فِي بَعْضِ حَاجَتِهِ، فَقَالَ: إِنَّ عِنْدِي مِنْ هَذَا عِلْمًا، سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: ((إِذَا سَمِعْتُمْ بِهِ بِأَرْضٍ فَلا تَقْدَمُوا عَلَيْهِ، وَإِذَا وَقَعَ بِأَرْضٍ وَأَنْتُمْ بِهَا، فَلا تَخْرُجُوا فِرَارًا مِنْهُ)).
قال العلامة ابن القيم ((شفاء الغليل)): ((وهذا موضع مزلة قدم، من ثبتت قدمه فاز بالنعيم المقيم، ومن زلت قدمه هوى إلى قرار الجحيم، فالنَّبىُّ صلَّى الله عليه وسلَّم أرشد أمته فى القدر ـــــــ
(9) صحيح. أخرجه الترمذى (2065) عن ابن أبى عمر العدنى، وابن عبد البر ((التمهيد)) (2/ 270) عن على بن المدينى كلاهما عن ابن عيينة عن الزهرى عن أبى خزامة عن أبيه.
وتابعهما على هذا الوجه عن الزهرى: يونس بن يزيد، وعمرو بن الحارث.
فقد أخرجه أحمد (3/ 421)، والبيهقى ((الكبرى)) (9/ 349) و ((الاعتقاد)) (ص141) كلاهما عن عمرو بن الحارث، والبيهقى (9/ 349) عن يونس، كلاهما عن الزهرى أن أبا خزامة أحد بنى الحارث بن سعد حدثه أن أباه أخبره أنه سأل رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم به.
وقد رواه ابن عيينة من وجهٍ آخر عن ابن أبى خزامة عن أبيه، وقال أبو عيسى الترمذى: ((والأول أصح)).
إلى أمرين هما سبب السعادة: الإيمان بالأقدار، فإنه نظام التوحيد، والإتيان بالأسباب التى توصل
إلى خيره وتحجز عن شره، ومنهما معا ينتظم نظام الشرع. والنَّبىُّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كان شديد الحرص على جمع الأمرين للأمَّة، وقد قال ((احرص على ما ينفعك، واستعن بالله ولا تعجز))، والعاجز من لم يتسع للأمرين)) اهـ.
وقال شيخ الإسلام أبو زكريا النووى ((شرح مسلم)) (14/ 191): ((والتداوى أيضا من قدر الله وهذا كالأمر بالدعاء، وكالأمر بقتال الكفار، وبالتحصن ومجانبة الإلقاء باليد الى التهلكة، مع أن الأجل لا يتغير والمقادير لا تتأخر، ولا تتقدم عن أوقاتها، ولابد من وقوع المقدرات)) اهـ.
وأما قوله ((لكل داء دواء)) فجائز أن يكون عاماً فى كل داءٍ، حتى الأدواء القاتلة، والأدواء التى يعجز أمهر الأطباء عن علاجها، فتكونُ لها أدويةٌ خلقها الله لتداويها وتبرئها، ولكن طوى الله علمها عن الخلق ولم ييسر سبل العلم بها، لأنه لا علم للخلق إلا ما علمهم الله، وصدق الله العظيم إذ يقول ((وفوق كل ذى علمٍ عليم)). وقد يقال: كثيرٌ من المرضى ربما يداوون فلا يبرءون!، فالجواب عن هذه المعارضة: أن الشفاء لا يحدث إلا بأمرين: أولهما إذن الله فيه وتقديره إيَّاه، وثانيهما موافقة الدواء الداء، فمتى تخلف واحدٌ منهما فلا، وهذا الجواب بيِّنٌ لمن علمه، وقدَّره حقَّ قدره.
وجائز أن يكون قوله ((لكل داء دواء)) تقويةً لنفوس المرضى لمدافعة عجزهم، وللأطباء لشد أزرهم، وحثهم على طلب الدواء والتنقيب عنه، وفى ذلك فتح لأبواب الأمل أمام المرضى، فتقوى نفوسهم، وتنبعث حرارتهم الغريزية، فتقوى أبدانهم وتدافع الأدواء، وربما أبطلت قواها، وفيه فتح لأبواب الرجاء فى استكشاف مستحدثات الأدوية، وطرق العلاج التى لم تسبق.
وأما قوله ((فَإِذَا أُصِيبَ دَوَاءُ الدَّاءِ بَرَأَ بِإِذْنِ اللهِ)) ففيه بيان أن الشافى حقيقةً هو الله، لا شافى إلا هو، ولهذا قالت عائشة: كَانَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا اشْتَكَى مِنَّا إِنْسَانٌ مَسَحَهُ بِيَمِينِهِ، ثُمَّ قَالَ: ((أَذْهِبِ الْبَاسَ رَبَّ النَّاسِ، وَاشْفِ أَنْتَ الشَّافِي، لا شِفَاءَ إِلا شِفَاؤُكَ، شِفَاءً لا يُغَادِرُ سَقَمًا))، إذ الشفاء متوقف على الإصابة بإذن الله، وذلك أن الدواء قد يحصل معه مجاوزة الحد كماً أو كيفاً فلا ينجح، بل ربما أحدث داءً آخر.
ما ورد فى تداوى رَسُولِ اللهِ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بالحجامة
¥