[زكاة أسهم الشركات]
ـ[آل نظيف]ــــــــ[14 - 05 - 05, 12:57 ص]ـ
زكاة أسهم الشركات (1)
مقدمة:
الحمد لله وصلاة وسلاما على رسول الله. وبعد:
فقد تتابع الناس على الاستثمار في الأسهم، وانشغلوا بذلك؛ حتى غدت ظاهرة تشمل الكبير والصغير،والغني والفقير؛ لما فيها من عوائد مجزية وسريعة، ولذا كان لزاما بيان أحكام تلك النازلة، ومن أبرزها حكم الاستثمار في الأسهم وحكم زكاتها، وقد تقدم بحث المسألة الأولى في الموقع، وأما الثانية فإليك بحثها مختصرا في مطلبين:
المطلب الأول: كيفية إخراج زكاة الأسهم (2).
اختلف فقهاء العصر في كيفية إخراج زكاة الأسهم على أقوال متعددة، أبرزها ثلاثة:
القول الأول: وجوب زكاة التجارة على الأسهم بحسب نشاط الشركة، فإن كانت صناعية فتجب الزكاة في ربحها، وإن كانت تجارية فتجب الزكاة في أسهمها ويخصم من قيمة السهم قيمة الأصول الثابتة، وهو قول الشيخ عبدالرحمن عيسى (3)، والشيخ عبدالله البسام (4) والشيخ وهبة الزحيلي (5).
القول الثاني: وجوب الزكاة في الأسهم بحسب نية المساهم ونوعية الأسهم:
1 – فإن كان المساهم تملك الأسهم للإفادة من ريعها فيزكيها بحسب نوع الشركة فإن كانت زراعية فتجب فيها زكاة الزروع وإن كانت صناعية، فإن زكاتها تكون زكاة تجارة من صافي أرباحها، وإن كانت تجارية فإن الزكاة تجب في قيمة الأسهم الحقيقية بعد حسم الأصول الثابتة والمصاريف الإدارية.
2 – وإن كان المساهم تملَّك الأسهم للمتاجرة فيها بيعاً وشراءاً، فيزكيها زكاة العروض التجارية بقيمتها السوقية مهما كان نوع الشركة المساهمة. وقال بذلك الشيخ عبدالله بن منيع (6)، والدكتور أحمد الحجي الكردي، إلا أنه سوى بين الشركات التجارية والصناعية في إيجاب زكاة التجارة على قيمة الأسهم لا على ربحها (7).
القول الثالث: وجوب زكاة التجارة في الأسهم سواء كانت أسهم شركات تجارية أم صناعية أم زراعية، وسواء تملكها للاستفادة من ريعها (8) أم للتجارة لها، وهو قول الشيخ أبي زهرة، وعبدالرحمن حسن، وعبدالوهاب خلاف، والدكتور عبدالرحمن الحلو (9)، والدكتور رفيق المصري (10)، والدكتور حسن الأمين (11)، وقال به الدكتور القرضاوي: إن كان المزكي هو الفرد المساهم، فإن كانت الشركة فأوجب زكاة التجارة في أسهم الشركات التجارية بعد خصم الأصول الثابتة، وأما الشركات الصناعية فتجب الزكاة في صافي ريعها بمقدار العشر كما في زكاة المستغلات (12).
القول الرابع: إن كان المزكي هو الشركة، فتخرج الزكاة كما يخرجها الشخص الطبيعي، فتعتبر جميع أموال المساهمين بمثابة مال شخص واحد، من حيث نوع المال الذي تجب فيه الزكاة، والنصاب والمقدار الواجب أخذه، وغير ذلك مما يراعى في زكاة الشخص الواحد، فإن كان المزكي هو المساهم فيخرج الزكاة إذا عرف من حسابات الشركة ما يخص أسهمه من الزكاة لو زكت الشركة أموالها على النحو المشار إليه، وإن لم يستطع معرفة ذلك فإن ساهم في الشركة بقصد الاستفادة من ريع الأسهم السنوي - وليس بقصد التجارة - زكاها زكاة عروض التجارة، فإذا جاء حول زكاته وهي في ملكه، زكَّى قيمتها السوقية، وإذا لم يكن لها سوق زكى قيمتها بتقويم أهل الخبرة للسهم وربحه، وهو قرار مجمع الفقه الإسلامي (13)، وأخذ به بيت الزكاة الكويتي (14)، ورجحه الدكتور الضرير (15).
أدلة الأقوال (16):
دليل القول الأول: إن الزكاة لا تجب في أدوات القنية، وقيمة أسهم الشركات الصناعية موضوعة في الآلات الصناعية والمنشآت ونحوها مما يوجب الفرق بينها وبين الشركات التجارية في الحكم.
كما أن تلك الآلات والمنشآت ليست معدة للبيع وإنما للاستغلال وبينهما فرق كبير، فلذا افترق الحكم في زكاة كل منها (17).
ونوقش: بأنَّ التفرقة بين الشركات الصناعية والتجارية بحيث تعفى الأولى من الزكاة دون الثانية، تفرقة ليس لها أساس ثابت من كتاب ولا سنة ولا إجماع ولا قياس صحيح، فالأسهم هنا وهناك رأس مال نام يدر ربحاً سنوياً متجدداً، وقد يكون ربح الثانية أعظم وأوفر من الأولى، وبهذا يمكن أن تمضي أعوام على المساهم في الشركة الصناعية بلا زكاة في أسهمه وأرباحها، بخلاف المساهم في الشركة التجارية، فالزكاة واجبة عليه كل عام في السهم وربحه وهي نتيجة يأباها عدل الشريعة (18).
¥