7. إن ركبة البعير ليست في يده وإن أطلقوا عَلَى اللتين في اليدين اسم الركبة فإنما هُوَ للتغليب، أما القَوْل بأن ركبتي البعير في يديه فلا يعرف عن أهل اللغة.
والجواب عَلَى هَذِهِ العلل فِيْمَا يأتي:
1. أما قولهم إنَّهُ معارض لحديث وائل، فإن حَدِيْث وائل ضعيف، فإنه ليس يروى في الدنيا بإسناد إلا من طريق شريك، وتفرد بِهِ يزيد بن هارون.
قَالَ الدَّارَقُطْنِيّ: ((تفرد بِهِ يزيد عن شريك، وَلَمْ يحدث بِهِ عن عاصم بن كليب غَيْر شريك، وشريك ليس بالقوي فِيْمَا يتفرد بِهِ)) ().
وَقَالَ الترمذي: ((لا نعرف أحداً رَوَاهُ غَيْر شريك)) ().
وشريك يخطئ كثيراً () لا يحتج بتفرده فكيف وَقَدْ خالف هماماً، إِذْ رَوَاهُ همام، عن شقيق، قَالَ: حَدَّثَنِي عاصم بن كليب، عن أبيه، عن النَّبِيّ ? بنحو حَدِيْث شريك ().
قَالَ البيهقي: ((قَالَ عفان: هَذَا الْحَدِيْث غريب)) ().
وشقيق: مجهول لا يعرف ()، سكت عَنْهُ ابن أبي حاتم ()، وَقَالَ ابن حجر: ((مجهول)) ().
ومع ذَلِكَ نجد هماماً خالف شريكاً فأرسل الْحَدِيْث، وأسنده شريك، قَالَ البيهقي: ((هَذَا حَدِيْث يُعدُّ في أفراد شريك القاضي، وإنما تابعه همام من هَذَا الوجه مرسلاً. هكذا ذكره البخاري وغيره من الحفاظ المتقدمين رحمهم الله تَعَالَى)) ().
لذا قَالَ الحازمي في " الاعتبار ": ((والمرسل هُوَ المحفوظ)) ().
وعليه فحديث وائل فِيْهِ علتان موجبتان لضعفه: الأولى: ضعف شريك، والثانية: مخالفته لهمام في روايته.
2. أما قوله بأن الْحَدِيْث مقلوب فما هُوَ إلا من باب التجويز العقلي، وَلَوْ فتحنا هَذَا الباب ما سلم لنا شيء من الأخبار، وَقَدْ رده الشيخ علي القاري فَقَالَ: ((وقول ابن القيم أن حَدِيْث أبي هُرَيْرَة انقلب متنه عَلَى راويه فِيْهِ نظر، إِذْ لَوْ فتح هَذَا الباب لَمْ يَبْقَ اعتماد عَلَى رِوَايَة راوٍ مع كونها صحيحة)) ().
واستدلاله عليه بما رَوَاهُ ابن أبي شيبة وابن أبي داود لا يصلح سنداً لقوله، ففي كلا إسنادهما: عَبْد الله بن سعيد بن أبي شيبة المقبري، كَانَ القطان وابن مهدي لا يحدّثان عَنْهُ. وَقَالَ يحيى القطان: جلست إلى عَبْد الله بن سعيد بن أبي سعيد مجلساً فعرفت فِيْهِ، يعني: الكذب. وَقَالَ أحمد: منكر الْحَدِيْث متروك الْحَدِيْث. وَقَالَ أبو أحمد الْحَاكِم: ذاهب الْحَدِيْث ().
3. أما القَوْل بالنسخ فَقَدْ سبقه إِلَيْهِ ابن خزيمة ()، والخطابي ()، والحديث الَّذِيْ استدلوا بِهِ عَلَى النَّسْخ رَوَاهُ ابن خزيمة والبيهقي من طريق إِبْرَاهِيْم بن إِسْمَاعِيْل بن يحيى بن سلمة بن كهيل، عن أبيه، عن جده، عن سلمة، عن مصعب بن سعد بن أبي وقاص، عن أبيه فذكره.
وهذا الْحَدِيْث بهذا السند لا يصلح لإثبات حكم فضلاً عن نسخ غيره، إِذْ إن فِيْهِ راويين ضعيفين:
الأول: إِبْرَاهِيْم بن إِسْمَاعِيْل. قَالَ ابن حبان () وابن نمير (): ((في روايته عن أبيه بعض المناكير)).
الثاني: أبوه إِسْمَاعِيْل بن يحيى. قَالَ الأزدي والدارقطني: ((متروك)) ().
قَالَ الحازمي: ((أما حَدِيْث سعد ففي إسناده مقال، وَلَوْ كَانَ محفوظاً لدل عَلَى النَّسْخ، غَيْر أن المحفوظ عن مصعب، عن أبيه حَدِيْث نسخ التطبيق)) ().
وَقَالَ ابن حجر: ((وهذا لَوْ صح لكان قاطعاً للنّزاع، ولكنه من أفراد إِبْرَاهِيْم ابن إِسْمَاعِيْل بن سلمة بن كهيل، عن أبيه، وهما ضعيفان)) ().
4. وأما قولهم باضطراب متنه، فإن الَّذِيْ اتفقت عليه كلمة الْمُحَدِّثِيْنَ أن شرط الاضطراب تساوي أوجه الرِّوَايَة من غَيْر ترجيح ()، فإن ترجحت إحدى الروايات بوجه من وجوه الترجيح المعتبرة انتفى الاضطراب ().
وإذا علمنا مِمَّا مضى أن حَدِيْث مُحَمَّد بن فضيل، عن عَبْد الله بن سعيد، عن أبي هُرَيْرَة، لا تقوم الحجة بِهِ، وذلك لضعف عَبْد الله بن سعيد، فكيف تتساوى وجوه الرِّوَايَة؟!
5. أما دعوى إعلال النقاد لَهُ، فليس في كلام الإمام البخاري ما يدل عَلَى إعلاله لَهُ، فغاية مراد الإمام البخاري من قوله هَذَا تشخيص حالة التفرد، وذلك لاهتمامهم بناحية التفرد – كَمَا مضى بنا عِنْدَ كلامنا عن التفرد –.
¥