5 ـ أن هذا الجمع لا يؤخذ منه منهج البتة.
لكن يبقى أن يُذكر هنا أنه قد يرد في سياق كلام بعض العلماء نص تفسيري صريح، فإذا كان كذلك فإن جمعه والاستفادة منه مفيدة، لكن لا يؤخذ من هذه المنقولات منهج للعالم في التفسير.
قال السائل: هل القراءات السبعة هي الأحرف السبعة؟ وما القول الراجح فيها؟
الجواب: إن موضوع الأحرف السبعة من الموضوعات التي لا زالت تشغل الكثيرين، ولا يرون فيها جوابًا شافيًا، لما في هذا الموضوع من الغموض.
ولقد تصدَّى للكتابة فيه أعلام كثيرون، وأنفس ما كتب فيه كتاب الدكتور عبد العزيز بن عبد الفتاح قاري حفظه الله، وهو بعنوان (حديث الأحرف السبعة / دراسة لإسناده ومتنه واختلاف العلماء في معناه وصلته بالقراءات القرآنية).
ولقد قرأت هذا الكتاب كثيرًا واستفد منه ومن غيره ممن كتب في هذا الموضوع، ورأيت بعد فترة من قراءة هذا الموضوع أن أفصله على مباحث متتالية يتجلى فيها صلة الأحرف السبع بالرسم والقراءات والعرضة الأخيرة ... الخ، وإليك ملخص ما كتبته في هذا.
أولاً: معنى الحرف في الحديث: الوجه من وجوه القراءة.
أنواع الوجوه الواردة في اختلاف القراءات:
1 ـ اختلاف الحركات؛ أي: الإعراب: فتلقى آدم من ربه كلمات.
2 ـ اختلاف الكلمة باعد باعَدَ، وننشرهانُنشزها بظنين بضنين.
3 ـ اختلاف نطق الكلمة: جِبريل جَبريل جَبرئيل جبرئل.
4 ـ اختلاف راجع إلى الزيادة والنقص: تجري تحتها تجري من تحتها. سارعوا وسارعوا.
5 ـ اختلاف عائد إلى اللهجة الصوتية، وهذا مما يعود إليه جملة من الاختلاف المتعلق بالأداء، كالفتح والإمالة والتقليل في الضحى.
نزل القرآن على رسول الله r ، وكان على حرف واحدٍ مدة بقائه في الفترة المكية، وزمنًا كثيرًا من الفترة المدنية، ثمَّ أذن الله بالتخفيف على هذه الأمة، فأنزل الأحرف التي يجوز القراءة بها، وكان عددها سبعة أحرف في الكلمة القرآنية.
روى البخاري (ت: 256) وغيره عن ابن عباس (ت: 68)، عن رسول الله r ، قال:» أقرأني جبريل u على حرف، فراجعته، فلم أزل أستزيده ويزيدني، حتى انتهى إلى سبعة أحرف «.
وقد ورد في روايات أخرى:» كلها كاف شاف ما لم تختم آية رحمة بآية عذاب، وآية عذاب بآية رحمة «.
وورد كذلك سبب استزادة الرسول (، فقال:» لقيت جبريل عند أحجار المرا، فقلت: يا جبريل. إني أرسلت إلى أمة أمية: الرجل والمرأة والغلام والجارية والشيخ العاني الذي لم يقرأ كتابًا قط، فقال: إن القرآن أنزل على سبعة أحرف «.
وقد وقع اختلاف كبير في المراد بهذه الأحرف السبعة، وسأعرض لك ما يتعلق بهذا الموضوع في نقاط:
1 ـ أنَّ التخفيف في نزول الأحرف السبعة كان متأخرًا عن نزوله الأول، فلم يرد التخفيف إلا بعد نزول جملة كبيرة منه.
2 ـ أنَّ هذه الأحرف نزلت من عند الله، وهذا يعني أنه لا يجوز القراءة بغير ما نزل به القرآن.
3 ـ أنَّ هذه الأحرف السبعة كلام الله، وهي قرآن يقرأ به المسلمون، ومعلوم أنه لا يجوز لأحد من المسلمين أن يحذف حرفًا واحدًا من القرآن، ولا أن ينسخ شيئًا منها فلا يُقرأ به.
4 ـ أن القارئ إذا قرأ بأي منها فهو مصيب.
5 ـ أن القراءة بأي منها كاف شاف.
6 ـ أنَّ الذي يعرف هذه الأحرف المنْزلة هو الرسول r ، لذا لا تؤخذ إلا عنه، ويدل على ذلك حيث عمر وأبي في قراءة سورة الفرقان، حيث قال كل منهما: أقرأني رسول الله r .
7 ـ أنَّها نزلت تخفيفًا للأمة، وقد نزل هذا التخفيف متدرجًا، حتى صار إلى سبعة أحرف.
8 ـ أنَّ الرسول r بين سبب استزادته للأحرف، وهو اختلاف قدرات أمته الأمية التي فيها الرجل والمرأة والغلام والشيخ الكبير.
هذا ما يعطيه حديث الأحرف السبعة من الفوائد المباشرة، لكنه لا يحدِّدُ تحديدًا دقيقًا المراد بالأحرف السبعة، وهذا ما أوقع الخلاف في تفسير المراد بها.
أولاً: علاقة هذه الأحرف بالعرضة الأخيرة:
عن عائشة رضي الله عنها، قالت:» أسرَّ إليَّ رسول الله r : إنَّ حبريل كان يعارضني بالقرآن كلَّ سنة، وإنه عارضني هذا العام مرتين، ولا أُراه إلا قد حضر أجلي «.
¥