ما قدمت وما أخرت وما أسررت وما أعلنت وما أسرفت وما أنت أعلم به مني. أنت المقدم وأنت المؤخر. لا إله إلا أنت". (رواه مسلم (771)).

5 - وكان صلى الله عليه وسلم يقول إذا أمسى: " أمسينا وأمسى الملك لله والحمد لله. لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير. رب أسألك خير ما في هذه الليلة وخير ما بعدها .. " الحديث. (رواه مسلم (2723)).

6 - وكان يقول إذا أصبح: " أصبحنا وأصبح الملك لله .. " مثله. (رواه مسلم (2723)).

7 - وكان صلى الله عليه وسلم يقول عند الكرب: "لا إله إلا الله العظيم الحليم، لا إله إلا الله رب العرش العظيم، لا إله إلا الله رب السموات ورب الأرض، لا إله إلا الله رب العرش الكريم". (رواه البخاري ومسلم "جامع الأصول" (4/ 294)).

قلت: وسائر الأدعية والأذكار على هذا المنوال.

والمقصود أن النبي صلى الله عليه وسلم سد على أمته كل الذرائع المفضية إلى الغلو فيه أو في غيره من الناس بمثل هذه السنن القويمة لئلا تقع فيما وقع فيه غيرها من الأمم السابقة.

ويحسن هنا أن أختم هذا الفصل بما فصله ابن القيم رحمه الله في "إعلام الموقعين" في هذه القاعدة العظيمة، قاعدة سد الذرائع، فساق تسعة وتسعين وجهاً، ذكر منها (3/ 151 - 167):

الوجه الرابع عشر: (أنه صلى الله عليه وسلم نهى عن الصلاة عند طلوع الشمس وغروبها (1)، وكان من حكمة ذلك أنهما وقت سجود المشركين للشمس، وكان النهي عن الصلاة لله في ذلك الوقت سداً لذريعة المشابهة الظاهرة التي هي ذريعة إلى المشابهة في القصد، مع بعد هذه الذريعة، فكيف بالذرائع القريبة)؟.

الوجه الثالث والأربعون: (أنه صلى الله عليه وسلم قال: "لا تقولوا ما شاء الله وشاء محمد" (2)، وذم الخطيب الذي قال: "من يطع الله ورسوله فقد رشد ومن عصاهما فقد غوى " (3) سداً لذريعة التشريك في المعنى بالتشريك في اللفظ، وحسماً لمادة الشرك حتى في اللفظ. ولهذا قال للذي قال له: "ما شاء الله وشئت": "أجعلتني لله نداً "؟ فحسم مادة الشرك وسد الذريعة إليه في اللفظ كما سدها في الفعل والقصد. فصلاة الله وسلامه عليه وعلى آله أكمل صلاة وأتمها وأزكاها وأعمها).

الوجه التاسع والأربعون: (أنه نهاهم إذا أقيمت الصلاة أن يقوموا حتى يروه قد خرج (4)، لئلا يكون ذلك ذريعة إلى قيامهم لغير الله، ولو كانوا إنما يقصدون القيام للصلاة، لكن قيامهم قبل خروج الإمام ذريعة ولا مصلحة فيها فنهوا عنه).

الوجه التاسع والثمانون (أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى الرجل أن ينحني للرجل إذا لقيه (5) كما يفعله كثير من المنتسبين إلى العلم، ممن لا علم له بالسنة. بل يبالغون إلى أقصى حد الانحناء مبالغة في خلاف السنة جهلاً حتى يصير أحدهم بصورة الراكع لأخيه، ثم يرفع رأسه من الركوع كما يفعل إخوانهم من السجود بين يدي شيوخهم الأحياء والأموات. فهؤلاء أخذوا من الصلاة سجودها، وأولئك ركوعها وطائفة ثالثة قيامها، يقوم عليهم الناس وهم قعود كما يقومون في الصلاة، فتقاسمت الفرق الثلاث أجزاء الصلاة.

والمقصود أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن انحناء الرجل لأخيه سداً لذريعة الشرك كما نهى عن السجود لغير الله (6)، وكما نهاهم أن يقوموا في الصلاة على رأس الإمام وهو جالس (7) مع أن قيامهم عبادة لله تعالى، فما الظن إذا كان القيام تعظيماً للمخلوق وعبودية له؟ فالله المستعان) اهـ.


1: رواه البخاري (6/ 335) ومسلم (828).
2: رواه النسائي (7/ 6).
3: رواه مسلم (870).
4: رواه البخاري (2/ 119) ومسلم (604).
5: رواه أحمد (3/ 198) والترمذي (5/ 75) وحسنه، من حديث حنظلة بن عبدالله عن أنس رضي الله عنه: "أن رجلاً قال: يا رسول الله الرجل منا يلقى أخاه أو صديقه أينحني له؟ قال: لا. قال: أفيلتزمه ويقبله؟ قال: لا. قال: أفيأخذ بيده ويصافحه: قال: نعم".
قلت: حنظلة بن عبدالله فيه ضعف، ولعل الترمذي حسن حديثه لشواهده. انظر "السلسلة الصحيحة" للألباني (ح160).
¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير