تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

قلت: وإنما قال أبو حنيفة والشافعى ما قالاه اعتماداً على هذا الإطلاق فى حديث ابن عباس، وإلا ففى رواية عكرمة عن ابن عباس ذكر ما اضطره صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إلى ذلك، وهو وجع كان برأسه، ففى ((صحيح البخارى)) (5071. فتح): حدثني محمد بن بشار ثنا ابن أبي عدي عن هشام عن عكرمة عن ابن عباس: احْتَجَمَ النَّبِيُّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي رَأْسِهِ وَهُوَ مُحْرِمٌ، مِنْ وَجَعٍ كَانَ بِهِ، بِمَاءٍ يُقَالُ لَهُ لُحْيُ جَمَلٍ. وقال محمد بن سواء أخبرنا هشام عن عكرمة عن ابن عباس: أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ احْتَجَمَ وَهُوَ مُحْرِمٌ فِي رَأْسِهِ مِنْ شَقِيقَةٍ كَانَتْ بِهِ.

[المسألة الثالثة] هل للمحتجم إن احتاج لحلق الشعر أن يحلق قفاه دون سائر الرأس؟.

أكثر أهل العلم على كراهية حلق بعض الرأس وترك بعضه، ويسمى القزع، فهو مكروه مطلقا إلا لعذر، سواء كان لرجل أو امرأة أو صبىٍ، وسواء كان في القفا أو الناصية أو وسط الرأس، وذلك لما فيه من التشويه وتقبيح الصورة، والتعليل بذلك كما قال القرطبي أشبه منه بأنه تشبه بأهل الشطارة والفساد، وبأنه زي اليهود. ويستدل لهذه الكراهة بما أخرجاه فى ((الصحيحين) واللفظ لمسلمٍ من حديث عبيد الله بن عمر أَخْبَرَنِي عُمَر بْنُ نافعٍ عَنْ أَبِيهِ عَنِ ابْنِ عُمَرَ: أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهَى عَنِ الْقَزَعِ، قَالَ: قُلْتُ لِنَافِعٍ: وَمَا الْقَزَعُ؟، قَالَ: يُحْلَقُ بَعْضُ رَأْسِ الصَّبِيِّ وَيُتْرَكُ بَعْضٌ. وبما أخرجه أحمد ومسلم وأبو داود من حديث أيوب عن نافع عن ابن عمر أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَأَى صَبِيًّا قَدْ حُلِقَ بَعْضُ شَعْرِهِ، وَتُرِكَ بَعْضُهُ، فَنَهَاهُمْ عَنْ ذَلِكَ، وَقَالَ: ((احْلِقُوهُ كُلَّهُ أَوِ اتْرُكُوهُ كُلَّهُ)).

قال شيخ الإسلام أبو زكريا النووى ((شرح مسلم)): ((القزع ـ بفتح القاف والزاى ـ هو حلق بعض الرأس مطلقا، ومنهم من قال: هو حلق مواضع متفرقة منه، والصحيح الأول لأنه تفسير الراوى مخالف للظاهر فوجب العمل به. وأجمع العلماء على كراهة القزع إلا أن يكون لمداواة ونحوها، وهى كراهة تنزيه، وكرهه مالك فى الجارية والغلام مطلقا، وقال بعض أصحابه: لا بأس به فى القصة والقفا للغلام. والحكمة فى كراهته: أنه تشويه للخلق، وقيل: لأنه زى الشرك والشطارة، وقيل: لأنه زى اليهود)).

وأما الرخصة فى القزع ـ بحلق القفا أو جزء من الرأس ـ للمداواة بالحجامة، فللضرورة فى حق الرجل، إذ كمال الحجم منوط به فأبيح لذلك، وأما فى حق المرأة، فلأن حلقها رأسها مُثلة، وللإجماع على تحريم ذلك عليها حتى عدَّه بعضهم من الكبائر، وأما حديث على بن أبى طالبٍ: نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن تحلق المرأة رأسها، فلا دلالة فيه لشدة ضعفه.

فقد أخرجه الترمذى (914)، والنسائى ((الكبرى)) (5/ 407/9297) و ((المجتبى)) (8/ 130) كلاهما عن أبى داود الطيالسي ثنا همام عن قتادة عن خلاس بن عمرو عن علي قال: نهى رسولُ الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أن تحلق المرأة رأسها.

وقال الترمذى (914/ 2): حدثنا محمد بن بشار حدثنا أبو داود عن همام عن قتادة عن خلاس نحوه ولم يذكر فيه عن علي.

قال أبو عيسى: ((حديث علي فيه اضطراب، وروي هذا الحديث عن حماد بن سلمة عن قتادة عن عائشة أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى أن تحلق المرأة رأسها)).

وفى ((علل الدارقطنى)) (3/ 195/356): ((وسئل عن حديث خلاس بن عمرو عن علي: أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى أن تحلق المرأة رأسها. فقال: رواه همام بن يحيى عن قتادة عن خلاس عن علي عن النبى صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وخالفه هشام الدستوائي وحماد بن سلمة، فروياه عن قتادة عن النبي صلى الله عليه وسلم مرسلا، والمرسل أصح)) اهـ.

قال الأثرم: سمعت أبا عبد الله أحمد بن حنبل يسئل: عن المرأة تعجز عن شعرها وعن معالجته أتأخذه على حديث ميمونة؟، قال: لأي شيء تأخذه؟، قيل له: لا تقدر على الدهن وما يصلحه وتقع فيه الدواب، قال: إذا كان لضرورة فأرجو أن لا يكون به بأس.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير