أولاً: لو صادف يوم الاثنين أو الخميس يوم عيد هل تصومه؟ سوف تجيبني بقولك / لا، لأن النبي صلى الله عليه وآله وسلم نهى عن صوم يوم العيدين، وجوابي كجوابك لا،لأن النبي صلى الله عليه وآله وسلم نهى عن صيام يوم السبت وهل تصوم اليوم الثالث عشر من أيام التشريق باعتبار أنه أول الأيام البيض؟ فإنك سوف تقول: لا، لأن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن صيام أيام التشريق. وجوابي كجوابك لا، لأن النبي صلى الله عليه وآله وسلم نهيىعن صيام يوم السبت.
ثانياً: نقول بقول النبي صلى الله عليه وآله وسلم (من ترك شيئاً لله عوضه الله خيراً منه) صححه الألباني رحمه الله.
الإعتراض الخامس
المسألة خلافيه وبعض العلماء بل الكثير يفتي بجواز صوم السبت إذا صمت قبله الجمعه بل إن شيخ الإسلام ابن تيميه يقول في الاختيارات (لا يكره إفراد يوم السبت بصوم)؟
الجواب: الحجة فيمن هو حجة وهو الرسول صلى الله عليه وسلم ولانرد سنة رسول الله بدعوى أن بعضاً من الفقهاء خالف، فالله تعبدنا بكلامه وكلام رسوله ولم يتعبدنا بقول زيد وعمرو وهو مذهب السلف وأئمة الهدي: فكان الشافعي يقول لأحمد: أنتم أعلم بالحديث منا فإذا جاءكم الحديث الصحيح عن رسول الله فأخبرونا حتى نعمل به. وقال رحمه الله: (لا يحل لأحد استبانت له سنة من سنن رسول الله أن يدعها لقول أحدٍ من الناس). وقال الإمام أحمد: (لا تقلدني ولا مالكاً ولا الأوزاعي وخذوا من حيث أخذنا).
الإعتراض السادس
على كل حال مسائل الاجتهاد لا إنكار فيها؟
الجواب: هذا باطل من القول يلزم عليه من اللوازم الفاسدة ما يعطل جملةًَ كبيرةً من الأمر بالمعرف والنهي عن المنكر وقد أجاد العلامة ابن القيم في رد هذه المقولة في كتابه [إعلام الموقعين] حيث قال:
(وقولهم إن مسائل الاجتهاد لا إنكار فيها، إما أن يتوجه إلى القول والفتوى والعمل. أما الأول: فإذا كان القول يخالف سنة أو إجماعاً شائعاً وجب إنكاره إتفاقاً وإن لم يكن كذالك فإن بيان ضعفه ومخالفيه للدليل إنكار مثله. وأما العمل: فإذا كان على خلاف سنة أو إجماع وجب إنكاره بحسب درجات الإنكار. وكيف يقول فقيه: لا إنكار في المسائل المختلف فيها والفقهاء في سائر الطوائف قد صرحوا بنقض حكم الحاكم إذا خالف كتاباً أو سنة وإن كانا قد وافق فيه بعض العلماء. وأما إذا لم يكن في المسألة سنة ولا إجماع ولاجتهاد فيها مساغ لم تُنكر على من عمل بها مجتهداً أو مقلداً. وإنما دخل هذا اللبس من جهة إن القائل يعتقد أن مسائل الخلاف هي مسائل الإجهاد كما اعتقد ذلك طوائف من الناس ليس لهم تحقيق في العلم) أ.هـ
أقول: لا عذر عند الله يوم القيامة لمن بلغه مافي المسئله من هذا الباب وغيره من الأحاديث والآثار التي لا معارض لها إذا نبذها وراء ظهره وقلد من نهاه عن تقليده وقال لا يحل لك أن تقول بقولي إذا خالف السنة. ومسائل الخلاف درجات:
1 - مسائل تتقارب فيها المدارك وتتكافأ فيها الأدلة ويكون الحكم موكولاً إلى الاستنباط من النص الشرعي وهذا هو المعروف بالاجتهاد والحكم فيها:
أ- التناصح بين المختلفين ويكون بالمناقشات العلمية المثمرة للصواب.
ب- إذا لم يقتنع أحد الجانبين بحجة الأخر ووجهته فلا يكون ذلك داعياً إلى التغليظ والإنكار والفرقه.
ج- إذا كان عدم الاقتناع مبنياً على غير حجه كان يكون تعصباً مذهبياً أو هوى فيغلظ وينكر على صاحبه. "إذاً العبرة في المخالفة بالحجة لا بسواها "
وقال ابن المبارك: (دعوا عند المناظرة تسمية الرجال فرب رجل في الإسلام مناقبه كذا وكذا وعسى أن تكون منه زلة، أيجوز أن يستدل بها) أ. هـ والقاعدة العلمية: إن أقوال العلماء يستدل لها ولا يستدل بها.
قاعِدة:-
الحديثُ الصحيح حُجةٌ بَذاته
بادرَ بعضُ طلبةِ العلم إلى تضعيفِ حديثِ النهي عن صيام يوم السبت وَ بعضهم استغربه وَ شجعهم على ذلك أنهم وجدوا من قال من العلماء: ((لا أعلمُ أحداً من الفقهاء قال به)) وَهذا نفيٌ وَهو ليس علم، فإن من المعلوم عن أهل العلم أنَّ عدم العلم بالشئ لا يستلزمُ العلمَ بعدمه، فإذا ثبت الحديثُ عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وجبت المبادرة إلى العمل به وَلايتوقف ذلك على معرفة موقف أهل العلم منه كما قال الإمام الشافعي - رحمه الله-:-
{{يُقبلُ الخَبر في الوقت الذي يثبتُ فيه وَإن لم يمضي عملٌ من الأئمةِ بمثلِ الخَبر الذي قبلوا، إنَّ حديث رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يثبتُ بنفسه لا بعملِ غيره بعده}} أ. هـ
فحديث رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أجلُّ من أن يُستشهدَ عليه بعملِ الفقهاء فإنه أصلٌ مستقل حاكمٌ غير محكوم، قال تعالى: {وَيَوْمَ يُنَادِيهِمْ فَيَقُولُ مَاذَا أَجَبْتُمُ الْمُرْسَلِينَ}
وَلم يقل ماذا أجبتم الشيخ الفلاني؟؟!!!!!
وَ رَحِمَ اللهُ من قال:
دينُ النبيُ محمدٍ أخبارُ نِعمَ المطيةُ للفتى آثارُ
لاترغبن عن الحديثِ وَ أهلهِ فالرأيُ ليلٌ وَ الحديثُ نَهارُ
وَربما جَهِلَ الفتى سُبل الهُدى وَ الشمسُ بازغةٌ لها أنوارُ
وَ خُلاصة البحث:
صوم يوم السبت لا يجوز إلا في فريضة والله واعلم، واختم البحث بقوله تعالى: {وما آتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا}
وَصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.
كتبه/ أبوالحسن وليد بن محمد المصباحي
¥