تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

فإذا بان لك ما قصدناه من تأثيرات أوقات الفصول والشهور والأيام على أمزجة الأبدان، وما يتعلق بها من ظهور الأعراض والأمراض أو خفائها، فاعلم أن الاختيار الأمثل للحجامة الاعتيادية يدور على ثلاثة اختيارات:

(الأول) الميقات الفصلى، وهو أشهر فصل الربيع.

(الثانى) الميقات الشهرى، وهو الربع الثالث من أرباع الشهر القمرى، وأفضله وتر أيامه وهن: سبع عشرة وتسع عشرة وإحدى وعشرين.

(الثالث) الميقات اليومى، وهو أول ساعات النهار.

وأما اختيار أيام الأسبوع للحجامة فلا يصح فيه كبير شئٍ، وأكذب شئٍ فيه وأوضعه ما رووا فى استحبابها ((الحجامة يوم الثلاثاء لسبع عشرة من الشهر دواء لداء السنة))، وكذا فى كراهتها ((يَوْمُ الثُّلاثَاءِ يَوْمُ الدَّمِ، وَفِيهِ سَاعَةٌ لا يَرْقَأ))، و ((من احتجم يوم الأربعاء ويوم السبت، فرأى وضحاً، فلا يلومنَّ إلا نفسَه))، وإنما تروى هذه الأحاديث بأسانيد واهية لا يجوز الاحتجاج بها بحالٍ، ولا ذكرها إلا تعجباً.

ولهذا قال الإمام أبو حاتم بن حبان عن الأخير منها: ((لا يحل ذكر مثل هذا الحديث في الكتب إلا على سبيل الاعتبار، لأنه موضوع ليس هذا من حديث رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم، ومن روى مثل هذا الحديث وجب مجانبة ما يروي من الأحاديث، وإن وافق الثقات في بعض الروايات)).

وسيأتى مزيد بيانٍ لهذه الأباطيل والمناكير والموضوعات فى باب خاص بها.

ـــــــــ

= طرق عن يعلى بن عطاء سمعت عمارة بن حديد يحدث عن صخر بن وداعة الغامدى به.

قلت: هذا إسناد رجاله ثقات كلهم غير عمارة بن حديد البجلى. قال أبو حاتم: مجهول. وقال أبو زرعة: لا يعرف. ولكن قال أحمد العجلى ((معرفة الثقات)) (2/ 162/1324): حجازى تابعى ثقة. وذكره ابن حبان فى ((الثقات)) (5/ 241/4666).وهذا المتن يروى عن جماعة من الصحابة يبلغوا به حد التواتر، ولهذا أورده الشيخ أبو الفيض الكتانى فى ((نظم المتناثر من الحديث المتواتر))، وذكره من حديث ثلاثة وعشرين نفساً من الصحابة.

ومما نسبوه كذباً وافتراءاً إلى على بن أبى طالبٍ من الشعر المخلوق، ما أنشدوا:

فنعم اليومُ يومَ السبت حقاً لصيدٍ إن أردت بلا امتراءِ

وفي الأحد البناءُ لأن فيه تبدى الله في خلق السماءِ

وفي الاثنين إن سافرت فيه سترجع بالنجاح وبالثراءِ

وإنْ تردْ الحجامةَ في الثلاثاءِ ففي ساعاته هرقُ الدماءِ

وإن شَرِبَ امرؤ يوماً دواءً فنعم اليومُ يومَ الأربعاءِ

وفي يوم الخميس قضاءُ حاج فإن الله يأذن بالقضاءِ

وفي الجمعات تزويجٌ وعرسٌ ولذات الرجال مع النساءِ

وهذا العلمُ لا يدريه إلا نبىٌ أو وصىُ الأنبياءِ

وقوله فى الثلاثاء ((فى ساعاته هرق الدماء)) قد تبين أنه باطل لا يحل اعتقاده!.

ومما ينبغى التحذير منه اعتقاد صلاحية فعل الحجامة فى كل الأوقات من غير مراعاة لهذه الأصول التى أسلفنا بيانها فى اختيار أمثل الأوقات لفعلها. فهذا الاعتقاد، وما ينبنى عليه من فعلها فى كافة فصول السنة الأربعة، ذو أثرٍ سئٍ، وربما أحدث ضرراً بالغاً.

ولتعليل المنع من فعلها فى الصيف مع شدة الحر على سبيل المثال، نقول:

قد علمت أن للصيف أثراً فعالاً على الدم، لعلك لاحظته من خلال ظاهرة الرعاف الذى يصيب الكثيرين مع ارتفاع حرارة الجو، حيث تزداد ميوعة الدم، وتقل لزوجته، ويكثر اختلاطه، ويقوى تدفقه، فيتحرك بسرعةٍ ويسرٍ فى الشرايين والأوردة والشعيرات، ويجرف فى طريقه تلك الرسوبات والشوائب، ويحللها، وذلك لنشاط هذين العضوين: الكبد والطحال، وزيادة فعاليتهما فى معالجة الكريات الدموية الهرمة، فيقل تجمع الكريات الكهلة والشوائب والنفايات فى أماكن الركود والكمون بالبدن، سيما الكاهل ومناطق الظهر. فإذا أجريت الحجامة والحال كذلك، تعرض الجسم لفقد دمه الجيد النشط الحاوى على الكريات الفتية، فأورثه ذلك ضعفاً ووهناً، إذ تكون الحجامة آنذاك أشبه شئٍ بعملية التبرع بالدم، مع شدة حاجة البدن إليه. أرأيت من تبرع بدمه، وما يعقب ذلك من فتورٍ وضعفٍ وهزالٍ، وما تتحمله أجهزته التعويضية من جهدٍ ومشقة لإعادة بناء الفاقد وتعويضه!!. وأما الحجامة الإضطرارية، وهى التى تفعل لضرورةٍ كمرضٍ أو عرضٍ أو ألمٍ طارئ، فهذه حيثما وجد الاحتياج إليها وجب استعمالها

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير