تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

وفى ((الأم)) (2/ 97) للإمام الشافعى: ((قال الربيع بن سليمان: قال الشافعي: قال بعض أصحابنا لا بأس أن يحتجم الصائم، ولا يفطره ذلك. أخبرنا مالك عن نافع عن ابن عمر: أنه كان يحتجم وهو صائم ثم ترك ذلك. وأخبرنا مالك عن هشام بن عروة: أنه لم ير أباه قط احتجم إلا وهو صائم. قال الشافعي: وهذا فتيا كثير ممن لقيت من الفقهاء، وقد روي عن النبي صلَّى الله عليه وسلم أنه قال: ((أفطر الحاجم والمحجوم) وروي عنه: أنه احتجم صائماً.

قال الشافعي: ولا أعلم واحدا منهما ثابتاً، ولو ثبت واحد منهما عن النبي صلَّى الله عليه وسلم قلت به، فكانت الحجة في قوله، ولو ترك رجل الحجامة صائما للتوقي كان أحب إلىَّ، ولو احتجم لم أره يفطره)).

وفى ((اختلاف الحديث)) (1/ 197) له: ((قال الربيع بن سليمان: قال الشافعي: أخبرنا عبد الوهاب بن عبد المجيد عن خالد الحذاء عن أبي قلابة عن أبي الأشعث الصنعاني عن شداد بن أوس قال: كنت مع النبي صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ زمان الفتح، فرأى رجلا يحتجم لثمان عشرة خلت من رمضان، فقال وهو آخذ بيدي: أفطر الحاجم والمحجوم. أخبرنا سفيان عن يزيد بن أبي زياد عن مقسم عن ابن عباس: أن رسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ احتجم محرما صائما.

قال الشافعي: وسماع شداد بن أوس عن رسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عام الفتح، ولم يكن يومئذ محرما، ولم يصحبه محرم قبل حجة الإسلام، فذكر ابن عباس حجامة النبي صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عام حجة الإسلام سنة عشر، وحديث ((أفطر الحاجم والمحجوم)) في الفتح سنة ثمان قبل حجة الإسلام بسنتين. قال الشافعي: فإن كانا ثابتين، فحديث ابن عباس ناسخ، وحديث إفطار ((الحاجم والمحجوم)) منسوخ.

قال: وإسناد الحديثين معا مشتبه، وحديث ابن عباس أمثلهما إسناداً، فإن توقى رجل الحجامة كان أحب إليَّ احتياطا، ولئلا يعرض صومه أن يضعف فيفطر، وإن احتجم فلا تفطره الحجامة إلا أن يحدث بعدها ما يفطره.

قال الشافعي: ومع حديث ابن عباس القياس؛ أن ليس الفطر من شيء يخرج من جسده إلا أن يخرج الصائم من جوفه متقيأ، وأن الرجل قد يقبل وهو متلذذ فلا يبطل صومه، ويعرق ويتوضأ ويخرج منه الخلاء والريح والبول ويغتسل ويتنور فلا يبطل صومه، وإنما يفطر من إدخال شئٍ البدن، أو التلذذ بالجماع أو التقييء، فيكون على هذا إخراج شيء من جوفه كما عمد إدخاله فيه قال: والذي أحفظ عن بعض أصحاب رسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ والتابعين وعامة المدنيين أنه: لا يفطر أحد بالحجامة)).

وقال أبو جعفر الطحاوى ((شرح معانى الآثار)) (2/ 101): ((حدثنا ابن أبى داود ثنا أبو معمر ثنا عبد الوارث عن أيوب عن عكرمة عن ابن عباس قال: احتجم رسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وهو صائم. فدل فعله هذا صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ على أن الحجامة لا تفطر الصائم، ولو كانت مما يفطر الصائم إذن لما احتجم وهو صائم. فهذا وجه هذا الباب من طريق تصحيح الآثار، وأما وجهه من طريق النظر، فإنا رأينا خروج الدم أغلظ أحواله أن يكون حدثاً ينتقض به الطهارة، وقد رأينا الغائط والبول خروجهما حدث ينتقض به الطهارة، ولا ينقض الصيام، فالنظر على ذلك أن يكون الدم كذلك، وقد رأينا الصائم لا يفطره فصد العرق، فالحجامة في النظر أيضا كذلك. وهو قول أبى حنيفة وأبى يوسف ومحمد رحمهم الله تعالى. وقد حدثنا محمد بن خزيمة ثنا حجاج ثنا حماد عن يحيى بن سعيد: أن سالم بن عبد الله والقاسم بن محمد كانا لا يريان بالحجامة للصائم، أرأيت لو احتجم على ظهر كفه أكان ذلك يفطره؟)).

وقال: ((قالوا: ليس فيما رويتموه عن النبي صلى الله عليه وسلم من قوله ((أفطر الحاجم والمحجوم))؛ ما يدل على أن ذلك الفطر كان من أجل الحجامة، قد يجوز أن يكون النبي صلى الله عليه وسلم أخبر أنهما أفطرا بمعنى آخر، وصفهما بما كانا يفعلانه حين أخبر عنهما بذلك.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير