تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

أما صحيح البخاري فقد قرأه على أبي عبد الله محمد بن يحيى ابن زكريا المعروف بابن برطال المتوفى سنة أربع وتسعين وثلاثمائة، وقد بيّن بأن مجلسه مع هذا الشيخ كان من أجلّ المجالس العلمية التي شهدها بالأندلس حيث سمع معه صحيح البخاري عدد من الشيوخ والكهول، وقد أجازه في جميع ما رواه عنه ([18]). كما سمع موطأ مالك، وكتب التفسير لعبد الله بن نافع بن يحيى بن عبد الله الليثي المتوفى سنة سبع وستين وثلاثمائة ([19]).

ولم يقتصر ابن الفرضي على علماء قرطبة، بل إنه رحل إلى عدد من المدن الأندلسية للاستزادة من طلب العلم، فقد ذكر أنه في سنة ثنتين وسبعين وثلاثمائة كان بأشبيلية يتلقى العلم من أبي محمد الباجي ([20])، وفي السنة التالية انتقل إلى شذونه ([21]) حيث طلب العلم على ابن أبي الحزم طود بن قاسم بن أبي الفتح المتوفى سنه ست وثمانين وثلاثمائة ([22]) وفي البيرة ([23]) قرأ تفسير القرآن ليحيى بن سلام على أبي الحسن علي بن عمر بن حفص بن عمرو الخولاني المتوفى سنة أربع وثمانين وثلاثمائة ([24])، كما ذكر بأنه لقي أبا الحسن مجاهد ابن أصبغ ابن حسان بقرية وركر - بين بجانه ([25]) والمريه - وقرأ عليه كتبه الثلاثة طبقات الزمان، وفساد الزمان، والناسخ والمنسوخ هذا بالإضافة إلى كتاب شرح غريب الموطأ لابن حبيب - رحمه الله - ([26])، وبالإضافة إلى هؤلاء فقد سمع ابن الفرضي ببجانه من أبي عبد الله محمود بن حكم المتوفى سنة أربع وتسعين وثلاثمائة ([27]) وفي طليطلة من أبي الفرج عبدوس بن محمد بن عبدوس المتوفى سنة تسعين وثلاثمائة ([28])، وفي قلسانه ([29]) سمع من أبي عمرو يوسف بن محمد الهمداني المتوفى سنة ثلاث وثمانين وثلاثمائة. حيث أجاز له جميع ما رواه ([30]).

وكان يكرر الرحلة إلى البلد الواحد أكثر من مرة حينما يجد فيها ضالته من أهل العلم، فقد ذكر أنه سمع من عبد الله بن محمد بن علي الباجي في قرطبة كثيراً ثم رحل إليه بأشبيلية رحلتين سنة ثلاث وتسعين وأربع وتسعين ([31])، كما ذكر أنه تردد على شيخه عبد السلام بن السمح بن نايل الهواري في مدينة الزهراء ([32])، وأنه قرأ عليه مجموعة من الكتب ([33]).

رحلته إلى المشرق:

حينما شعر ابن الفرضي بأنه قد أخذ ما عند علماء الأندلس من علوم ومعارف رحل إلى المشرق في سنة ثنتين وثمانين وثلاثمائة حيث حج و أخذ العلم عن أبي يعقوب يوسف بن أحمد ابن الدخيل المكي ([34]) وأبي الحسن علي بن عبد الله بن جهضم ([35]) وغيرهما ([36])، ثم رحل إلى مصر حيث أخذ عن أبي بكر أحمد بن محمد بن اسماعيل البنا، وأبي بكر الخطيبي، وأبي الفتح ابن سْيُبخت، وأبي محمد الحسن بن إسماعيل الضراب وغيرهم ([37]) وفي طريق عودته مر بالقيروان حيث أخذ العلم عن أبي محمد بن أبي زيد الفقيه وأبي جعفر أحمد بن دحمون، وأحمد بن نصر الدّاودي وغيرهم ([38]).

ولم يذكر المؤرخون مدة هذه الرحلة، كما لم يذكروا تاريخاً محدداً لعودته منها، لكنه يستوحى من بعض النصوص التي ذكرها ابن الفرضي أن رحلته استغرقت حوالي ثلاث سنين فقد بدأها سنة إحدى وثمانين،كما ذكر أنه كان خلال عامي اثنتين وثمانين وثلاث وثمانين بالمشرق ([39]). أما عودته فكانت في مستهل سنة أربع وثمانين وثلاثمائة كما يفهم هذا من قوله: (وتوفي بقرطبة - عفا الله عنه - يعني إسماعيل بن إسحاق - ليلة السبت آخر يوم من صفر سنة أربع وثمانين وثلاثمائة وشهدت جنازته) ([40]).

وبالإضافة إلى هؤلاء العلماء فقد ذكر ابن الفرضي في مواضع كثيرة من كتابه عدداً من الشيوخ الذين أفاد منهم في طلب العلم إذ تجاوز عددهم خمسة وأربعين عالما ويدرك من يستقريء تاريخ مشواره العلمي الحقائق التالية:

1. أنه لم يكن يحتقر عالما، أو يستهين بأحد يتوقع أنه قد يفيده بشيء من العلم مهما كان علمه أو مكانته؛ ولهذا تنقل بين عدد من المدن الأندلسية، ومكة، ومصر، والقيروان بحثا عن علمائها، حيث كان لا يقلل من شأن أحد، فقد جلس إلى أبي محمد عبدالله بن محمد بن ربيع المتوفى سنة تسع وتسعين وثلاثمائة، وكذلك إلى رشيد بن فتح المتوفى سنة ست وتسعين وثلاثمائة، ولم يأخذ عن كل واحد منهما سوى حديث واحد فقط ([41]) كما سمع من محمد بن أحمد بن مسور على الرغم من كونه قليل العلم ([42])، بل إنه كان يجلس لأخذ بعض الحكايات، كما

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير