تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

وبالإضافة إلى هذه الكتب والمؤلفات التاريخية الأندلسية التي اعتمد عليها ابن الفرضي، فقد أخذ - أيضاً - من بعض كتابات مؤرخي المشرق حيث ذكرهم من بين مصادره، وكان من أهمهم خليفة بن خياط (ت40هـ) ([353]) والواقدي (ت207هـ) ([354]) وعبد الغني بن سعيد الأزدي (ت409هـ) ([355])، وأحمد بن محمد بن إسماعيل بن المهندس (ت385هـ) ([356])، و الإمام البخاري (ت 256هـ) ([357])، وكان اعتماده على هؤلاء المؤرخين حين الحديث عن الشخصيات المشرقية والتي لها علاقة بالمغرب مثل موسى بن نصير ([358])، وابنه عبد العزيز وغيرهما ([359]) من أهل المشرق.

كان هذا عرضاً لمصادر ابن الفرضي المكتوبة، والتي اعتمد عليها بنسب متفاوتة في كتابه تاريخ العلماء والرواة للعلم بالأندلس، وقد بدا لنا من خلال هذا العرض ما يلي:

- أن هذه المصادر كانت كثيرة ومتنوعة، وأن ابن الفرضي قد أحسن اختيارها أذ إنها تعد من أفضل ما كتب عن تاريخ الأندلس في تلك الفترة، وأن معظمها كان لعلماء يعدون من كبار علماء الأندلس آنذاك.

- حسن اختيار ابن الفرضي لمصادره حيث كان يعتمد على مصادر متخصصة علمياً أو جغرافياً حسب الأشخاص المتحدث عنهم فالمهتمون بالحديث يرجع فيهم إلى كتب الرجال، وذوي الأدب واللغة إلى من اهتموا بهذا الأمر وهكذا، بل إنه ربما اختار مصدرًا دقيقًا لتحديد جزئية من تاريخ الأشخاص كاعتماده على الأسدي في تحديد سنة الوفاة،كذلك اعتماده على الرازي فيما يتعلق بالعلماء الذين جاؤوا من مصر وهكذا.

- أنه كان لديه همة قوية، ونفس واسع في تتبع المصادر والحصول على ما يريد منها مع الدقة والأمانة في الرصد والنقل، ولهذا تراه كثيراً ما يقول: رواه فلان عن فلان، أو عن فلان، وذكر بعضه فلان، أو وجدت بعضه عند فلان، وغيرها من العبارات التي تؤكد طول نفسه، وأمانته في الرصد والنقل.

- نقده لما ينقل فقد كان لا يأخذ كل ما تذكره المصادر التاريخية على أنه قضايا مسلم بها لا تحتمل الخطأ أو التحريف والزلل، ولهذا نقد بعض ما ذكرته مصادره، كما سيبدو هذا واضحاً في آخر هذا البحث -إن شاء الله تعالى -.

ب - الاستكتاب:

من المعلوم أن المكاتبة من أساليب التحمل والأداء عند علماء المسلمين، وقد نهج هذا الأسلوب علماء الحديث وبعض المؤرخين المسلمين كالطبري -رحمه الله- في تاريخه فقد حصل على جزء كبير من مادته العلمية بواسطة الاستكتاب ([360]).

وقد كانت المكاتبة والاستكتاب من الوسائل المهمة التي نهجها ابن الفرضي في جمع مادته العلمية، ذلك أنه وبالرغم من كثرة المصادر المكتوبة التي اعتمد عليها فإنه لم يجد فيها كل ما يريد من معلومات وأخبار، كما أنه لم يستطع الإحاطة بكل ما حوله، أو استيعابه، بل حتى تصور بعض الجزئيات لاسيما وأن موضوعه متشعب إذ هو متعلق بجزئيات دقيقة من سير مئات الأفراد الذين ربما كان بعضهم في عداد المجاهيل، ولهذه الأسباب وغيرها نهج ابن الفرضي أسلوباً آخر في جمع مادته العلمية وهو المكاتبة والاستكتاب، حرصاً منه على الحصول على بعض الجزئيات التي لم يتمكن من الوصول إليها عبر المصادر المكتوبة، أو المسموعة، أو المشاهدة.

ومن خلال استقرائنا لما خلفه ابن الفرضي يتبين لنا أنه كانت له أساليبه، وطرقه المتعددة في الحصول على مادته العلمية عبر هذا النوع من المصادر، ومن أهمها ما يلي:

1. أنه كان يرسل كتباً متضمنة بعض الأسئلة والاستفسارات حول قضية معينة إلى أشخاص بعيدين عنه فيأتيه الرد مكتوباً متضمناً الجواب على سؤاله أو أسئلته، ومن ذلك قوله حينما تحدث عن الحكم بن إبراهيم بن محمد بن عابس المرادي حيث قال: (كتب إليّ يخبرني أن مولده سنة اثنتي عشرة، وأنه سمع بسرقسطة من أيوب بن معاوية، ومحمد ابن عبد الرحمن الزيادي بوشقة من عبد الله بن الحسن بن السندي …) ([361]). وكذلك قوله: (وكتب إلي بخط يده - يعني عبد الرحمن التجيبي - يذكر أنه ولد يوم السبت للنصف من شهر ربيع الأول سنة ثلاثمائة) ([362])، ومن ذلك قوله: (وأخبرنا الحسن بن إسماعيل، وكتب لي بخطه قال: نا عمر بن الربيع بن سلمان قال: حدثني أحمد بن إبراهيم قال: أنشدني طالب بن عصمة الأندلسي يمدح مالك بن أنس:

وفي الفقه والآثار ما إن يُداركُ

إمام الورى في الهدى والسمت مالك

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير