، دفعاً للعرض وإزالةً لأثره، من غير تحديد لوقت معين وذلك لتوافر الدواعى لفعلها، كما احتجم صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نهاراً محرماً مسافراً. وعلامتها مع المرض والألم تبيغ الدم وهياجه، ويوصى بالراحة قبلها بمدة كافية، أوبعملها فى الساعات الأولى من النهار، قبل نشاط الجسم وتحرك الدم.
بيان الأحكام الفقهية المتعلقة بالحجامة
الحمد لله الذى جعل الدعائم للإسلام أركانا، وطاعة الرسول على الإيمان دليلاً وبرهانا، فأما الذين اهتدوا فزادهم هدىً وعرفانا، وأذاق من طغى وتكبر من العذاب صنوفاً وألوانا، وتوعده فى الآخرة ذلاً وخزياً وهوانا. فلله كم فى الإيمان بالله من زاكيات الثَّمَرْ، وفى طاعة رسول الرحمن من زاهيات الزَّهَرْ، فأهله فى الدنيا مُنَعَّمون وفى الآخرة فى جناتٍ ونَهَرْ، والصلاة والسلام الأتمان على المبعوث رحمةً وهدايةً للبشرْ، ما تعاقب الليل والنهار ودار فى فلكيهما الشمس والقمرْ.
وبعد ..
لما كان للحجامة من الشيوع والاستفاضة فى أوساط المسلمين؛ فقد وضح أثر ذلك غاية الوضوح؛ فى سؤال أهل العلم عن المسائل المتعلقة بها، للتعرف على أحكامها، وأول من سئل عن أحكامها رسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، الذى أبان فضلها وبيَّن تفاصيلَها، تصديقاً لقوله جلَّ وعلا ((فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم ثم لا يجدوا فى أنفسهم حرجاً مما قضيت ويسلموا تسليما))، وقوله تعالى ((وما آتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا)). قال عبد الله بن محمد بن هارون الفريابي سمعت الشافعي يقول: سلوني عما شئتم أخبركم من كتاب الله تعالى وسنة نبيكم صلى الله عليه وسلم، فقلت له: ما تقول أصلحك الله في المحرم يقتل الزنبور؟، فقال: بسم الله الرحمن الرحيم قال الله تعالى ((وما آتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا))، وحدثنا سفيان بن عيينة عن عبد الملك بن عمير عن ربعي بن حراش عن حذيفة بن اليمان قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((اقتدوا باللذين من بعدي أبي بكر وعمر)). حدثنا سفيان بن عيينة عن مسعر بن كدام عن قيس بن مسلم عن طارق بن شهاب عن عمر بن الخطاب: أنه أمر بقتل الزنبور.
قال علماؤنا: وهذا جواب في نهاية الحسن، فقد أفتى ـ طيب الله ثراه ـ بجواز قتل الزنبور في الإحرام، وبيَّن أنه يقتدى فيه بعمر، وأن النبي صلى الله عليه وسلم أمر بالاقتداء به، وأن الله سبحانه أمر بقبول ما يقوله النبي صلى الله عليه وسلم، فجواز قتله مستنبط من الكتاب والسنة بهذا الاعتبار.
بيان حكم حجامة المحرم
(21) عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: احْتَجَمَ النَّبِيُّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ مُحْرِمٌ.
وأما احتجامه صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وهو محرم، ففيه أربع مسائل:
[المسألة الأولى] جواز الحجامة للمحرم، وأن إخراج الدم لا يقدح فى إحرامه، وبالأحرى سائر أنواع التداوى عند الحاجة.
قال أبو عيسى الترمذى: ((وقد رخص قوم من أهل العلم في الحجامة للمحرم، وقالوا: لا يحلق شعرا. وقال مالك: لا يحتجم المحرم إلا من ضرورة. وقال سفيان الثوري والشافعي: لا بأس أن يحتجم المحرم ولا ينزع شعراً)).
وقال أبو سليمان الخطابي ((معالم السنن)): ((لم يكن أكثر من كره من الفقهاء الحجامة للمحرم إلا من أجل قطع الشعر، وإن احتجم في موضع لا شعر عليه فلا بأس به، وإن قطع شعراً افتدى. وممن رخص في الحجامة للمحرم: سفيان الثوري، وأبو حنيفة وأصحابه، وهو قول الشافعي، وأحمد، وإسحاق. وقال مالك: لا يحتجم المحرم إلا من ضرورة لا بد منها. وكان الحسن يرى في الحجامة دماً يهريقه)).
ولم ينقل أحد من الصحابة أن النَّبىَّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ افتدى من حجامته هذه، مع توافر الهمم والعزائم على نقل كل أفعاله وأقواله وهيئاته فى حجته صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فدلَّ ذلك على أن حجامته برأسه لم تقتضى قطع شعر. وأما قول بعضهم: الحجامة بالرأس لا تخلو عادة عن ـــــــــ
¥